رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«مسرح مصر».. اللى بنقوله بنعيده.. هل انتهى زمن أشرف عبدالباقى ورفاقه؟

جريدة الدستور

خمس سنوات مضت على تجربة «مسرح مصر» للفنان أشرف عبدالباقى بالتعاون مع مجموعة من المواهب الشابة، قدم خلالها ١٠٠ عرض، أعادت الجمهور إلى مقاعد المسرح بكثافة، لكن النهايات ليست كالبدايات دائمًا. عاد صناع «مسرح مصر» إلى نقطة البداية من جديد، فمثلما كانت بدايتهم ضعيفة فى أول موسم على فضائية «الحياة» باسم «تياترو مصر»، يتكرر المشهد حاليا على «إم بى سى مصر» لكن فى ظروف أخرى.
«الدستور» ترصد أسباب تراجع يشبه النهاية لزمن «مسرح مصر»، وكيف ظلمه صناعه وعلى رأسهم مؤسس الفرقة؟ وهل سيكون الموسم السادس منه هو الأخير فى عمر التجربة؟

1
«الإفيهات السخيفة» والارتجال بداية الانهيار.. والشباب هجروه إلى السينما والتليفزيون
على عكس أغنيته التى تقول «مسرحنا راجع بجديده.. عمر اللى نقوله ما نعيده»، فشل صناع «مسرح مصر» فى تقديم أى جديد، وتحديدًا مع بداية الموسم الرابع ظهر أن مستوى العروض فى تراجع، إذ أصبحت الأفكار متشابهة، وطريقة أداء الممثلين واحدة ومتوقعة، والاعتماد على الارتجال «زاد عن حده» لدرجة أنه كان يستحوذ فى ٧٠٪ من بعض العروض ما كشف عن أزمة عدم وجود نص محكم.
كانت العروض تطرح فكرة عامة فى كل مرة، وخطوطا عادية للشخصيات، ثم يرتجل كل ممثل فى إطار دوره، وهو ما أوقعهم فى إفيهات بدت «سخيفة» بحسب آراء الجمهور، مثل تكرار السخرية من وزن «ويزو» الزائد، أو صمت إبرام سمير الدائم أو قلة مشاركة بعض أبطاله فى أعمال فنية، فكان من الطبيعى أن يصاب المشاهد بملل، لغياب الإبداع والحس الكوميدى.
فى هذه الفترة كان صناع المسرح يتصورون أن الجمهور سيتقبل منهم أى شىء يقولونه، ولم يضعوا فى مخيلتهم أن الجمهور ذواق، خصوصًا أنهم يقدمون عرضين متتاليين فى ليلة واحدة على الخشبة، وبالتالى فمن الصعب حفظ نصين وإجراء بروفات كافية عليهما. ودليل على ذلك، سنجد أن الفنان مصطفى خاطر ظهر بشخصية «عم شكشك» خلال العروض فى موسمين مختلفين ثلاث مرات، بخلاف أنه قدمها فى برنامج منفصل على نفس المحطة، كما أن الحلقة الأولى فى بداية كل موسم تكون عبارة عن السخرية من الأعمال الدرامية التى قدمت خلال موسم رمضان.
وعلى مستوى الممثلين، فبعد النجاح الكبير الذى حققته العروض فى مواسمها الأولى خلال السنوات الماضية، أصبح شباب التجربة مطلب المنتجين فى السينما والتليفزيون، رغم أن بعضهم لم يستطع إثبات نفسه على الشاشة الصغيرة أو الكبيرة، لكن هذا كان ضمن استغلال «الحالة» التى صنعوها بين الجمهور.
ورغم أن «مسرح مصر» هو صاحب الفضل فى شهرتهم وخروج مواهبهم إلى النور، إلا أنهم فضلوا عليه أعمالهم الدرامية والسينمائية، على حساب بروفات الموسم السادس من العروض، والآن، باتوا لا يتجمعون كفريق واحد كثيرًا، فكل منهم يحاول إثبات نفسه خارج المسرح وبعيدًا عن «أستاذهم» أشرف عبدالباقى.
