رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد فودة يكتب: المتصابى.. عودة الشيخ عمرو دياب إلى صباه بـ"التاتو والشعر الأشقر"

محمد فوده وعمرو دياب
محمد فوده وعمرو دياب

يبدو أن المطرب عمرو دياب يعز عليه أن يظل لفترة قصيرة بعيدًا عن القيل والقال، وكأنه قد استمرأ السقوط فى وحل الشائعات، واحترف فكرة أن يكون محاطًا بأضواء الشهرة، حتى وإن كان ذلك على حساب أشياء كثيرة، من بينها اسمه كمطرب كبير له مكانته الفنية، تلك المكانة التى لا يمكن بأى حال من الأحوال أن يختلف عليها اثنان.

عمرو دياب فنان كبير ومحبوب، لكنه للأسف الشديد أصبح فى الآونة الأخيرة مثل الذى يبحث عن المشاكل والذى يجرى وراء الأزمات ويتفنن فى اختلاق الأجواء الملبدة بالغموض والإثارة، ونسى أن النار حينما تشتعل فإنه من السهل أن تحترق بها أصابعه، لأن النار حينما يشتد لهيبها فإنها لا تفرق بين عدو ولا صديق.
وأنا لا أدرى ما الذى يدفع فنانًا كبيرًا مثل عمرو دياب لأن تصدر عنه مثل تلك الصغائر التى كان آخرها ظهور البوستر الإعلانى المستفز لألبومه الجديد، وهو على هذا النحو المثير للدهشة، والذى تسبب فى إثارة عاصفة من التعليقات عبر حساباته الرسمية والحساب الرسمى للشركة المنتجة للألبوم.

ظهر عمرو دياب وهو عارى الصدر، يكشف عن مجموعة من التاتوهات على ذراعيه، معللًا ذلك بأن تلك الأشياء تناسب أجواء الصيف، وتتسق على ما اعتاده الجمهور من ظهور «نيولوك» من حين لآخر، يبدو فيه وهو مفتول العضلات وكأنه يبعث برسالة إلى جمهوره أنه لا يزال يحافظ على لياقته البدنية وجاذبيته.
ولأن «الشىء حينما يزيد عن حده فإنه ينقلب ضده»، فقد جاءت هذه التاتوهات على نحو مستفز ومثير للاستياء، خاصة أن البعض رأى فى هذه «الطلة» إساءة بالغة لمسألة القدوة فى المجتمع، فالصورة التى ظهر عليها عمرو دياب لا تتناسب مع التقاليد والأعراف التى نشأ عليها المجتمع المصرى، الذى يرفض ظهور أى شخص عارى الجسد، حتى وإن كان هذا الشخص رجلًا وليس امرأة، وهو ما كان سببًا وراء هذا الكم الهائل من الرفض لظهوره وهو عارى الجسد، خاصة فى سن الستين.
ماذا ترك عمرو للشباب الذين فى عمر أبنائه؟، وهل يليق برجل فى سن الستين أن يسمح لنفسه بالظهور عارى الجسد؟ فعمرو دياب لم يعد صغيرًا فى السن حتى تصدر عنه تلك التصرفات التى يصفها البعض بالتصرفات الطائشة.
أعتقد أن تلك الصورة التى ظهر عليها عمرو دياب فى بوستر الإعلان الدعائى لا تصلح لأن تكون لشخص هو بالفعل يمثل قدوة للشباب الذين ينساقون دائمًا وراء تقليد النجوم.
ظهر دياب بشعر مصبوغ باللون البنى المائل للاصفرار، وهو اللون الذى أثار موجة من التعليقات والتخوفات لدى بعض متابعيه حول انتشار اللون الأشقر لدى الشباب والمراهقين، نظرًا لما هو معهود من تحول «نيولوك» دياب وإطلالته عند طرح كل ألبوم أو عمل فنى له إلى «موضة» وتقليعة جديدة، تظل عالقة فى أذهان الشباب فترة طويلة، إلى أن تظهر موضة جديدة تزيحها عن المشهد.
وخير دليل على ذلك ما حدث من تقليد أعمى لتصرفات البلطجة التى ظلت عدة سنوات سائدة فى المجتمع فى أعقاب بضعة أفلام قدمها النجم محمد رمضان، والتى ظهر خلالها وهو يمارس كل أشكال العنف والبلطجة.
ففى هذه الأثناء حدث تقليد له بشكل لافت للنظر من جانب الشباب الذين انساقوا وراء هذا التقليد الأعمى دون أى تفكير، فقد كانوا يرون فيه القدوة والمثل الأعلى، فتحول بالفعل- وللأسف الشديد- إلى مثل أعلى فى البلطجة واستخدام الألفاظ البذيئة والعبارات التى تخدش الحياء، بل تسبب فى إفساد الذوق العام.
