رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بمناسبة ذكرى استشهاده.. قصة الأمير "تادرس الشطبى"

جريدة الدستور

"مشهور بين الوزراء محمى باسم القدوس، نى اسؤاب تاودروس مسيحى بين الأمراء"، بتلك الكلمات وغيرها يرتل اليوم الأقباط بمن فيهم رهبان وراهبات الأديرة للاحتفال بعيد استشهاد الأمير تادرس.

وتزامنًا مع احتفال الكنيسة بعيد استشهاد القديس، يستعرض الدستور، فى سطور، قصة حياته وأبرز المعلومات عنه:

فى أيام الملك نوماريوس جاء الأمير أنسطاسيوس إلى مصر ليختار رجال أشداء يصلحون للحرب في الجيش الروماني لمحاربة الفرس، وإذ بلغ الأمير صعيد مصر أُعجب بشاب يدُعى يوحنا بقرية تابور التابعة لمدينة شُطب، فقدم له هدايا كثيرة ليذهب معه إلى إنطاكية فرفض مغادرة وطنه، عبثًا حاول زوج أخته كيريوس والي قرية تابور إقناع الأمير بترك يوحنا، وقبض الأمير على يوحنا وحبسه في معصرة حتى لا يهرب، وبناء على رؤيا إلهية وافق يوحنا على ترك مصر، خاصة أنه خشي أن يقوم الأمير بأعمال عنف في قريته بسببه.

وإذ بلغ يوحنا إنطاكية أحبه الملك نوماريوس وأُعجب به، فقربه إليه، بل وزوّجه بأوسانية ابنة الأمير أنسطاسيوس وكانت وثنية، فأنجب منها ابنا جميلًا يدُعي تادرس، واكتشفت الأميرة أن يوحنا مسيحي، فكانت تضغط عليه بكل طريقة لإنكار المسيح، وكانت تهينه مما جعله يحتمل بصبر من أجل ابنه حتى لا ينشأ وثنيًا.

وبناء على رؤيا إلهية اطمأن بأن ابنه سيكون بركة لكثيرين فترك إنطاكية وعاد إلى بلده بصعيد مصر، وكان لا يكف عن الصلاة من أجل إيمان ابنه وخلاص نفسه بدموع كثيرة.

وكانت الأميرة أوسانيا تبث في روح ابنها العبادة الوثنية، مؤكدة له أن أباه مات في الحرب، وقد نشأ تادرس الأمير يعمل في الجيش، له مكانته الخاصة في البلاط الملكي، خاصة أنه حمل روح الحكمة والتقوى.

عرف خلال اتصالاته أن والده كان مصريًا مسيحيًا طردته أمه بسبب إيمانه، وأنه لا يزال حيًا، فاتح الأمير والدته في أمر والده، وأعلن لها أنه عرف الحقيقة، وأنه قبل الإيمان بالسيد المسيح، فحزنت جدًا وصارت تنتهره.

قدمت له وثنًا لكي يستغفر خطأه ويقدم له العبادة، فضرب الوثن بقدمه وتحطم، وإذا بشبح يظهر من الوثن يصرخ قائلًا: "ما دمت قد طردتني من مسكني فسأنتقم منك، وأنزل الويلات عليك"، ثم تلاشى كالدخان، خرج الأمير من حضرة والدته إلى كاهن يدعى أولجيانوس لينال سر العماد، وهو في الخامسة عشرة من عمره.

وعندما تولى دقلديانوس الحكم أُعجب به وأحبه لبسالته فأعطاه لقب أسفهسلار "معناه قائد حربي تعادل وزير الدفاع حاليًا"، في أحد الأيام تعرض مع رجاله الحربيين للظمأ بعد جهاد طويل ضد الأعداء فيه تغلب عليهم، صلى الأسفهسلار لله فأرسل مطرًا في الحال وشرب الجميع، وتعجبوا لإيمانه.

وفي صعيد مصر، شعر الأمير تادرس بشوقٍ لرؤية والده وكان لا يكف في صلاته عن الطلب من أجل تحقيق الله له هذه الرغبة، فظهر له ملاك الله وأعلن له أن يذهب إلى مصر ليلتقي بوالده، وبالفعل أخذ اثنين من كبار رجال جيشه هما أبيفام وديسقورس وذهب إلى الإسكندرية ومنها إلى الصعيد، وقد أجرى الله على يديه عجائب في السفينة حتى آمن مَنْ بها بالسيد المسيح.

وفي شُطب خاف أهلها من أن يكون هذا الأمير جاء ليأخذ شبابها ورجالها للجيش، أما هو فدخل مع صديقيه إلى الكنيسة يشكرون الله، والتقى الأمير بخادم الكنيسة الشيخ وسأله عن رجل يُدعى "يوحنا"، فعرف أنه لا يزال حيًا، وبعد خمسة أيام توفى يوحنا بعد أن بارك ابنه تادرس، وخرج الكل يشيع جثمانه ليدفن بجوار أبيه ابيشخار وأخته أنفيليا.

وقام الفرس على مملكة الروم فأرسل دقلديانوس يستدعيه، انطلق إلى إنطاكية، ورافق الأمير تادرس المشرقي في ميدان الحرب، وكانا يعملان معًا، وإذ غلبا نال الأمير تادرس الشطبي، وكان بالمدينة تنينا ضخما يرتعب منه كل أهل مدينة أوخيطس، فكانوا من فترة إلى أخرى يقدمون له طفلًا أو اثنين يبتلعهما فيهدأ، أما هو فصلى إلى الله علانية، وانطلق يقتل الوحش وأنقذ المدينة كلها.

وبالرغم من اتفاق ليسينيوس مع الإمبراطور قسطنطين على ترك الحرية الدينية في البلاد بمقتضى مرسوم ميلان سنة 313، لكن بقي الأول يضطهد المسيحيين بعنف حتى هزمه قسطنطين عام 325، في هذه الفترة استشهد الأمير تادرس، الذي اشتكاه كهنة الأوثان لدى الملك ليكينيوس.

وأعلن الأمير إيمانه أمام الملك فجن جنونه، وأمر بضربه بالسياط حتى تهرأ جسمه، كما وُضع على الهنبازين لتمزيقه وكان الرب يسنده ويقويه، وأرسل له رئيس ملائكته ليسنده ويشجعه، حاول ليكينيوس ملاطفته عارضًا عليه الكثير فرفض، فأمر بإلقائه على سرير حديدي وإيقاد نار تحته، وكان الله يتمجد على يديه فآمن كثير من الجند والجمهور بالسيد المسيح، حتى استشهدت أعداد غفيرة بسببه، وعُلق برجليه منكس الرأس بعد ربط حجارة بعنقه.

وكان كلكيانوس والي الإسكندرية في زيارة للملك فقام بدوره بملاطفة الأمير تادرس ليجتذبه إلى عبادة الأوثان، وبعد عذابات كثيرة، قُطعت رأسه في يوم 20 من شهر أبيب، إحدى الشهور القبطية والذى يقابل 27 يوليو فى الشهور الميلادية.