رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خلطة رانيا.. كيف أصبحت وزيرة السياحة ما هى عليه؟

رانيا المشاط
رانيا المشاط

وراء الملامح الشابة للدكتورة رانيا المشاط، وزيرة السياحة، رحلة عمل طويلة ربما لا تتناسب مع سنها وقبل كل هذا حلم قديم بأن تكون واحدة من صناع القرار الاقتصادى.
درست فى الجامعة الأمريكية، وتدربت فى صندوق النقد الدولى قبل أن تكون أصغر اقتصادية فيه، ثم عملت فى البنك المركزى المصرى قبل أن تعود مجددًا للصندوق الذى غادرته لتولى حقيبة السياحة.
سيرة ذاتية مليئة بالتميز والنجاحات لأول وزيرة للسياحة فى مصر، وتفاصيل حياتية أخرى ترصدها «الدستور» فى السطور التالية عن الصغيرة المجتهدة.

والدها صاحب التأثير الأكبر فى حياتها.. ولديها شقيقان يعملان بالمجال المصرفى
رانيا المشاط من مواليد مدينة الشهداء بمحافظة المنوفية، فى ٢٠ يونيو ١٩٧٥، وهى ابنة الدكتور عبدالمنعم المشاط، أحد أبطال حرب أكتوبر، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة المستقبل حاليًا.
لعب الدكتور «المشاط» دورًا كبيرًا فى تكوين شخصية ابنته، وورثت عنه جينات الحزم والاهتمام بالشأن العام والرغبة فى خدمة مصر: «كنت أرى مجالس رجال السياسة والاقتصاد فى بيتنا مع والدى وأصدقائه وهم يتباحثون فى الشأن الداخلى والتحديات الخارجية، وتمنيت أن أكون أحد صانعى القرار الاقتصادى فى مصر».
بدا مدى تأثر الوزيرة وتعلقها بوالدها عندما ظهر معها فى حفل سحور بشهر رمضان الماضى فى الاحتفالية التى أقامتها وزارة السياحة بأحد فنادق الجيزة للإعلان عن خطتها للحملة الترويجية لمصر فى كأس العالم.
ونشرت الوزيرة صورًا تجمعها بوالدها خلال فعاليات الاحتفالية على صفحتها الرسمية بموقع «تويتر» وكتبت معلقة عليها: «وسط روح كأس العالم.. أريد أن أظهر لوالدى أنه ليس فقط مدربى بل إنه كأسى الذهبى». من جانبه، يدعم الأب ابنته بنشر الأخبار التى تغطى أنشطتها فى الوزارة، على صفحاته بمواقع التواصل الاجتماعى، معبرًا عن فخره واعتزازه بها، وكان من أوائل من شاركوا صورتها أمام الرئيس عبدالفتاح السيسى وهى تؤدى اليمين الدستورية.
أما والدة الدكتورة «رانيا» فحاصلة على بكالوريوس تجارة، وكانت تعمل بالمكتبة المركزية لجامعة عين شمس، وتجمع الأم والابنة علاقة خاصة، فالأم بمثابة «وزيرة حياة» الابنة، التى تدير شئونها كاملة. وتحفظ «رانيا» الفضل لوالدتها فيما وصلت إليه من كل المناصب والنجاحات، ويكفى أن نقول إنه بمجرد أن تلقت اتصالا بتكليفها بتولى منصب وزارة السياحة اتصلت بوالدتها على الفور، وسألتها عن رأيها، فكان الرد من الأم: «مش عايزة تفكير».
وللدكتورة «رانيا» شقيقان يعملان فى المجال المصرفى بالخارج، ولم تتزوج حتى الآن.

