رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

معلمة عظيمة وتلميذ نجيب




وقفت معلمة الصف الخامس ذات يوم وألقت على التلاميذ جملة: إننى أحبكم جميعا.. وهى تستثنى فى نفسها تلميذًا يدعى تيدى!!، فملابسه دائمًا شديدة الاتساخ، مستواه الدراسى متدنٍ جدًا ومنطوٍ ‏على نفسه، وهذا الحكم الجائر منها كان بناءً على ما لاحظته خلال العام، فهو لا يلعب مع الأطفال وملابسه متسخة ودائمًا يحتاج إلى الحمام، وأنه كئيبٌ لدرجة أنها كانت تجد متعة فى تصحيح ‏أوراقه بقلم أحمر لتضع عليها علامة ‏x‏ بخط عريض وتكتب كلمة راسب فى الأعلى.‏
ذات يوم طُلب منها مراجعة السجلات الدراسية السابقة لكل تلميذ، وبينما كانت تراجع ملف تيدى فوجئت بشىء ما!، لقد كتب عنه معلم الصف الأول: تيدى طفل ذكى موهوب يؤدى عمله بعناية ‏وبطريقة منظمة.‏
ومعلم الصف الثانى: تيدى تلميذ نجيب ومحبوب لدى زملائه، ولكنه منزعج بسبب إصابة والدته بمرض السرطان. أما معلم الصف الثالث فكتب: لقد كان لوفاة أمه وقع صعب عليه، لقد بذل ‏أقصى ما يملك من جهود، لكن والده لم يكن مهتما به، وإن الحياة فى منزله سرعان ما ستؤثر عليه، إن لم تُتخذ بعض الإجراءات.‏
بينما كتب معلم الصف الرابع: تيدى تلميذ منطو على نفسه لا يبدى الرغبة فى الدراسة وليس لديه أصدقاء، وينام أثناء الدرس. هنا أدركت المعلمة تومسون المشكلة وشعرت بالخجل من نفسها، وقد ‏تأزم موقفها عندما أحضر التلاميذ هدايا عيد الميلاد لها ملفوفة بأشرطة جميلة، ما عدا الطالب تيدى كانت هديته ملفوفة بكيس مأخوذ من أكياس البقالة، تألمت السيدة تومسون وهى تفتح هدية تيدى ‏وضحك التلاميذ على هديته وهى عقد مؤلف من ماسات ناقصة الأحجار وقارورة عطر ليس فيها إلا الربع، ولكن كف التلاميذ عن الضحك عندما عبرت المعلمة عن إعجابها بجمال العقد والعطر ‏وشكرته بحرارة، وارتدت العقد ووضعت شيئا من ذلك العطر على ملابسها، ويومها لم يذهب تيدى بعد الدراسة إلى منزله مباشرة، بل انتظر ليقابلها وقال: «إن رائحتك اليوم مثل رائحة والدتى»، ‏عندها انفجرت المعلمة فى البكاء لأن تيدى أحضر لها زجاجة العطر التى كانت والدته تستعملها ووجد فى معلمته رائحة أمه الراحلة!!.‏
منذ ذلك اليوم أولت اهتماما خاصا به وبدأ عقله يستعيد نشاطه وبنهاية السنة أصبح تيدى أكثر التلاميذ تميزًا فى الفصل، ثم وجدت السيدة مذكرة عند بابها للتلميذ تيدى كتب بها أنها أفضل معلمة ‏قابلها فى حياته، فردت عليه أنت من علمنى كيف أكون معلمة جيدة، بعد عدة سنوات فوجئت هذه المعلمة بتلقيها دعوة من كلية الطب لحضور حفل تخرج الدفعة فى ذلك العام موقعة باسم «ابنك ‏تيدى». فحضرت وهى ترتدى ذات العقد وتفوح منها رائحة ذات العطر.‏
عزيزى القارئ.. هل تعلم من هو تيدى الآن؟
تيدى ستودارد هو أشهر طبيب بالعالم، ومالك مركز «ستودارد لعلاج السرطان».‏
ترى.. كم طفلا دمرته مدارسنا بسبب سوء التعامل؟!.. كم تلميذا هدمنا شخصيته؟!..‏
هل يدرك المعلمون والمعلمات فى عالمنا العربى مدى مسئوليتهم، إما فى بناء المستقبل أو هدمه؟!!.‏