رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الرشوة .. وأثرها المُدمر


نهي الشرع عن أكل الحرام بكل الصور والأشكال قال تعالي :

( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارةً عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً ) النساء : 29 .

وقد نبه النبي صل الله عليه وسلم .. قائلاً :

( أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً , وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين , إن الرجل يُطيل السفر أشعث أغبر يَمُدُ يديه إلي السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام , ومشربه حرام , وملبسه حرام , وغُذي بالحرام , فأني يُستجاب لذلك ) .

والمتأمل لحال الناس اليوم يري أنه عالم تغيرت فيه كثير من المبادئ والقيم , العالم قد سيطرت فيه المادة حتي تساهل بعض الناس في جمع الأموال , لا يهمهم إن أكان ذلك من حلال أو حرام , وصدق فيهم قول النبي صل الله عليه وسلم :

( يأتي علي الناس زمانٌ لا يُبالي المرء ما أخذ منه أمن الحلال أم من الحرام ) رواه البخاري .

وفي عصرنا ظهرت سلوكيات خاطئة أدت إلي تدمير المجتمع ونزع الخير منه .. وأخطر هذه السلوكيات : الرشوة ..

الرشوة من أخطر صور المال الحرام التي حذرت منها جميع الأديان السماوية , والتي تفتك بأخلاق الأمم .

وقد شدد الشرع علي حُرمة أخذها أو دفعها أو التوسط بين الراشي والمرتشي , فالثلاثة مطرودون من رحمة الله تعالي .. قال النبي :

( لعنة الله علي الراشي والمرتشي ) .

الرشوة جريمة في حق المجتمع بأثره لذلك كانت مُحرمة بأي صورة كانت , وبأي اسم سُميت , سواء تحت مُسمي الهدية أم غيرها , فالأسماء لا تغير من الحقائق شيئاً , والعبرة بالمضامين والمعاني لا بالأسماء والمسميات , ولم يُخبر القرآن عن الرشوة بلفظها صراحة لكنه ذم من كانوا يتعاملون بها وسماها سُحتاً , فقال تعالي :

( سماعون للكذب أكالون للسُحت ) المائدة :42 .

وذكر بعض المفسرين أن المراد بالسُحت هو كل ما خبث كسبه وقبح مصدره كالتعامل بالربا وأخذ الرشوة وغيرها من وجوه الكسب الحرام .

ولقد حذر النبي من الذي يستعمل نفوذه وسطوته في قضاء مصالح الناس فقال النبي : ( من استعملناه علي عمل فرزقناه رزقاً فما أخذ بعد ذلك فهو غلول ) رواه أبو داود .