رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خسوف الأهلي.. "الميركاتو" الضعيف يهدد عرش حامل اللقب

جريدة الدستور

فى نهاية الحلقة الأولى، تحدثنا عن أن واحدًا من أهم الأسباب التى تجعل الزمالك مرشحًا بقوة للفوز بدورى هذا الموسم، هو وجود قصور كبير فى صفوف الخصم الأول له، النادى الأهلى.
ما مظاهر هذا القصور الذى يعانيه «المارد الأحمر»؟، لماذا قد يعانى الفرنسى باتريس كارتيرون هذا الموسم؟، وما الصعوبات التى تنتظره؟. هذه وغيرها من التساؤلات تُجيب عنها «الدستور» فى تحليل خاص لقائمة الأهلى والشكل الذى من المفترض أن يظهر عليه هذا الموسم.

الأزمات: عدم توفير بديل لـ«عاشور».. تجاهل تعويض السعيد.. والاعتماد على سليمان
فى الخمس سنوات الأخيرة، شكل حسام غالى وحسام عاشور وعبدالله السعيد مثلث الوسط فى الأهلى، ومع نهاية الموسم المنقضى اعتزل غالى ورحل السعيد، ولم يتبق سوى القليل من حسام عاشور الذى نعرفه.
كتبنا فى منتصف الموسم الماضى - هنا فى «الدستور» - تقريرًا تحت عنوان «نهاية المسمار»، تحدثنا فيه عن الثغرة الكبيرة التى يعانيها الأهلى فى ظل تراجع رهيب لـ«عاشور»، وسط تجاهل كبير من قبل مسئولى الأهلى لهذه النقطة وتجاهلها فى التعاقدات الصيفية.
تميز حسام عاشور منذ كان ناشئًا بمردود بدنى رهيب وعطاء لا يتوقف، كان هذا هو السلاح الذى حجز به مكانًا رئيسيًا فى الفريق، لكنه مع تقدم عمره وتراجع هذا المردود البدنى بفعل الطبيعة البشرية، افتقد السلاح الوحيد الذى يمتلكه.
وإذا تغاضينا عن القصور الفج فى أداء ومقومات «عاشور» سنصطدم بأزمة أكبر، وهى أن مشاركاته بدأت فى التراجع بشكل كبير للغاية، فإما يتوقف للإصابات، أو يتوقف بفعل حصوله على الإنذارات، فمؤخرًا قلما خرج عاشور من مباراة دون إنذار.
كل هذه العوامل تجعل الأهلى فى مأزق كبير، فى ظل غياب لاعب الارتكاز الذى يُعين عمرو السولية على أداء أدواره، خاصة أن هشام محمد الذى يُجيد الهجوم أكثر، دائم الإصابات أيضًا، عوضًا عن أنه يجد مشاكل كبيرة فى التأقلم والتطور مع الأهلى.
لكن الغريب أنه فى ظل حاجة الأهلى للاعب ارتكاز جديد، وجدناه يدخل الميركاتو الصيفى على استحياء، وفاجأتنا تصريحات لجنة الكرة بأن الفريق ليس بحاجة للتدعيم، بينما فى المقابل ذهب الزمالك الذى يمتلك أفضل وسط ملعب فى مصر، إلى تدعيم هذا الخط أيضًا بالتونسى فرجانى ساسى.
أما عبدالله السعيد، الذى ظل الأهلى يبنى خططه عليه فترات طويلة، تعامل مسئولو الأهلى مع رحيله بنفس الاستخفاف، واعتقدوا أن تعويضه بلاعب شاب مثل ناصر ماهر سيكون سهلًا، ومهما اختلفنا أو اتفقنا حول قدرات «ماهر»، فإنه لم يبرهن حتى الآن على قوة شخصيته وقدرته على تحمل الضغوط والقيام بهذه المسئوليات الكبيرة، فهو ما زال صغيرًا وبحاجة للعب والتطور أكثر.
لم نر الأهلى يبحث داخل مصر أو خارجها عن لاعب فى مركز ١٠، وعندما غالى إنبى فى سعر «أفشة» انسحب كعادته، ليظل هذا المركز المهم للغاية فى حاجة للتدعيم أيضًا.
