رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خلوة الرايق.. القصة الكاملة لعالَم محمد مهنا السري

جريدة الدستور

بجلبابه الناصع وعمامته البيضاء، يجلس الدكتور محمد مهنا، مستشار شيخ الأزهر المشرف على الرواق الأزهرى مقدم العشيرة المحمدية الشاذلية الصوفية، فى خلوته الخاصة المسماة «البيت ‏المحمدى»، أسفل مسجد الإيمان بالمقطم، مستقبلًا أتباعه ومريديه المتيمين به، من أبناء الصوفية من داخل مصر وخارجها.‏
فى هذه الخلوة، يمارس «مهنا» دورًا آخر غير التدريس الذى يمارسه فى جامعة الأزهر بين طلاب العلم، فهنا يلقبه مريدوه بـ«قطب الصوفية الجديد».‏
‏«الدستور» ذهبت إلى «عالم محمد مهنا»، لتسجل مشاهد خاصة من هذا العالم، الذى جذب إليه الكثير من طلاب العلم.‏

يلقى دروسًا فى «السيدة نفيسة» و«ابن عطاء السكندرى».. وحلقات الذكر بـ«البيت المحمدى»‏

مؤسسة «البيت المحمدى» أنشأها «مهنا» منذ عامين تقريبًا، كى ينشر المنهج الصوفى وتعاليم رائد العشيرة المحمدية الصوفية، الشيخ محمد زكى الدين إبراهيم، الذى تلقى على يديه العلم الصوفى وكل العلوم الشرعية، وفى ‏سبيل ذلك، جُهزت ساحتها بأحدث التجهيزات التقنية.‏
ونجح الرائد الجديد لـ«العشيرة المحمدية» فى نشر أفكارها الصوفية، بين طلاب جامعة الأزهر، خاصة المبتعثين الذين انضم عدد كبير منهم إلى «الطريقة المحمدية الشاذلية».‏
من بين هؤلاء المبتعثين، محمد قادرى، الذى جاء من إندونيسيا، وانضم للطريقة على يد «مهنا».‏
وقال قادرى: «عدد كبير من الطلاب الإندونيسيين انضموا للطريقة بعدما جلسوا فى حضرة الشيخ مهنا، وأنا أحرص على المشاركة فى كل دروس العلم التى يلقيها فى مسجدى السيدة نفيسة وابن عطاء الله السكندرى، وأيضًا ‏فى البيت المحمدى، حيث يتعلم المريدون آداب التصوف الإسلامى الصحيح، وفى ساحته نشارك فى حلقات الذكر، يومى الأحد والأربعاء من كل أسبوع».‏
أما محمد صالح، الطالب بجامعة الأزهر، فقال إن «الدكتور مهنا أنقذ مئات الشباب من التطرف والإرهاب، بسبب الدروس التى يقدمها بأسلوب جديد يتوافق مع الوقت الراهن، ويمزجها بصبغة صوفية، وهو ما أسر عقول ‏الكثيرين الذين قرروا الانضمام إلى المحمدية الشاذلية». وأضاف أن «الشيخ بسيط جدًا فى تعامله مع المريدين والأتباع، إذ يعامل تلاميذه كأنهم إخوة له وليسوا مريدين فى ساحته الصوفية، وإذا كان الشيخ قد تمكن من إنقاذ ‏الشباب من الفكر المتطرف، فإنه أيضًا أنقذهم من الفكر الشيعى الذى حاولت بعض الجماعات والتيارات نشره فى مصر، وواجه هذه التيارات بعلوم أقطاب الصوفية، القدامى والمعاصرين». وذكر أن «من بين الأهداف التى ‏جعلت الشيخ مهنا يتصدى للتشيّع، ما روجه السلفيون، من أن التصوف هو الباب الخلفى للتشيّع فى مصر، وهو ما كان يرد عليه فى جلساته ومحاضراته بأن التصوف كان الطريق الوحيد للقضاء على الدولة الفاطمية الشيعية فى ‏مصر

لا يفرق بين الرجال والنساء.. يعترف بالمرأة «مريدة».. وعلماء أزهر وقضاة يحضرون دروسه

