رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تماثيل الخديوى إسماعيل تثير أزمة.. و"دواستاشي": مقلدة من هواه

تمثال الخديوي إسماعيل
تمثال الخديوي إسماعيل

أثار تشوية تمثال الخديوي إسماعيل، بمدينة الإسماعيلية، جدلًا كبيرًا على الساحة الفنية، ترتب عليه تشكيل وزارة الثقافة للجنة فنية، تفحص التمثال لإصلاح ما لحق به من أضرار، دون أن تعلم الوزارة بأن التمثال ليس نسخة أصيلة من التمثال الأصلي للخديوي والمتواجدة بمدينة الإسكندرية، وأن التمثال المعتدى عليه مجرد عمل مقلد من هواه ولم يكن مصبوبًا، وهو ما يفتح ملف تماثيل الخديوي إسماعيل في مصر.

بدأت قصة صناعة تمثال الخديوي إسماعيل، عام 1927م خلال زيارة الملك أحمد فؤاد للملك فيكتور عمانويل‏، ملك إيطاليا، وبهذه المناسبة نفذت الجالية الإيطالية في مصر‏ تمثالًا للخديوي إسماعيل‏، بتبرعات من الإيطاليين المقيمين في الإسكندرية، جمعها "الكونت لاغروسي" وبلغت 13 ألف جنيه، ثم سافر إلى إيطاليا لصياغة التمثال، واختار المثال الايطالي "بيترو كالونيكا " لصناعته ولم يتم ذلك إلا في سنة ‏1935، وقام بأعمال البناء والتركيب فريق من المهندسين والبنائين الإيطاليين المعروفين في ميدان المنشية بالإسكندرية، يوم‏ 16‏ أكتوبر من ذات العام، ورفع الستار عنه الملك فاروق عام 1938، في احتفال أقامته الجالية الإيطالية التي أهدت التمثال للمدينة.

"نقل التمثال وتخزينه"
وقال الفنان الكبير عصمت داوستاشي، إن تمثال الخديوي إسماعيل، كان في النصب التذكاري بميدان المنشية، الذي أصبح الآن مكان لشهداء البحرية المعروف بالجندي المجهول.

وأكد أن التمثال مصبوب في إيطاليا من قبل النحات الإيطالي ‏بيترو كالونيكا، وكان هدية من الجالية الإيطالية بالإسكندرية، وصمم خصيصًا للخديوي إسماعيل لأنه رائد النهضة المصرية الحديثة.

وأشار إلى أن التمثال كان في المنشية ويشاور بصبعة إلى أوربا التي استهلم منها إسماعيل مؤسسات التحديث في مصر، وفي فترة محمد حمدي عاشور محافظ الاسكندرية في الستينات، وأثناء الهوجه التي حدثت في تلك الفترة تقرر رفع كل تماثيل الأسرة المالكة، ومنها تمثال الخديوي من ميدان المنشية، وكذلك الحليات والزخارف التي كانت تزين النصب التذكاري ومصنوعة من البرونز، والتي فقدت ولم نعرف عنها شيئًا، مضيفًا: تم تخزين التمثال في متحف الفنون الجملية بالمحافظة.


"تسييح التمثال"
وأضاف داوستاشي: ظهرت بعد ذلك نداءات بتسييح تمثال الخديوي لصناعة منه عملات برونزية، وأثار ذلك غضب الحكومة الإيطالية التي طالبت باسترداد التمثال لوضعه بأحد ميادين روما، ودفع المبالغ المالية التي تطلب منهم مقابل ذلك، إلا أنه تم إجهاض المشروع.