وهنا أتساءل: هل أراد عمر دياب أن يظهر بشكل مختلف حتى وإن كان هذا الاختلاف مجرد شكل «تسريحة شعر» أو حتى لون هذا الشعر، مرورًا بقمصان وبدل وأحذية و«تيشيرتات» ظهر بها فى كليباته وأعماله السابقة؟ أم أن الأمر مجرد تصرف عفوى ولم يكن يخطط له أو يرتب أى شىء من أجل تنفيذه؟.
وبعيدًا عن هذا وذاك، فإننى ومن واقع معرفتى التامة بعمرو دياب أرى أن هذه الصورة المسيئة له ولتاريخه الفنى، هى تصرف متعمد، وذلك من أجل لفت الأنظار، فعمرو دياب لم يكن فى يوم من الأيام يتصرف بشكل عفوى أو طبيعى.
لذا فإننا ومن خلال ما نراه الآن، نستطيع أن نضع أيدينا على طبيعة شخصية عمرو دياب التى تتسم بالأنانية وحب الذات، والحق يقال، فإن ما فعله ولا يزال يفعله عمرو من تصرفات تتسم بالأنانية وحب الذات لم تعد خافية على أحد من جمهوره، الذى أصبح رافضًا وبشكل قاطع تلك التصرفات التى يفاجئنا بها من حين لآخر.
فى مقدمة تلك التصرفات- كما ذكرت من قبل- تلك الصورة المستفزة التى تضمنها البوستر الدعائى لأحدث ألبوماته الغنائية، وهى الصورة المرفوضة مجتمعيًا، حيث إنها بعيدة كل البعد عن المنطق، وبعيدة كل البعد عن أخلاقيات مجتمعنا الشرقى.
ويسحب عمرو دياب بظهوره بمجموعة التاتوهات المستفزة وبالشعر الأكثر استفزازًا، من رصيده الفنى الكبير، وبالطبع فإنه فى حالة الاستمرار على هذا النحو الذى يدعو إلى الدهشة والاستغراب، فقد يصل به الأمر إلى القيام بالسحب على المكشوف من هذا الرصيد ليفاجأ بأنه قد فقد جماهيريته ونجوميته فى غمضة عين.
ومن يتابع تصرفات عمرو دياب يتأكد، وبما لا يدع مجالًا للشك، أنه دائمًا يجيد فن التخطيط والترتيب لكل تصرف يصدر عنه، بل إنه يقوم بتوظيف كل شىء من أجل مصلحته الخاصة، حتى ولو كان ذلك الشىء على حساب الآخرين، ليس هذا فحسب، بل إنه فى كثير من الأحيان يكون على حساب أقرب الناس إليه.
وأكبر دليل على هذا الأمر قصته مع الفنانة دينا الشربينى التى أصبحت علاقتهما فى صدارة القصص والحكايات التى يتناقلها أهل الفن فيما بينهم، بل أصبحت تتناقلها وسائل الإعلام بشكل واضح وصريح ومباشر دون أن يحرك له ساكنًا، تاركًا الشائعات تحيط بها على الرغم من أنه على يقين من أن تلك الشائعات قد تتسبب فى تدميرها كفنانة لا تزال فى بداية حياتها الفنية، فى حين أنه فى استطاعته أن يتخلى عن أنانيته بعض الشىء، ويعلن على الملأ طبيعة تلك العلاقة التى تربط بينهما، والتى أكدت لى بعض المصادر المقربة منه أنه قد تزوجها بالفعل، وأنهما قد وضعا نهاية سعيدة لتلك العلاقة التى ظلت فترة طويلة مثار جدل ومصدرًا للشائعات.
وعلى الرغم من ذلك فإنه لم يقابل تلك الأخبار بالعقل والمنطق، فقد ظل متمسكًا بالنفى وعدم الاعتراف بتلك العلاقة، وللأسف الشديد فإنه كلما ازداد فى عناده وفى غروره، ازدادت حماقاته التى كانت فى كثير من الأحيان تضعه فى مواقف محرجة وتجعله يظهر فى شكل لا يليق بنجوميته ولا بتاريخه الفنى ولا بعمره الحقيقى، فقد كان كل تكذيب ينشره يقابله نشر صور وفيديوهات لا تقبل التشكيك، وكما هو معروف فى نظريات الإعلام فإن الصورة لا تكذب والصورة تعادل ألف كلمة، لذا تكون المحصلة النهائية التقليل من نجوميته، وأيضًا انهيار شخصية النجم فى عيون جمهوره ومعجبيه.
