رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الدستور" تحقق فى محاولة انتحار راهبين بـ"دير أبومقار"

الراهب فلتاؤس
الراهب فلتاؤس

- فلتاؤس قطع شرايينه وألقى بنفسه من الدور الرابع.. وإشعياء تناول مادة سامة
- عم فلتاؤس: تعرض لمحاولة قتل بـ«الحرق».. وشقيقه: صديق الراهب المجرد
- تحقيقات «مقتل أبيفانيوس»: كان على «خلافات فكرية» مع رهبان


فى تطور جديد لواقعة مقتل الأنبا أبيفانيوس، رئيس دير القديس مكاريوس الكبير، الشهير بـ«دير أبومقار» فى وادى النطرون، حاول الراهب بالدير «فلتاؤس المقارى»، البالغ من العمر ٣٠ عامًا، أمس الإثنين، الانتحار، وسط تضارب الأقوال حول طريقة انتحاره.
جاء ذلك فى الوقت الذى فجر فيه مصدر كنسى مفاجأة أخرى، تتمثل فى محاولة الراهب «إشعياء المقارى» هو الآخر، الانتحار بمادة سامة، عقب إصدار قرار تجريده من رتبته، أمس الأول.

وتباينت روايات طريقة انتحار الراهب «فلتاؤس» بداية من قطعه شرايين يده ثم إلقائه بنفسه من الطابق الرابع داخل الدير، وفق ما قالت مصادر كنسية وقضائية، وصولًا إلى أنه لم يحاول الانتحار، بل تعرض لمحاولة قتل بـ«الحرق»، حسبما كشف عمه.
وقالت مصادر قضائية إنه قطع شرايين يده داخل مسكنه، ومع فشل المحاولة استقل سيارته وتوجه إلى مبنى العيادات وصعد إلى الطابق الرابع وألقى بنفسه، ما أدى إلى إصابته بكسور.
وأيدت مصادر كنسية نفس الرواية، وقالت إن رهبان الدير سمعوا فى الساعات الأولى من صباح أمس صوت ارتطام قوى بالأرض، ليفاجأوا بعدها بإلقاء الراهب لنفسه من شرفة قلايته التى تبعد عن الأرض ٤ طوابق، فحاولوا إسعافه خاصة أن الدير يضم عددًا كبيرًا من الرهبان ذوى الخلفيات الطبية «طب- صيدلة- علاج طبيعى- علوم»، إلا أنهم فشلوا نظرًا للنزيف القوى للراهب.
نقل الراهب بعد ذلك إلى مستشفى وادى النطرون، ثم تواصل الدير مع مستشفى «الأنجلو أمريكان» بمنطقة الزمالك فى القاهرة، الذى نقل إليه فى سيارة خاصة، وبالكشف الطبى عليه تبين عدم استقرار الحالة نتيجة قطع فى الشرايين وحروق بالجسم من الدرجة الثالثة وكسور فى الساقين.
وداخل غرفة العناية المركزة رقم ٢٠٣ بمستشفى «أنجلو أمريكان» بالزمالك، حيث يرقد جسد الراهب فلتاؤس، بينما تقف والدته وشقيقه أمام بابها فى انتظار أى معلومات عن حالته الصحية، التقت «الدستور»، «أرسانييوس»، الشقيق الأصغر للراهب.
وقال «أرسانييوس»: «علمنا بالحادثة وتواجدنا فى المستشفى منذ العاشرة صباحًا، أى قبل وصول شقيقى بـ٣٠ دقيقة»، لافتًا إلى أنه طوال انتظارهم كان طاقم التمريض يطمئنهم بالقول: «المخ كويس»، فى إشارة لاستقرار الحالة، إلا أنهم لم يتمكنوا من الحصول على أى معلومة من الطبيب المعالج أو إدارة المستشفى.
بحكم الرهبنة انقطع الاتصال بين فلتاؤس وأسرته، إلا أن ما حدث فى الفترة الأخيرة من مقتل الأنبا أبيفانيوس دفعهم للتواصل معه بغرض الاطمئنان عليه، وبالفعل تواصلت معه والدته عبر مكالمة هاتفية، لكنها رفضت الإفصاح عما ورد بها، حتى لشقيقه الأصغر، وفق ما قال الأخير «الدستور».
واعترف «أرسانييوس» بأن شقيقه كان صديق الراهب إشعياء، الذى جرد من الرهبنة مؤخرًا، موضحًا: «قررا الرهبنة سويًا والتحقا بدير أبى مقار فى ذات الوقت، فضلًا عن كونهما فى سن واحدة».
«فاطمة» ممرضة بمستشفى «أنجلو أمريكان»، قالت إن الراهب فاقد الوعى منذ وصوله، نافية ما يتردد حول استجوابه من قبل أطباء، أو وجود أى آثار للحروق على جسده، بعكس ما قاله عمه «فرج منصور» لنا بأن «جسده ملىء بالحروق ما يبعد فكرة الانتحار»، متسائلًا: «إزاى هيحرق نفسه؟».
وكشفت «فاطمة» عن أن والد الراهب هو الشخص الوحيد الذى سُمح له بالدخول إلى غرفته للاطمئنان عليه.

