رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

د. وحيد رأفت.. فقيه القانون الدولى العام


وُلد وحيد فكرى رأفت فى ١٨ مارس ١٩٠٦، حصل على البكالوريا من مدرسة السعيدية الثانوية بترتيب الأول، وليسانس الحقوق من جامعة فؤاد الأول «القاهرة حاليًا» عام ١٩٢٦ وكان ترتيبه ‏الثانى على دفعته، ومن زملاء دفعته الكاتب الصحفى محمد زكى عبدالقادر، سافر فى بعثة إلى فرنسا لدراسة القانون العام وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة باريس عام ١٩٣٠. ‏

عمل مدرسًا بكلية الحقوق جامعة فؤاد الأول عام ١٩٣٤، وأشرف على ما يزيد على ٣٠ رسالة للدكتوراه، أخذ يتدرج فى وظائف السلك الجامعى حتى درجة أستاذ كرسى القانون بكلية الحقوق، ‏جامعة فؤاد الأول عام ١٩٤٠.‏
عاش حياته لا يحب استرضاء الحاكم ولا يجامل فى الحق مخلوقًا، له موقف فى قضية «سليمان خاطر»، تعرض للسجن بالقلعة عام ١٩٥٧ لكتابته مقالًا عن التوغل السوفيتى فى مصر، طالب ‏بالتعديل الدستورى فى موضوع «التعددية الحزبية» وطالب بأن يكون اختيار رئيس الجمهورية بالاقتراع الشعبى العام أسوة بالدستور الفرنسى. اصطدم فى أول حياته العملية عام ١٩٤٢ بالدكتور ‏‏«على بدوى» عميد كلية الحقوق لخشونته فى إدارة الكلية، فاستقال وعمل بالقضاء المختلط ثم قاضيًا بمحكمة الإسكندرية الابتدائية فى فبراير ١٩٤٢، وعندما أنشأ د. كامل مرسى مجلس الدولة عمل ‏بقسم التشريع طوال الفترة «١٩٤٦-١٩٥٢»، ثم مستشارًا بوزارتى الخارجية والعدل وقد ظهرت فتواه القانونية فى نزاعات حرب فلسطين عام ١٩٤٨ واتفاقيات الهدنة، وبعد ثورة يوليو ١٩٥٢ ‏استقال من المجلس وافتتح مكتبًا للمحاماة وترافع فى قضايا سياسية شهيرة، منها قضية «جريدة مصر» وترافع عن «محمود أبوالفتح» أمام محكمة الثورة، عمل رئيسًا لإدارة الفتوى والتشريع ‏بدولة الكويت عام ١٩٦٤، ثم مستشارًا قانونيًا لسمو أمير الكويت حتى عام ١٩٧٢، اختاره المجمع العلمى المصرى فى مارس ١٩٨٠ عضوًا عاملًا به، رُشح ليكون العضو المصرى فى هيئة ‏التحكيم بين مصر وإسرائيل حول نزاعهما على حدودهما خاصة فى منطقة «طابا» عام ١٩٨٢، تلك القضية التى أعادت «طابا» إلى أرض الوطن. ولكن للأسف الشديد تجاهلت الدولة التى تمثل ‏ثورتى ٢٥ يناير و٣٠ يونيو تكريم وحيد رأفت بين من كرمت من مفاوضى «طابا»، ولو أن الكاتب الأستاذ صلاح منتصر نشر بجريدة «الأهرام» رأيًا للدكتور نبيل العربى نشره فى كتابه الصادر ‏عام ٢٠١١ عن «طابا وكامب ديفيد» وضح فيه سبب غياب اسم د. وحيد رأفت من المكرمين. حدث فى ٢٩ يوليو ١٩٥٢- أى بعد ثورة يوليو بستة أيام- ذهب «البكباشى» جمال عبدالناصر ‏للسنهورى باشا يسأله عن حكم الدستور بالنسبة لتولى الحكم بمناسبة تنازل الملك فاروق، خاصة أن قادة الثورة أعلنوا أنهم سيحكمون فى ظل الدستور، فرد السنهورى بأن الدستور ينص على دعوة ‏مجلس النواب للانعقاد خلال عشرة أيام من خلو العرش لإعلان ولى العهد ملكًا، فإن كان ولى العهد قاصرًا يكون مجلس وصاية من ثلاثة برئاسة أحد أمراء البيت المالك، وفى الفقرة الثانية ينص ‏على أنه لو كان مجلس النواب مُنحلًا عند خلو العرش يُدعى المجلس للانعقاد خلال عشرة أيام للقيام بإحدى العمليتين، ثم ينفض اجتماعه، وجمع السنهورى الجمعية العمومية لمستشارى المجلس وكانوا ‏عندئذ ٩، وصارحهم بأن «البكباشى» عبدالناصر لا يريد التعامل مع برلمان الوفد المُنحل ويريد أن يجد له مخرجًا، وقال السنهورى إنه يأمل أن يجد المجلس مخرجًا لمساعدة ضباط الثورة، وإنه ‏يمكن القول بأن الدستور نص على خلو العرش بوفاة الملك ولكنه جاء خلوًا من النص على خلو العرش بتنازل الملك، وبالتالى تكون «الحركة المباركة» فى حِل من دعوة برلمان الوفد للانعقاد، ‏فتصدى له د. وحيد رأفت قائلا: «إن هذا ضلال تشريعى وإن المجلس بذلك يضع أول حجر فى بناء الديكتاتورية»، وطلب التصويت على ذلك، وإذ بثمانية مستشارين ينضمون لرأى السنهورى، ‏فوقف د. وحيد رأفت شامخًا ووحيدًا ليعلن أنه لم يعد له مكان بينهم وقدم استقالته للسنهورى. ولكن حدث بعد ذلك أن اصطدم السنهورى بعبدالناصر عام ١٩٥٤. ‏
من مؤلفاته: قضية السلام الدولى «رسالة دكتوراه باللغة الفرنسية» «١٩٣٠»، مبادئ القانون الدستورى بالاشتراك مع د. وايت إبراهيم «١٩٣٧»، مبادئ القانون الإدارى «١٩٣٨»، رقابة ‏القضاء لأعمال الدولة «١٩٤٢»، اتحاد الإمارات العربية المتحدة- دراسة وثائق «١٩٧١»، العالم العربى والاستراتيجية السوفيتية المُعاصرة «١٩٧٦»، فصول من ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ ‏‏«١٩٧٨»، دراسة فى بعض القوانين المُنظمة للحريات «١٩٨١»، مشكلة طابا «بين مصر وإسرائيل باللغة الإنجليزية» «١٩٨٢»، هذا بالإضافة إلى عدد من المقالات باللغة الفرنسية والعربية. ‏حصل على وسام «أمية» السورى «١٩٥١»، وسام «الرافدين» العراقى «١٩٥٢»، وسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى «١٩٨٠»، جائزة الدولة التقديرية فى العلوم الاجتماعية من المجلس ‏الأعلى للثقافة «١٩٨٤». وفى ١٢ مايو ١٩٨٧ رحل عنا أستاذ قانون دولى مصرى تاركًا سيرة ناصعة البياض وأعمالًا جليلة.‏