لقد كتبت من قبل وانتقدت تصرفات عمرو دياب فى أكثر من مناسبة، لأننى أرى أنه على الرغم من أن حياة الفنان الخاصة يجب أن تكون بعيدًا عن التناول، فإنه من حق جمهور هذا الفنان أو ذاك، أن يظل محتفظًا بصورة جميلة للفنان الذى يمثل بالنسبة له القدوة والمثل الأعلى، ومن هذا المنطلق فإن الأمر بالكامل يقع على عاتق الفنان، ويتوجب عليه أن يتحرى الدقة فى تصرفاته، وأن يزن الأمور بنوع من التعقل، وهو ما سبق وانتقدته فى تصرفات عمرو دياب، حتى وإن كان هذا الارتباط تحت أى مسمى ومجرد ارتباط سرى غير معلن، ولم يتم الإفصاح عنه من قبل إلا فى أضيق الحدود ووسط مجموعة قليلة جدًا من أصدقائهما.
فكلما كان عمرو يكذب تلك العلاقة التى تجمع بينهما، كانت تحاصرهما المشاكل، خاصة أثناء ظهورهما معًا فى عدة أماكن مختلفة.. مرة فى المطار أثناء سفرهما لقضاء أيام جميلة خارج القاهرة، ومرات فى الملهى الليلى الشهير بالزمالك، ومرات أخرى فى الساحل الشمالى، إلى جانب الكثير والكثير من اللقاءات المتكررة بينهما فى الفندق الشهير بجاردن سيتى.
هذا الأمر وإن كان يبدو طبيعيًا، إلا أنه دليل قاطع على أنانيته وحبه لذاته، فقد ترك دينا الشربينى تدفع ثمن كل هذا النفى والإنكار، كما أنه تركها أيضًا فريسة لـ«السوشيال ميديا» التى كانت ولا تزال تنهش فى سمعتها صباح مساء، بينما هى لا تستطيع حتى الدفاع عن نفسها، لأن عمرو دياب أوقعها فى تلك المعضلة بإصراره على المحافظة على اسمه وسمعته فقط، دون أن يراعى أن ذلك ربما يؤثر عليها وعلى مستقبلها الفنى.
وهنا أعود مجددًا للحديث عن تلك التصرفات الغريبة والعجيبة التى تصدر دائمًا عن عمرو دياب، مشيرًا مرة أخرى إلى قصة شعره الجديدة التى ظهر بها فى بوستر الإعلان الدعائى لألبومه الجديد، لنكتشف من خلال تحليل نفسى لتلك الصورة أن عمرو دياب يعيش مرحلة عمرية مضطربة.
وربما يكون أيضًا يمر بحالة غير مستقرة نفسيًا، وبالطبع فإن ذلك يرجع إلى إحساسه بعدم الاستقرار والبحث دائمًا عن أى شكل جديد يطل من خلاله على جمهوره ومحبيه من أجل لفت الأنظار تارة، ومن أجل خلق حالة من الجدل حوله، ربما تعيده مجددًا إلى الأضواء التى ابتعد عنها بعض الشىء مؤخرًا، فى ظل نجومية وتألق مطربين آخرين استطاعوا أن يحتلوا مكان الصدارة التى أعتقد أنه كان هو سببًا فى فقدها نتيجة ضيق أفقه وإصراره على النظر أسفل قدميه، وفوق كل هذا وذاك فإن ذلك يرجع أيضًا إلى الغرور الفنى الذى يسيطر عليه.
فعلى الرغم من أننى على قناعة تامة بأنه من حق الفنان النجم، أن يشعر بقيمته ويحس بذاته إلا أننى أرفض أن يصل به الأمر إلى كل هذا الغرور، فالغرور دائمًا يهوى بصاحبة إلى الأسفل ويضربه فى مقتل، بينما نجد الطموح، خاصة الطموح الفنى المشروع والعادل، يأخذ بيد الفنان الملتزم ويحلق به عاليًا فى سماء الإبداع والتألق ويطوف به فى دنيا النجومية التى لا أول لها ولا آخر.
لقد كتبت من قبل وتساءلت: من أين أتى عمرو دياب بلقب «الهضبة»؟ وكيف تتحول هذه الهضبة إلى مجرد وهم كبير ينهار تمامًا أمام تلك التصرفات التى تأتى من بينها صورته على هذا البوستر الدعائى لأحدث ألبوماته الغنائية، فى مشهد عبثى يدعو للرثاء على نجم كبير، ترك بمحض إرادته دنيا النجومية والتألق ليدخل ظُلمة الغباء الفنى.