رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ثورة يوليو 1952 وما بعدها


قامت ثورة يوليو فى ٢٣ يوليو ١٩٥٢، وذكر لنا التاريخ أن هناك أربع ثورات أخرى قامت بعدها.
أول ثورة كانت ثورة التصحيح يوم ١٥ مايو ١٩٧١، كما سماها الرئيس السادات ضد مراكز القوى التى كانت منتشرة وسائدة، عندما وقف فى حركة مسرحية فى ميدان وزارة الداخلية وأحرق بعض التسجيلات التى قيل إنها كانت تتجسس على العائلات والأشخاص والأعراض، وقتها صفقت له مصر كلها، وبشرنا الرئيس السادات وقتها بأن عهود الظلم وزوار الفجر قد انتهت دون رجعة. ويمكننا أن نفهمها بأنها كانت رسالة إلى التيارات اليمينية المعادية للناصرية، وقد فهموها جيدا، واستوعبوها، وشرعوا فى الانقضاض على ما تبقى من الناصرية فى فكر السادات.
الثورة الثانية فى يناير ١٩٧٧، عندما حاول الرئيس السادات إصلاح الخلل فى الاقتصاد المصرى، ومحاولة لترشيد الدعم، الذى يبتلع كل الميزانية، أطلق عليها اليسار والمعارضون ثورة الجياع، باعتبار أن الناس قد جاعت فخرجت ثائرة تبحث عن الطعام، بينما السادات يصفها بثورة الحرامية لأن بعض الثوار قاموا بنهب المحلات وكسروا واجهات المحلات ونهبوا ما بداخلها، وبسبب تلك الثورة التى قادها اليسار ضد أول محاولة لتصحيح مسار الاقتصاد المصرى، فإن الأمر ظل كما هو عليه، ولم تظهر أى محاولات لإصلاح الاقتصاد فيما بعد، مع تزايد الديون وتراجع الإنتاج وتدهور الصناعة والقطاع العام.
الثورة الثالثة هى ما حدث فى يناير ٢٠١١، فى عهد الرئيس مبارك، بسبب استخدام النشطاء وسائل التواصل الاجتماعى، فى التركيز على قضية تزوير انتخابات مجلس النواب فى ٢٠١٠، وأيضًا قضية مقتل خالد سعيد، وتسويقها سياسيًا ضد النظام باعتبار أن الشرطة قتلته، وقامت تلك المواقع بالدعوة للخروج السلمى يوم ٢٥ يناير، وهو يوم عيد الشرطة، وبالفعل خرجت مجموعات قليلة فى وسط البلد وأمام نقابتى الصحفيين والمحامين، وطالبوا بتغيير وزير الداخلية ورئيس الوزراء، الغريب أن قادة الحزب الوطنى ظهروا فى تصريحات استفزازية، ونفوا وجود تزوير، غير أن الرئيس لم يستجب لنداءات المتظاهرين، وتلكأ كثيرا، واحتل المتظاهرون ميدان التحرير، وسرعان ما ظهرت الخيام الحديثة، وقدم بعض الشخصيات تبرعات بأطعمة وخيام، وظهر البلطجية وأولاد الشوارع جنبا إلى جنب مع المتظاهرين، مما زاد من سقف المطالب التى طالبته هو شخصيا بالرحيل. وفى يوم ١١ فبراير أعلن مبارك عن تنحيه وتفويض المجلس العسكرى فى إدارة أمور البلاد، وقد بذل المجلس العسكرى جهدا خارقا من أجل عودة المتظاهرين، ولكن ظهور الإخوان المسلمين كقوة منظمة وقادرة على حشد الجماهير زاد من صعوبة الموقف، وظهر الإخوان كقوة سياسية سرعان ما اكتسحت كل القوى السياسية الأخرى. وفى العام التالى أصبح لتنظيم الإخوان رئيس جمهورية ومجلس نواب بأغلبية منهم، وظهر واضحا سيرهم نحو الديكتاتورية، وأصدر الرئيس الإخوانى إعلانا دستوريا بأن قراراته التى يصدرها لا يمكن الطعن عليها أمام القضاء وتحصينها، كأول خطوة نحو الديكتاتورية، لأجل هذا بدأت القوى السياسية الحشد للثورة عليهم فكانت الثورة الرابعة.
وظهر الفريق عبدالفتاح السيسى وزير الحربية الذى عينه الإخوان المسلمون وزيرا للحربية، كمنقذ للشعب من جبروت الإخوان، وعادت الجماهير لتحتل ميدان التحرير من جديد.
وفى ٣٠ يونيو ٢٠١٣ تجمعت الجماهير من جديد فى ميدان التحرير وكل ميادين وشوارع القاهرة، وطالبت الرئيس الإخوانى بالرحيل، وكان لزاما إنقاذ البلاد من الإخوان. وبالفعل اجتمعت القوى السياسية الموجودة على الساحة السياسية المصرية، وأعلنت خارطة للطريق لتعود بالبلاد إلى الطريق الديمقراطى، وبالفعل تم تعيين رئيس مؤقت حسب الدستور الذى تمت كتابته.
وبدأت البلاد نحو الإصلاحات الاقتصادية التى طال انتظارها والتى تأجلت منذ ثورة يناير ١٩٧٧.