قدرات الشيخ مهنا لا تتوقف عند ضم أتباع جدد لطريقته، بل تمتد إلى اجتذاب أتباع الطرق الأخرى، الذين أكدوا علمه الغزير ومعارفه الواسعة. ‏
وقال عبدالباسط هارون، عضو الطريقة الخلوتية الصوفية، إن مريدى الطرق المختلفة يعتبرون «مهنا» رائد العشيرة المحمدية الصوفية الجديد، موضحًا أنه «العالم الوحيد من علماء العشيرة الذى يبذل مجهودًا كبيرًا فى ‏التصدى للبدع والضلالات، وهو من بين القادرين على نشر الفكر الصوفى الصحيح، خاصة بعد دوره الكبير فى إنشاء أكاديمية الدراسات الصوفية بمسجد العشيرة».‏
وأضاف «هارون» أن «شيوخ وأتباع الصوفية يعلمون جيدًا الدور الذى يلعبه مهنا فى نشر الأفكار الصوفية بين الناس، خاصة بعد وفاة الشيخ عصام الدين زكى إبراهيم، وخلو العشيرة المحمدية من العلماء الكبار، ما جعل ‏الأنظار تتجه إليه، وتتابع جهوده فى نشر منهج شيخه وأستاذه محمد زكى الدين إبراهيم».‏
وقال أحمد القطب، عضو الطريقة الرفاعية، إن أهم ما يميز الشيخ مهنا قدرته على جذب مريدى الطرق الصوفية الأخرى إلى حضرته، الذين صاروا متيمين به وبعلومه وروحانياته العالية، وأضاف أنه «على غير المعتاد، فإن ‏الشيخ دائم التأكيد على أهمية أن يكون للمريد إرادة ورأى خاص به، وليس عليه طاعة الشيخ فى أى أمر يخالف الله ورسوله». وتابع: «يؤكد الشيخ، فى محاضراته، وجود خطأ معرفى بين كثير من الناس، وهو أن المريد يسمع ‏ويطيع، دون أن يتدبر أو يفهم، والحقيقة عكس ذلك التصور تمامًا، فمصطلح المريد، يعنى وجود إرادة حرة، وليس اتباع مبدأ السمع والطاعة، الموجود لدى الجماعات السلفية والإخوان».‏
من جهتها، قالت بسمة محمد، إحدى مريدات الطريقة المحمدية الشاذلية، إن «مهنا» يعامل أتباعه ومريديه من النساء معاملة حسنة، فلا يفرق بين الرجال والنساء فى ساحته الصوفية، لأنه يعمل بالمفهوم الإسلامى الذى يقول ‏إن النساء شقائق الرجال.‏
وأضافت أن «الشيخ يردد فى جلساته أن أول جمعية تشكلت فى الإسلام كانت مكونة من ٥ أفراد، هم بلال بن رباح وخديجة بنت خويلد زوجة النبى، وعلى بن أبى طالب، وأبوبكر الصديق، وهؤلاء مع رسول الله صلى الله عليه ‏وسلم، غيّروا وجه الحياة والتاريخ، فبرغم أنهم ٥ فقط، لكن بالصدق والأخلاق واليقين استطاعوا تغيير المجتمع، فالقضية، كما يقول مهنا، فى البناء الخلقى والروحى، دون تفرقة بين رجل أو امرأة، والقائد الحق هو الذى يستطيع ‏أن يستنهض الأمة ويقرأ فيها عوامل نهضتها، ويأخذ بيدها كى تتلمس الطريق لاكتشاف نفسها».‏
وأشارت إلى أن «كلام الشيخ يؤكد أن فكره يختلف عن الكثيرين من شيوخ الصوفية، الرافضين لأن تكون المرأة مريدة أو صوفية من الأساس، إذ يعامل المرأة بوصفها شريكًا أساسيًا للرجل فى كل نشاطاته فى الحياة». ‏
ويبقى أن نشير إلى أن عددًا كبيرًا من علماء الأزهر يشارك فى حضرات ودروس العلم التى ينظمها الشيخ مهنا بـ«البيت المحمدى»، من بينهم الدكتور فتحى حجازى، الأستاذ بجامعة الأزهر، والدكتور سعد جاويش، أستاذ ‏الحديث، والدكتور ربيع الغفير، أستاذ النحو، والدكتور أحمد القرشى، أستاذ التفسير، والدكتور فتحى جلال، أستاذ البلاغة، وعدد آخر من قادة المجتمع والفكر، بالإضافة إلى بعض القضاة والمستشارين الكبار، التابعين للعشيرة ‏المحمدية.