بالإضافة إلى ذلك، لم يعد المسرح مجزيًا لهم، على المستوى الجماهيرى أو المادى، خصوصًا بعد ارتفاع أجورهم فى السينما والتليفزيون، التى تصل إلى ملايين حاليا.
وفى الموسم الدرامى والسينمائى الأحدث، وجدنا على ربيع بطلًا لمسلسل «سك على إخواتك»، ومصطفى خاطر بطًلا لـ«ربع رومى»، ثم فى فيلم «حرب كرموز»، وظهر «أوس أوس» فى فيلم «قلب أمه» مع «شيكو» وهشام ماجد، كما شارك حمدى الميرغنى بطولة فيلم «الأبلة طمطم» لياسمين عبدالعزيز.
٢
انشغال الفنان بالتجربة السعودية يهدر مكاسب ٥ سنوات
فتحت تجربة «مسرح مصر» لمؤسسها أشرف عبدالباقى نوافذ للنجاح، وبدت أنها فرصة العمر التى جاءته متأخرة، فبات مع فرقته حديث الشارع فى السنوات الأخيرة، لكن بيده قد يهدر ما فعله ويعود إلى النقطة صفر مرة أخرى.
كانت البداية عام ٢٠١٣، عندما اتفق المنتج محمد عبدالحميد فيردى مع «عبدالباقى» على تقديم عروض مسرحية بمجموعة فنانين شباب وتسجيلها وعرضها بعد ذلك على قناة «الحياة»، وهو ما حدث فى نفس العام على مسرح جامعة مصر فى مدينة ٦ أكتوبر، وشهد حضورًا جماهيريًا محدودًا.
وبمجرد عرض المسرحيات على «الحياة»، لاقت الأعمال ردود فعل إيجابية، ما جعل صناعها يتحمسون لتقديم موسم ثانٍ، ليحقق نجاحًا جماهيريًا ملحوظًا، ويكتب شهادة ميلاد جيل فنى جديد.
نجاح التجربة دفع المنتج اللبنانى صادق الصباح للتعاقد مع أشرف عبدالباقى لنقل التجربة إلى «إم بى سى مصر» بأجور كبيرة، لكن الفنان المصرى حاول جس نبض منتجه الأصلى فطلب من «فيردى» زيادة أجره بجانب نسبة من الأرباح، فرفض «فيردى» فى البداية ثم وافق لاستكمال التجربة، لكن «أشرف» غيّر رأيه وقال إنه يريد إنتاج العروض بنفسه وبيعها لهم.
لم يوافق «فيردى» على هذا، فذهب «عبدالباقى» إلى «الصباح» و«إم بى سى مصر»، واستطاع إقناع أعضاء فرقته بذلك، خصوصًا بعد زيادة أجورهم ودفع المنتج الشروط الجزائية، ولأن التجربة الأصلية كانت باسم المنتج الأول غيّر «عبدالباقى» الاسم إلى «مسرح مصر».
هذه الرحلة الناجحة فى ٥ سنوات يبدو أنها تنتهى، على الأقل فى مصر، فقبل أربعة أشهر، بدأ أشرف عبدالباقى العمل على تجربة جديدة هى «مسرح السعودية» التى سينقل بها فورمات تجربته الأصلية إلى المملكة التى تشهد انفتاحا على الفن فى الفترة الأخيرة، وبالفعل سافر «عبدالباقى» إلى مدينة جدة واختار المسرح الذى سيقدم عليه العروض وبدأ فى تجهيزه، واستعان بكل عناصر نجاح تجربته الأصلية من جهود بشرية، كما تولى تدريب عدد من الشباب السعوديين فى ورش ليقدموا العروض.