أصغر دكتورة من جامعة ميريلاند.. وبطرس غالى ومحيى الدين رشحاها لـ«المركزى»
قبل أشهر من اختيارها وزيرة للسياحة، كانت رانيا المشاط واحدة من بين ٣٨ سيدة مصرية بارزة من أعمار ومجالات مختلفة، تناول سيرتهن كتاب «بنات النيل.. سيدات مصر يغيرن عالمهنّ»، الذى أصدرته دار النشر البريطانية «Cambridge Scholars Publishing» باللغة الإنجليزية، ووقتها كانت مسئولة بارزة عن السياسة النقدية بالبنك المركزى.
تخرجت «رانيا» فى قسم الاقتصاد بالجامعة الأمريكية فى عام ١٩٩٥، ثم سافرت إلى الولايات المتحدة وحصلت على الماجستير والدكتوراه من جامعة ميريلاند فى ١٩٩٨، وكانت أصغر من حصلت على هذه الدرجة بهذه الجامعة، ثم الدكتوراه فى ٢٠٠١، فى الاقتصاد الكلى والاقتصاد الدولى والسياسة النقدية.
فى العام ٢٠٠٧، حصلت على دبلوم إدارة الموارد البشرية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وشهادة أستاذة الاقتصاد من درجة مساعد فى ٢٠٠٨، وأخيرا شهادة السياسات العامة والإبداع القيادى من جامعة هارفارد العام قبل الماضى.
أثناء دراستها الدكتوراه، عاصرت أزمات اقتصادية عالمية أهمها الأزمة الروسية، ومع تباين الآراء عالميًا من قبل صندوق النقد والبنك الدوليين، فطنت «رانيا» إلى أهمية هاتين المؤسستين وتأثيرهما على المستوى العالمى، لتستغل الفرصة التى أتيحت لها للتدريب فى الصندوق صيف ١٩٩٨، وتصبح أصغر متدرب فى المؤسسة.
تحكى: «عُرض علىّ بعد فترة التدريب أن أكون اقتصادية فى صندوق النقد الدولى لكن هذا لم يبعدنى عن حلمى وهو أن أكون صانعة قرار اقتصادى فى بلدى».
عملت فى البداية بقسم السياسات والاستراتيجيات بالصندوق، ثم قسم آسيا، وبالتحديد على دولتى الهند وفيتنام، وكان مفيدًا لرانيا المشاط التى كانت شاهدة على تجارب دول تتعرض لأزمات اقتصادية صعبة، أن تقدم نماذج محلية جيدة ومرنة للتعافى، وساعدها هذا فى حياتها العملية عندما عادت إلى مصر.
كانت «المشاط» أصغر اقتصادية فى صندوق النقد الدولى من ٢٠٠١ واستمرت فى العمل بالمؤسسة الدولية الأبرز حتى عام ٢٠٠٥ ليختارها محافظ البنك المركزى الأسبق الدكتور فاروق العقدة، بناء على ترشيح من الدكتور يوسف بطرس غالى والدكتور محمود محيى الدين، وزيرى المالية والاستثمار السابقين، على رأس قطاع السياسات النقدية بالبنك المركزى، وهو القطاع المؤسس حديثًا وقتها.
تؤمن رانيا المشاط بأربعة مبادئ للتميز والارتقاء فى العمل، أولها التخصص والكفاءة، ثانيًا الاتصال والتواصل مع مختلف الشخصيات والمستويات بالعمل، ثالثا الثقة بالنفس التى تأتى من اكتساب الخبرة وتختلف عن العند والكبر، ورابعا الإلهام وجذب الانتباه، فلكل مقام مقال، وبالتالى سيكون للفرد التأثير المرجو منه على الجميع. وفى أغسطس ٢٠١٦، وبعد قضاء ١١ سنة فى البنك المركزى، اختار صندوق النقد الدولى «المشاط» لتولى منصب مستشار لكبير اقتصاديى الصندوق لتنتقل إلى واشنطن.