وأكمل: ظل التمثال مركون، وعقب تكليفي بمنصب مدير الفنون الجميلة في 1993، وجدت التمثال موضوع في الحديقة الخاصة بالمتحف ولم يشاهده أحد، وبجواره تمثال نوبار باشا، وكتبت للمسؤلين، وزير الثقافة فاروق حسني، ومحافظ الإسكندرية وقتها، وقائد القوات البحرية اقترح عليهم مشروع إقامة نصب للجندي المجهول في حديقة رأس التين وهو مكان يتسع للاستعراضات العسكرية وغيره من الإحتفالات، وإعادة التمثال إلى مكانة في المنشية، وإعادة تمثال نوبار باشا إلى مكانه في حديقة الشلالات، ولم يلتفت أحد ذلك، وبعد ذلك تركت المتحف، وظل الوضع كما هو، حتى فؤجئنا بوضع التمثال في محطة مصر، خلف المسرح الروماني، ويشير بيده على منطقة كوم الدكة، بعدما كان يشير على أوربا، ووضع تمثال نوبار باشا في مسرح سيد درويش، وهذا أمر عجيب، ومازال الوضع كما هو حتى الآن».


"تماثيل مقلده"
أكد "داوستاشي"، أن تمثال الخديوي إسماعيل واحدًا فقط، وهو الموجود حاليًا في الإسكندرية، فضلًا عن التماثيل النصفية، وكل التماثيل المنتشرة سواء الذي تم تشويه في الإسماعيلية، أو الموجود في أي مكان غير ذلك، ليس له علاقة بتمثال الخديوي، وأعمال ليست أصيلة وقام بتقليدها هواه من مادة البوليستر، والمسؤلين في المحافظات والمحليات جهلة في الفن، ولم يستعينوا بفنانين كبار لأخذ أرائهم.
وطالبا بضرورة تصميم نصب للجندي المجهول في حديقة رأس التين وإعادة تمثال الخديوي إلى القاعدة بعد ترميمها وتجديدها، ووضع تمثال نوبار باشا في القاعدة الخاصة به، مؤكدًا أنهم في حالة فوضى تحت مسمى تجميل الميادين، ووصلت إلى الأقليم والمحافظات.


"أخطاء في تنصيب التمثالين الأصيلي والمستنسخ"
وقال الفنان الدكتور عز الدين نجيب، إن بداية تمثال الخديوي إسماعيل، كان في ميدان المنشية بالإسكندرية الذي أنزل منه كان معدا ليكون على قاعدة مرتفعة، وهو ما يفسر ضخامة الرأس، والجزء الأعلى من التمثال عن الجزء الأسفل، وهي حسابات فنية، يضعها النحات الذي وضع التمثال، بالنظر إلى قانون المنظور الهندسي، كلما إرتفع الجزء الأعلى يقل حجمه عن الجزء الأسفل.

وتابع: مما يجعلنا ننظر إلى التمثال حاليًا وكأن هناك فيه خطأ في النسب، لأنه وضع على قاعدة منخفضة، وقد أزيل من موقعه منذ سنوات مع بداية ثورة 1952 على أساس أنه يخلد الأسرة العلوية الحاكمة، التي حكمت مصر».

وأضاف أنه تم الإلقاء بالتمثال به في مخازن متحف البلدية بالإسكندرية عشرات السنين حتى تم الكشف عنه وأعيد تنصيبه في موقعه الحالي بالقرب من ميدان السكة الحديد بالإسكندرية، متسائلًا: هل ما وضع بمدينة الإسماعيلة نسخة قديمة أصلية من التمثال، أم أنها مستنسخ من التمثال القائم في الإسكندرية؟ وكيف يوضع مثل هذا التمثال في غيبة علم وزارتي الثقافة والأثار كما ينص القانون؟.


وأوضح "نجيب" أن الأمر الذي كان يستدعي الأخذ بالشروط الفنية اللازمة لوضعه بشكل صحيح مع حساب إرتفاع القاعدة حتى يستقيم موقف النسب الفنية، مؤكدًا على أن ما تم من دهان للتمثال باللاكيه الأسود والبرونز الفضي ووضع قاعدة قبيحة ومنخفضة ومدهونه باللون الأبيض وعليها كتابات مثل لافته انتخابية يمثل جريمة فنية لا يجب أن تمر مثلما ما مر قبلها من جرائم فنية من هذا النوع.