رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

على أمين 6.. أول ليلة لـ«آدم وحواء» على الأرض

على أمين
على أمين

حواء: إننى فخورة بك، كانت فكرتك ممتازة.. وكنت سريعًا فى تحقيقها، ففى لحظات حولت أحلامك إلى حقيقة.
آدم: أية أحلام؟ وأية فكرة؟.
حواء: فكرة خروجنا من الجنة.
آدم: أنتِ صاحب هذه الفكرة.
حواء: لا تتواضع أنت الذى أوحيت إلىّ بأن أنطق بأفكارك فأنت العقل، وأنا اللسان.
آدم: أبدًا لسانك وعقلك هما اللذان أخرجانا من الجنة.. لا تظلمى عقلى، لقد عارضت رأيك وبشدة.
حواء: إنها معارضة الأذكياء، كنت تعرف أن معارضتك ستثير حماسى وعنادى، يا لك من رجل ماكر لقد درست أخلاقى وكنت تعرف أنك لو وافقتنى على الخروج من الجنة لترددت بعد فترة ثم تراجعت ثم تشككت فى سلامة الفكرة، ولكنك عارضتنى حتى لا أتردد وحتى أتحمس وحتى تنسب لى كلامًا لم يخطر على بالى.
حواء: إننى أقرأ أفكارك.
آدم: معنى هذا أننى أنا الذى أخرجتك من الجنة.
حواء: طبعًا عيبك أن ذاكرتك فقدت قوتها.. إن فكرة الخروج من الجنة جاءت منك.
آدم: يبدو أنك تندمين على الخروج من الجنة ولذلك تحاولين تحميلى مسئولية الاتجاه إلى الأرض.
حواء: كلا.. إننى مطمئنة دائمًا إلى صواب رأيك.. ولهذا لم أناقشك عندما أصررت على الخروج من الجنة.
آدم: لقد تعبت من المناقشة.. ويبدو أننا اقتربنا من الأرض.
حواء: أين هى الأرض؟ إننى لا أرى شيئًا.
آدم: هذه الكرة الصغيرة هى الأرض التى ترينها.
حواء: نعم إنها فى حجم التفاحة لا يمكن أن تتسع لنا.
آدم: ستكبر عندما نقترب منها.
حواء: هل ستتسع لبناء كوخ أعيش فيه معك؟
آدم: طبعًا ستتسع لبناء ألوف الأكواخ.
حواء: يكفينا أربعة أكواخ.. كوخ لنا وثلاثة لأولادنا، فأنا لا أحب الزحام يكفى أن يسكن الدنيا خمسة أشخاص فقط.
آدم: ولكن أولادنا الثلاثة سيكبرون.. هل سنتركهم بلا زواج يجب أن نخلق لهم زوجات.
حواء: نخلق لهم ثلاث بنات.. وبذلك لا يزيد عدد سكان الدنيا على ٨ أشخاص، إن هذا العدد سيضمن لنا الهدوء وراحة البال.
آدم: هذا العدد البسيط لن يعمر الدنيا، إن على الأرض مئات الألوف من الأسود والنمور فإذا اكتشفت أن عدد السكان لا يزيد على ٨ أشخاص فسنصبح نحن الحيوانات. وستصبح الحيوانات سيدة الكرة الأرضية، يجب أن نملأ الأرض بأولادنا وأحفادنا وأولاد أحفادنا.
حواء: سيصل العدد إلى مائة شخص.. سيؤدى هذا إلى انفجار سكانى، لن نجد على الأرض ما يكفى لإطعام هذا العدد الضخم. إن هذا الزحام سيخلق مجاعة، وإذا جاع أولادنا فسيتقاتلون. وأنا أريد سلامًا على الأرض لا أحب أن يقتل ولد من أولادى شقيقه حتى يخطف منه تفاحة.
آدم: إن فى الأرض خيرات كثيرة.. لقد أكد لى الملاك رضوان أن فيها ما يكفى لإطعام الملايين، كل المطلوب منا هو أن نبذر البذور على الأرض ونقول «يا رب»، فتتساقط الأمطار وتتحول البذور إلى أشجار تحمل لنا ألذ الثمار.
حواء: وإذا نام أولادنا ولم يهتموا ببذر البذور.
آدم: سيموتون من الجوع.
حواء: ولماذا لا يرسل لنا الله ملاكًا يزرع لنا الأرض، ويوفر جهد أولادنا؟
آدم: لأن الله لا يساعد الكسالى والنائمين.
حواء: هذا هو عيب الأرض.
آدم: بل هذا هو سر سحرها.. الذى يعرق يأكل، والذى ينام يموت من الجوع.
المركبة الهوائية ترتطم فجأة بشىء صلب فى الظلام الدامس.
فتصرخ حواء من الفزع.
حواء: هل اصطدمنا بأحد الكواكب؟
آدم: كلا.. لقد وصلنا إلى الأرض.
حواء: هل هذه هى الأرض؟ هل الأرض محرومة من النور؟ أنت تعرف أننى أفزع من الظلام، فكيف جئت بى إلى هنا؟ اطلب من الملائكة أن يعيدونا فورًا إلى الجنة.
آدم: لقد عاد الملائكة.. انتهت مهمتهم.
حواء: رمونا فى الظلام وتركونا.. هل هذا يرضى السماء؟ أنا لن أتحمل هذه الحياة.
آدم: سيضىء القمر لنا الأرض بأشعته الجميلة.. سيبدد بنوره هذا الظلام.
حواء: وأين هذا القمر؟
آدم: إن القمر فى إجازة اليوم.. سنراه غدًا مساء.
حواء: سنعيش فى الظلام حتى المساء؟
آدم: كلا.. سنرى الفجر بعد ساعات.. ثم تسطع الشمس وتضىء لنا الكرة الأرضية.
حواء: قد تكون الشمس فى إجازة أيضًا؟
آدم: إن الشمس تسطع كل يوم.. إنها ليست مدللة كالقمر إنها محرومة من الإجازات.
حواء: إننى لا أرى شيئًا حولنا.. لا أشجار ولا فاكهة ولا أنهار.. يظهر أن الملائكة رمونا وسط الصحراء لنموت من العطش والجوع.. إنها مؤامرة.
آدم: لا تتسرعى فى إصدار الأحكام انتظرى حتى الصباح وبعدها سنرى حولنا الأشجار والأنهار.. يجب أن ننام الآن.
حواء: أنام؟! لا يمكن أن أنام فى هذا المكان الموحش، سأنتظر حتى الفجر يجب أن أرى ما حولى قبل أن أنام.