تعمل 14 ساعة يوميًا.. مستشاروها من النساء.. وزملكاوية تحب الكركديه
أثناء وجودها فى مهمة عمل لصندوق النقد فى عمان، تلقت رانيا المشاط اتصالًا تليفونيًا يخبرها بتكليفها بتولى حقيبة وزارة السياحة لتغير تذكرتها وتعود إلى القاهرة، لتصبح بنت الـ٤٣ سنة أول امرأة تجلس على مقعد وزير السياحة منذ إنشائها عام ١٩٦٦، فى حكومة المهندس شريف إسماعيل وأصغر وزيرة فى حكومة الدكتور مصطفى مدبولى.
أثار تعيينها علامات الاستفسار والتعجب داخل الوزارة والقطاع السياحى، بعد أن تركت منصبها الرفيع داخل صندوق النقد من أجل حقيبة السياحة، خاصة أنها ليست من أبناء القطاع السياحى، كما جرت العادة قبل ذلك.
تعتبر «المشاط» المنصب شرفًا لها لخدمة بلدها: «لم أستغرق وقتًا فى التفكير وقبلت الوزارة، ما دامت البلاد فى حاجة إلىّ فلن أتأخر عن خدمتها»، وتفسر سبب اختيارها من خارج القطاع السياحى بأن القيادة السياسية ترغب فى أن يُدار المنصب بطريقة اقتصادية.
فرضت «المشاط» شخصيتها على كل رؤساء القطاعات بالوزارة من الرجال منذ اللحظة الأولى لها، فلا يستطيعون التحدث لوسائل الإعلام دون الرجوع إليها مباشرة. كما ظهر اعتمادها على العنصر النسائى باختيارها أغلب الفريق المعاون لها من السيدات، فاختارت الدكتورة سهى بهجت مستشارًا للتدريب والدكتورة جيهان فتحى مستشارًا للموارد البشرية والدكتورة نورا سالم مستشارًا للعلاقات الدولية، وجميعهن من خارج الوزارة.
ومؤخرًا، اتخذت «المشاط» من هيئة التنمية السياحية بالجيزة مقرًا لإدارة الوزارة، وليكون قريبًا من محل إقامتها بمنطقة المنيل التى عاشت فيها أغلب طفولتها وشبابها قبل انتقالها إلى الولايات المتحدة لتكمل دراستها الجامعية هناك.
تبدأ «المشاط» يومها مبكرًا، فتدخل مكتبها فى تمام الساعة التاسعة صباحا ولا تتركه قبل العاشرة مساء. ومن المعروف عنها أنها لا تتعب من كثرة الاجتماعات، فباستطاعتها العمل لـ١٣ أو ١٤ ساعة يوميا.
المصادر المقربة من الوزيرة كشفت أيضا أنها معروفة بعصبيتها ودقتها الشديدة لإخراج العمل على أحسن وجه، كما أنها تؤمن بضرورة العمل وسط فريق، وأن يبذل كل فرد فيه أقصى ما لديه لإنجاح أى مهمة.
«الكركديه» من المشروبات المفضلة للوزيرة «الزملكاوية» التى لا تخفى اهتمامها بكرة القدم، وكانت تتابع مشوار المنتخب القومى فى كأس العالم الأخيرة بروسيا، وترى فى نجم ليفربول محمد صلاح «أيقونة»، كما أنها ذهبت وراء «الفراعنة» وشجعتهم من المدرجات فى مباراة روسيا. وظهر الحماس الكروى للوزيرة أيضا خلال متابعتها مباراة نهائى كأس العالم التى أقيمت بين فرنسا وكرواتيا، والتى حرصت على مشاهدتها وسط أبناء الجالية الفرنسية بالمركز الثقافى الفرنسى بالقاهرة. كانت «المشاط» على طبيعتها فى انفعالاتها أثناء هجمات الفريق الفرنسى وحسرتها على الفرص الضائعة منه ثم فرحتها بتتويج «الديوك» أبطالًا للعالم، وكانت خطوة ذكية منها الاهتمام بالسوق الفرنسية التى تعتبر من الأسواق المهمة للسياحة لمصر.