رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جريمة حرب صهيونية فى القدس والأقصى




يرتكب الكيان الصهيونى العنصرى الغاصب للأراضى الفلسطينية كل يوم المزيد من جرائم حرب من قتل للأطفال والنساء والشيوخ والكبار من أصحاب الأرض الفلسطينيين المقاومين سلميا ‏للعدو، والمدافعين عن حق العودة إلى ديارهم الصامدين أمام بلدوزرات وجرافات العدو التى تهدم منازلهم وتطردهم منها لتوسيع وبناء المزيد من المستوطنات لليهود، هذا بجانب الاعتداء اليومى على ‏المسجد الأقصى مع العمل على تهويد القدس وطرد المقدسيين منها، وذلك كله من أجل تغيير التركيبة الديمغرافية لدولة فلسطين العربية.‏
يستغل الكيان الصهيونى الدعم الأمريكى اللا نهائى والصمت العربى المخزى لارتكاب مزيد من جرائمه، ومنها ما تم مؤخرًا، حيث أصدر رئيس وزراء العدو الصهيونى نتنياهو قرارا يسمح ‏لأعضاء حكومته وأعضاء الكنيست باقتحام الحرم القدسى وباحات المسجد الأقصى، وذلك بعد المنع الذى صدر سابقا فى نوفمبر عام ٢٠١٥ والذى كان ساريا على كل النواب من «عرب إسرائيل» ‏والإسرائيليين. وبالطبع يوفر هذا القرار الحماية لانتهاكات المستوطنين المتطرفين الذين اقتحموا المسجد الأقصى تلبية لدعوة ما تسمى جماعات الهيكل.‏
يعد هذا القرار الآثم استكمالا لقرارات سابقة تعمل على تهويد القدس والمساس بأقدس مقدسات العرب، مسلمين ومسيحيين. وإذا رجعنا إلى ٢٨ سبتمبر سنة ٢٠٠٠ نجد أنه فى هذا اليوم المشهود ‏انتفض الفلسطينيون ضد اقتحام رئيس وزراء الكيان الصهيونى السابق أرئيل شارون المسجد الأقصى وتدنيسه هو وعدد من جنوده واستمرت الانتفاضة وهبت الشعوب العربية لدعم المقاومة ‏الفلسطينية، كما ساندت ودعمت شعوب العالم المحبة للسلام والعدل والرافضة للاحتلال وجرائمه، الشعب الفلسطينى وانتشرت حينذاك اللجان الشعبية لمقاطعة العدو الصهيونى اقتصاديا وفى مجالات ‏الرياضة والفنون والأوساط الأكاديمية.‏
ومازالت الاعتداءات الصهيونية مستمرة مع طرد الفلسطينيين من منازلهم وأراضيهم من أجل التوسع وبناء المستوطنات فى قرى الضفة الغربية، بجانب ضم القرى المتاخمة لحدود بلدية القدس ‏لتوسيع مدينة القدس والاستيلاء الكامل عليها وطرد سكانها فى أكبر حملة تطهير عرقى تقودها إسرائيل فى ظل استمرار الدعم الأمريكى والصمت العربى المخزى، عدا بعض الأصوات الخافتة من ‏بعض البلدان التى تندد وتشجب بعض أفعال وقرارات العدو.‏
وتزداد مقاومة الشعب الفلسطينى مع مسيرة العودة الكبرى المستمرة منذ اندلاعها فى ذكرى «يوم الأرض» ٣٠ مارس ٢٠١٨ كل جمعة وحتى الآن، تلك المسيرات التى تؤكد حق عودة اللاجئين ‏والنازحين فى الخارج والداخل، كما تؤكد قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس العربية وترفض هذه المسيرات صفقة القرن الأمريكية الصهيونية المسنودة من بعض الدول الرجعية العربية ‏والإقليمية التابعة للبيت الأبيض الأمريكى وقرارات التاجر البلطجى الأمريكى الرئيس دونالد ترامب، تلك الصفقة المشبوهة التى يتسرب تدريجيا كل يوم خبر عنها وعن بنودها التى تشى بتصفية ‏القضية الفلسطينية ومنها إجبار الفلسطينيين على التنازل عن قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وقبول قرية «أبوديس» عاصمة لهم مع قيام ما يسمى الدولة على بعض الأراضى فى الضفة ‏الغربية وقطاع غزة، مع قبول الأمر الواقع الذى تنفذه إسرائيل يوميا بالعمل على فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة، بل فصل شمال الضفة عن جنوبها وتحويل القضية بالنسبة للقطاع إلى قضية ‏إعمار وتقديم مساعدات إنسانية وعمل مشروعات لأهالى القطاع بأموال الدول الخليجية، أى تحويل قضية الشعب الفلسطينى وسعيه إلى استعادة أرضه ودولته وحق العودة للاجئين وتعويضهم إلى ‏قضية مساعدات إنسانية أى باختصار «إردم على القضية». ‏
وتستغل كل من أمريكا وإسرائيل انشغال دول الجوار بأزماتها الداخلية السياسية والاقتصادية من جهة والانقسام الفلسطينى فى الداخل من جهة أخرى وفرض الحصار والتضييق على الأهالى ‏بالعديد من الوسائل، ومنها عدم صرف مرتبات العاملين فى الحكومة فى غزة وإغلاق المعابر، هذا بجانب تخفيض ما تدفعه أمريكا من أموال لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا» مما يؤثر فى ‏حياة اللاجئين فى جميع المجالات، خاصة الصحية والتعليمية. وزد على ذلك انسحاب أمريكا من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بزعم أنه لا يدعم إسرائيل وحقوقها الأمنية!.‏
الحصار والعقوبات المفروضة على غزة ما هى إلا جزء وحشى من صفقة القرن لإنهاك الشعب الفلسطينى ودفعه للاستسلام. إن الصمت العربى المخزى والانقسام الفلسطينى والتخاذل من قبل ‏الدول التابعة للسياسات الاستعمارية المتوحشة، كل هذا يساعد على تمرير الصفقة، ولكن الأمل الوحيد فى ضوء المقاومة الشعبية الفلسطينية والعربية، والعمل -كما ناديت من قبل- على تكوين الجبهة ‏الشعبية العربية لمقاومة الحلف الأمريكى الصهيونى الرجعى العربى والعمل على فضح الصفقات والوقوف أمام الغطرسة الصهيونية، التى تدعمها واشنطن. كل التحية للمقاومة الفلسطينية والمجد ‏للشهداء.‏