أما ثالثة الكوارث، فتتلخص فى أن لجنة الكرة بالأهلى تعول بشكل رئيسى على وليد سليمان لقيادة الفريق هجوميًا، وتعويض القصور الذى خلفه رحيل السعيد.
وهذا خطأ جسيم لعدة أسباب، أولها أن «سليمان» ضعيف جدًا من الناحية البدنية، ولا يستطيع اللعب ٩٠ دقيقة كاملة، وإذا شارك مباراتين متتاليتين طوال الـ٩٠ دقيقة فإن الإصابة ستكون حاضرة وتحرمه من اللعب لمدة تتراوح من شهر إلى شهرين على الأقل كالعادة، فكيف تجاهل أعضاء لجنة الكرة بالأهلى هذا؟.
ليس ذلك فحسب، بل إن وليد سليمان لا يمتلك نفس المهارات والإمكانيات الخاصة بـ«السعيد»، فاللعب فى عمق الملعب أمر مختلف تمامًا عن اللعب على الأطراف فى مركز الجناح، فعندما تتسلم الكرة وظهرك للخصم هذا يحتاج نوعية خاصة وقليلة من اللاعبين أمثال «السعيد».
كما أن الربط بين الدفاع والهجوم والتحكم فى «رتم» اللقاء والوقوف على الكرة ملكات خاصة، ليس «سليمان» مثل «السعيد» فيها، لذلك سيعانى الأهلى كثيرًا وسيدفع ضريبة عدم التعاقد مع لاعب جديد ليعوض رحيل صانع الألعاب السابق.

غياب الجناح المهارى السريع.. فشل ثنائية «وليد - مؤمن».. وإلقاء كل الحمل الهجومى على أزارو
هل تتوقف الكوارث الفنية فى الفريق عند هذا الحد؟، بالطبع لا، فى ظل عدم سعى مجلس إدارة الأهلى إلى التعاقد مع لاعب فى مركز الجناح.
منذ سنوات طويلة، لا يمتلك الأهلى على طرفى الملعب فى مركز الجناح، سوى مؤمن زكريا يسارًا، ووليد سليمان يمينًا، وحاول المجلس السابق بقيادة محمود طاهر علاج الأزمة، بتعاقده مع العديد من الأجنحة أمثال ميدو جابر وأحمد الشيخ وأحمد حمودى وإسلام محارب وباكا، إلا أن أحدهم لم يبرهن على أنه أفضل من المتواجدين حاليًا.
وعندما حاول حسام البدرى توظيف أجاى جناحًا لتعويض هذا القصور رغم أنه مهاجم صريح لم يكن ذلك كافيًا أيضًا، وظهر للمتابع الجيد الذى يدقق فى التفاصيل أن أزمة الأجنحة فى الأهلى هى أكبر الكوارث التى وقف مجلس الأهلى محجوب الرؤية أمامها، ولا أعرف إلى الآن كيف للجنة الكرة أن تصمت أمام ثنائية زكريا وسليمان على طرفى الملعب التى ولى عهدها وتحتاج إلى تدخل سريع قبل فوات الأوان؟.
فى الزمالك مثلا، يضم مركز الجناح كهربا يسارًا ومصطفى فتحى يمينًا، وعلى دكة البدلاء إبراهيم حسن الوافد الجديد من الإسماعيلى، وعبدالله جمعة، وأحمد مدبولى، ومحمد عنتر، هل حاول مجلس الأهلى النظر لهذه القوة الجبارة على أطراف خصمه؟.
إذا جزمنا وهذا غير صحيح، بأن مؤمن ووليد قادران على الاستمرارية بنفس عطاء سنوات ما قبل السقوط والتراجع، ألا يحتاجان لبدلاء يعوضون إصاباتهما، ويخلقون منافسة تساعدهما على خلق حوافز جديدة، وتخفف أعباء تحملهما المسئولية بمفردهما؟.. هل ما زال مجلس الأهلى معتقدًا أن ميدو جابر وحمودى اللذين فشلا على مدار سنوات فى إثبات أحقيتهما قادران على حل الأزمة وتعويض قصور الأطراف فى الأهلى؟.