من جهته، طلب البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، فور إخطاره بالواقعة، رفع تقارير لحظية له لحظة بلحظة، مع فتح خط اتصال دائم بين المقر البابوى والرهبان المرافقين لـ«فلتاؤس» بمستشفى «الأنجلو»، بجانب استدعاء قسم شرطة وادى النطرون الذى انتقل على الفور إلى محل الواقعة للتحقيق.
وكشفت مصادر على صلة بالدير عن أن الراهب المذكور من ضمن الرهبان المحبوبين فى الدير، ولم يرتكب أى «مخالفات»، خاصة أنه التحق بالرهبنة منذ فترة قصيرة نسبيًا لا تؤهله لأن يكون من «شيوخ الدير»، فضلًا عن تأليفه عدة إصدارات بمكتبة الدير فى مجال التاريخ الكنسى.
وعن الصورة المنتشرة- التى تجمعه بالراهب المُجرد إشعياء المقارى- قالت المصادر: «العلاقة بينهما لم تكن صداقة ولا تتعدى كونها علاقة أخوة كالتى تجمع باقى الرهبان ببعضهم البعض»، معتبرة أنه «من الطبيعى أن يجتمع الطرفان فى صور فوتوغرافية كبقية الرهبان».
وأضافت: «اسمه لم يرد بين صفوف المتهمين بقتل الأسقف الراحل، وعلاقته بالأخير جيدة، حتى إنه راجع له بحثًا كتبه عن الشهيد المسيحى تادرس المشرقى، طبع فى كتاب بعد ذلك».
وفى مفاجأة أخرى، قال مصدر كنسى إن الراهب «إشعياء المقارى» حاول الانتحار بتناول مادة سامة عقب إصدار قرار بتجريده من رتبته وطرده من مجمع الدير، مضيفًا: «تم التحفظ عليه فى العيادات الطبية من قبل النيابة العامة حتى قررت إخلاء سبيله صباح أمس الإثنين»، مؤكدًا أنه لا يزال موجودًا فى الدير حتى الآن.
وفيما يتعلق بتحقيقات نيابة وادى النطرون فى قضية مقتل الأنبا أبيفانيوس، تبين وجود ٣ كاميرات مراقبة فقط داخل الدير، واحدة أمام الكنيسة واثنتان أمام بوابة ومدخل الدير.
وقالت مصادر قضائية إن التحقيقات التى جرت برئاسة المستشار وائل بكر مع الرهبان والأساقفة والقساوسة والعاملين داخل الدير، استمرت ١٢٠ ساعة، منذ الانتقال لموقع الحادث حتى الآن، وشملت الاستماع لأقوال ٢٠ راهبًا وأسقفًا من داخل الدير.
وأضافت: «التحقيقات كانت تستمر ما يقرب من ٨ ساعات متواصلة مع الراهب الواحد، حول علاقته برئيس الدير المجنى عليه وآخر مرة شاهده فيها، وهل كان يوجد أى خلافات بينه وبين الموجودين فى الدير»، كاشفة أنه: «تبين من أقوالهم وجود خلافات بين المجنى عليه وبعض الرهبان، بسبب اختلاف المدارس الكنسية فيما بينهم».
وأشارت إلى أن وجود ٣ كاميرات مراقبة فقط داخل الدير، يزيد من صعوبة كشف لغز مقتل الأنبا أبيفانيوس، مشددة على أنه «حتى الآن ما زال الغموض يسيطر على القضية ولم يتم تحديد مرتكبى الجريمة».
وتابعت: «تقرير الطبى الشرعى لم يصل حتى الآن لفريق النيابة العامة، ومن المتوقع أن يسهم فى فك لغز القضية ونوعية الآلة الحادة المرتكب بها الجريمة».