رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التحية لفراشة وأيقونة المقاومة الفلسطينية




بعد ثمانية أشهر فى سجون المحتل الغاصب الصهيونى خرجت إلى الحرية الطفلة عهد التميمى، مبتسمة مشرقة كأشعة الشمس الذهبية لتقول (لقد علمنى السجن معنى الحياة)، نعم يعلم السجن ‏الإصرار والشجاعة لمن يدافعون عن الحق والعدل والسلام وقيم الإنسانية النبيلة، يعلم السجن الصمود فى وجه الأعداء الظالمين. يعلم السجن قيمة الحرية والعيش بكرامة والدفاع عن الأرض والبيت ‏والوطن.‏
من منا لم ير شعاع الأمل فى نظرة زهرة المدائن، زهرة فلسطين الطفلة عهد التميمى. من منا لم ير الشجاعة والتحدى فى عين عهد التميمى، هل ترددون معى ومع شادية (ماشفش الأمل فى ‏عيون الولاد وصبايا البلد.. ولا شاف العمل سهران فى البلاد والعزم اتولد.. ولا شاف إصرار فى عيون البشر.. بيقول أحرار ولازم ننتصر). انظروا معى ودققوا النظر فى صورة أيقونة الانتفاضة ‏الفلسطينية عهد، ترتفع اليد ترسم بالكف الصغير قوسًا من القوة والشجاعة، يحرك القوس ريح الغضب لتلطم وجه الجندى الصهيونى المتغطرس وتصفع غروره وصلفه وتوحشه، وترتفع أصوات ‏الريح الآتية بالغضب الساطع، ناطقة الأرض لنا والقدس لنا.‏
انظروا معى ودققوا فى صورة أيقونة المقاومة عهد وشاهدوا الإصرار والتحدى والجسد النحيل الشامخ الصامد أمام وحوش العدو المفترسة المحيطة بها والتى تنقض عليها فرحة بالصيد الثمين، ‏فإذا بعهد تنتفض فى وجه العدو حاملة فى وجدانها تاريخا من النضال والعزة والكرامة أرضعته أمهات فلسطين لأطفالهن من البنين والبنات، فشبوا على الجسارة وشرف الدفاع عن الأرض والبيوت ‏والأشجار والمقدسات.‏
تنتفض عهد حاملة مفاتيح البيوت الفلسطينية ولسان حالها يقول «عهد علينا نحن أبناء وبنات الشعب الفلسطينى مواصلة مسيرة نضال آبائنا وأجدادنا التى بدأت منذ ١٠٠ عام بصدور وعد بلفور ‏المشئوم، عهد علينا مواصلة ملحمة المقاومة حتى نستلم أرضنا وبيوتنا ونسلٍّم المفاتيح إلى أصحابها».‏
فى الوقت الذى كانت صفعة عهد تدوى على وجه العدو الصهيونى، كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة توجه صفعة ولطمة أخرى قوية للكيان الصهيونى والولايات المتحدة الأمريكية من خلال ‏التصويت على عروبة القدس تحت بند متحدون من أجل السلام بأغلبية ثلثى الدول الأعضاء ١٢٨ دولة من ١٧٢ حاضرة وغياب ٢١ دولة. وسبق ذلك تصويت ١٤ دولة فى مجلس الأمن (ما عدا ‏أمريكا التى استخدمت حق الفيتو) على رفض قرار دونالد ترامب المخالف للشرعية الدولية بأن القدس عاصمة أبدية لإسرائيل ووقفت أمريكا عارية وكشفت عن وجهها الحقيقى المعادى للحق والعدل ‏والسلام والشرعية الدولية، واكتملت صورة أمريكا القبيحة بالصراخ والتهديد والولولة والوعيد وهيستريا قطع المساعدات والمعونات عن الدول التى صوتت ضدها وقالت مندوبة أمريكا بلسان ‏متغطرس فج: إن الرئيس سيراقب التصويت عن كثب وقد طالب بالإبلاغ عن الدول التى تصوت ضد أمريكا.‏
لقد نص القرار الذى صوتت الدول لصالحه على «أى قرارات وإجراءات تهدف إلى تغيير طابع مدينة القدس الشريف أو مركزها أو تركيبتها الديموغرافية ليس لها أى أثر قانونى وإنها لاغية ‏وباطلة ويجب إلغاؤها امتثالا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة» وندعو فى هذا الصدد جميع الدول إلى الامتناع عن إنشاء بعثات دبلوماسية فى مدينة القدس الشريف عملا بقرار مجلس الأمن ٤٨٧ ‏لسنة ١٩٨٠، كما تطالب الدول بالامتثال لقرارات المجلس المتعلقة بالقدس وعدم الاعتراف بأى إجراءات أو تدابير مخالفة لذلك القرار.‏
إن صفعة عهد التميمى على وجه العدو الصهيونى وصفعة الشعوب العربية والدولية التى انتفضت ضد قرار ترامب، وصفعة الدول الرافضة للقرار الأمريكى فى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ‏كل هذه الصفعات توقظ الأمل وتقف بمثابة حائط صد أمام صفقة القرن، التى تُحاك لوطننا العربى من قِبل الحلف الأمريكى الصهيونى والتى يريدون بموجبها تقسيم الدول العربية على أساس عرقى ‏ومذهبى وطائفى ودخولنا فى مشروع الشرق الأوسط الكبير والدولة اليهودية فى القلب منه مع تصفية القضية الفلسطينية.‏
لا، لن تمر صفقاتكم الدنيئة التى تستهدف قيام الدولة اليهودية مع التطهير العرقى للفلسطينيين أصحاب الأرض.‏
لن تمر مؤامرة شطب قضية عودة اللاجئين إلى ديارهم وقراهم الفلسطينية، لن تمر مؤامرة تهويد القدس وهدم المسجد الأقصى، كل ذلك لن يمر بفضل استمرار المقاومة الفلسطينية الشاملة ‏والمشروعة (المسلحة والسلمية) ضد الكيان الصهيونى الغاصب المحتل الجبان.‏
لن تمر المؤامرات وستنكسر باصطدامها بصخرة صمود ومقاومة الشعب الفلسطينى وفى القلب منه الفتيات والفتيان، نساء ورجال المستقبل، ولتستمر الشعوب العربية فى فضح العدو ومقاطعته، ‏وليعمل الفلسطينيون فى الداخل على إنهاء الانقسام والتوحد على هدف دحر العدو بجميع أشكال المقاومة.. الحرية للأسرى المعتقلين فى سجون الاحتلال.. المجد للشهداء، والنصر للشعوب.. والقدس ‏لنا.‏