مؤمن ووليد لاعبان ذكيان، يُجيدان التمركز فى مناطق حاسمة، والتسجيل، ورغم أن تلك الميزة لم تعد بنفس القوة القديمة، إلا أن أزمتهما الأبدية أنهما لا يمتلكان القدرة على المراوغة وخلق حلول فردية والدخول فى سباق سرعة على الطرف. أما فى الزمالك، فانظر كيف يستطيع مصطفى فتحى خلق الحل الفردى، وكذلك كهربا، وحتى بدلاؤهما يمتلكون السرعات والمهارات الفردية المطلوبة فى هذا المركز.
أما أجاى، فحتى إن كان ذكيًا فى التحكم بالكرة خلال موقف لاعب على لاعب، إلا أنه لا يمتلك نفس السرعات، ولا يحبذ البقاء على الأطراف، فهو يُجيد أكثر عندما يقتحم العمق ويتواجد فى مركز المهاجم الثانى، عوضًا عن أنه فى حاجة لصانع ألعاب من نوعية السعيد، يقرأ تحركاته ويرسل التمريرات الحاسمة، لذلك سيواجه الأهلى معاناة كبيرة جدًا.
لذا، مع خروج السعيد وانهيار عاشور والتراجع الكبير فى مستويات وليد سليمان ومؤمن زكريا وإصابة على معلول، أصبحت ٧٠٪ من القوة الهجومية للأهلى ترتكز على المهاجم الصريح وليد أزارو.
وعندما غاب أزارو فى نهاية الموسم المنقضى، لم يستطع الأهلى تحقيق أى فوز فى ٤ مباريات متتالية أمام الأسيوطى والزمالك، والترجى، وكمبالا سيتى، وعندما عاد مؤخرًا عرف الأهلى طعم الانتصار أمام تاون شيب وزار الشباك بفضله أولًا.
فى مباراة الذهاب، أمام الفريق البتسوانى هنا بالقاهرة، ظهر بشكل كبير أن الأهلى غير قادر على صناعة الخطورة سوى عندما يتحرك أزارو على الأطراف كثيرًا ويخلق المساحات لزملائه ويتفوق فى صراعاته الثنائية، فمؤمن زكريا بدا تائهًا، ووليد سليمان ظهر عاجزًا، ولا أحد قادر على الابتكار والبناء، فحتى على معلول تراجع بشكل كبير بسبب تمرده وسعيه الدائم للاحتراف والرحيل عن الأهلى.
من يركز فى التفاصيل يعرف أن معلول لم يعد يصعد بالشكل المعتاد ويراوغ ويصنع الفرص، ولا أحد يقوم بأدوار السعيد بشكل فعلى، وعدد مرات مرور وليد سليمان أو مؤمن زكريا من مدافعى الخصم خلال المباراتين الأخيرتين ضعيف للغاية، وهذا كله يحصر الخطورة فى قدرات المهاجم المغربى الخارقة.
هل فى ذلك أزمة؟، بالطبع سيواجه الأهلى كوارث كثيرة جدًا فى حالتين، عندما يتعرض وليد أزارو لإصابة، أو فى حال نجاح الخصم فى توقيفه وتعطيله عبر رقابة محكمة أو ضغط مزدوج من أقرب اللاعبين له.
إذا أدرك الخصوم أن قوة الأهلى حاليًا مقصورة على أزارو وأحكموا قبضتهم عليه، فالأحمر سيعانى أشد المعاناة، وهو الأمر ذاته الذى أدركه مانويل جوزيه فى ٢٠١١ حينما قال بأن قوة الزمالك فى شيكابالا فقط، وإذا أوقفه الخصوم فلن يحضر الزمالك، وهو ما تم بالفعل عندما بنى الخصوم استراتيجياتهم على تعطيل «شيكا»، وكان لهذا الموقف صدى كبير عندما غضب حسام حسن، المدير الفنى للزمالك وقتها من تصريحات البرتغالى وحديثه عن فريقه.
فى بداية الموسم، ربما لا يعانى الأهلى كثيرًا، لكن مع دخول الأجواء والتعرض لضغوط المنافسة، وإصابة بعض اللاعبين فإن المعاناة ستظهر، وسيتبين للجميع أن السقوط الكبير فى ميركاتو الصيف كان تمهيدًا لتراجع واضح.