وبدلًا من أن يواصل أشرف عبدالباقى تطوير «مسرح مصر» ومعالجة نقاط ضعفه وأسباب عزوف الجمهور عنه، بدا أنه وضع كل تركيزه مع تجربة السعودية التى ستكون بمقابل مادى ضخم بالتأكيد، وخلال انشغاله بكل هذا كان يجرى تسجيل عروض الموسم الخامس التى لم تحقق النجاح المنتظر منها.
يأتى هذا فى الوقت الذى رفض فيه مؤسس الفرقة مطالب الشباب بمصر بزيادة أجورهم، وتعاقد معهم بمبالغ زهيدة، فعقودهم فى الموسم الواحد تتنوع حسب نجومية كل منهم، لكنها تنحصر بين ١٠٠ و٧٠٠ ألف جنيه كحد أقصى، فى الوقت الذى يتقاضى فيه على ربيع ومصطفى خاطر وحمدى الميرغنى و«ويزو» أجورًا تتعدى المليون جنيه فى السينما والتليفزيون.
3
بروفات «العرض السادس» لم تبدأ.. والموعد غير محدد
قبل عامين، كان «مسرح مصر» بمثابة الفرخة التى تبيض ذهبًا لـ«إم بى سى مصر»، خصوصًا خارج المواسم الدرامية التقليدية مثل رمضان، فالتجربة التى انتقلت من قناة الحياة إلى الفضائية السعودية أفادت واستفادت من النافذة الجديدة.
الآن، تشهد القناة حالة تخبط وعدم استقرار، وظهر هذا بعد الفشل فى التعاقد مع النجوم الذين اعتادوا الظهور على شاشتها فى كل موسم رمضانى، وبالتالى أفلت من بين أيديهم المسلسل الأخير لعادل إمام «عوالم خفية» وكذلك مسلسل محمد رمضان «نسر الصعيد»، وجاء تراجع نسب مشاهدة «مسرح مصر» ليزيد الطين بلة، ما سبب خسارة كبيرة للقناة التى تبحث حاليًا عن بديل قوى يعوِّض التجربة.
فعند عرض الموسم الخامس، واجه صناع «مسرح مصر» أزمة كبيرة، فبرغم الحضور الجماهيرى للعرض داخل المسرح، لم يلق نفس النجاح والإقبال عند عرضه تليفزيونيًا.
وفى محاولة منها لحل المشكلة، أعلنت القناة عن عرضه فى أكثر من موعد، بعد عزوف المعلنين عنه، بخلاف المواسم السابقة التى كانت تتهافت فيها الشركات الدعائية على حجز مساحاتها الإعلانية مبكرًا.
فى البداية، عرضت القناة ٥ حلقات فقط من الموسم الخامس ثم أوقفت العرض، وقررت ضمه لخطتها الترفيهية فى شهر رمضان ضمن باقتها الإعلانية الكاملة حتى لا يتم إهدار مردوده، ولكن فكرتهم لم تنجح، خصوصًا أن أغلب المشاركين فى الموسم كانوا يقدمون أعمالًا درامية من بطولتهم على قنوات أخرى، كما أن الجمهور بطبعه يبحث عن الجديد لمشاهدته فى رمضان.
بجانب هذا، فإن الجمهور تعوّد على مشاهدة الأعمال الدرامية فى هذا الوقت، كما أن نجاح «مسرح مصر» فى البداية قام فى الأساس على عرضه فى موسم منفصل، هذا بخلاف أن القناة عرضت ١٥ حلقة جديدة فقط ثم استعانت بعروض قديمة وألقتها فى وجه المشاهدين. الآن، بات هناك موسم سادس، لكن صناع «مسرح مصر» ربما لا يدرون أن هذا الموسم قد يكتب «شهادة وفاة» التجربة، فإلى الآن لم تبدأ البروفات، ولم يعلن أحد أى موعد للعرض، كما أن مبنى المسرح يشهد بعض التجديدات، وكل ذلك بالرغم من تعاقد صادق الصباح عليه منذ انتهاء عرض «الخامس»، أثناء الاحتفالية التى أقاموها بمناسبة تقديم ١٠٠ عرض.