رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الخديو توفيق.. العاشق المرغم على الحكم

الخديو توفيق
الخديو توفيق

لم يقيد الخديو محمد توفيق باشا منصبه؛ ولم تتمكن السلطة من أن تلف حول رقبته حبلًا ينذره بالخطر كلما دق ناقوس قلبه أو جرفه الشوق إلى غرام قد كان، وعلى الرغم من بلوغه العقد الثالث من عمره إلا أن قلبه كان في مرحلة كهولة مبكرة بعد أن اضطر إلى شغل منصب رئاسة وزراء مصر وعمره 27 عامًا.

وُلد محمد توفيق في 15 نوفمبر 1852 ورحل عن عالمنا في السابع من يناير 1892، عن عمر ناهز 39 عامًا، وعُد الحاكم السادس لمصر من الأسرة العلوية، والابن الأكبر للخديو إسماعيل من الأميرة شفق نور التي لم تكن في درجة باقي زوجات الخديو إسماعيل، وعُدت كحاضنة لمُولده في رحمها.

كان للحب بأشكاله المختلفة في حياة الخديو المُرغم علي الحكم تقديرًا مختلف، ووضع له قاعدة واتخذه عقيدة وعده عُقدة، بسبب ما واجهته الأميرة والدته في كنف والده الخديو، فآثر العزلة النفسية عن إسماعيل وساءت علاقتهما، وعزز الفجوة بينها الظرف السياسي الذي مرت به البلاد آنذاك.

في حياة الخديو الصغير أزمات جعلت قراراته تفتقر إلى الاتزان، إذ استلم توفيق حكم البلاد في 1879، خلفًا لنوبار نوبريان باشا الرئيس الأول لوزراء مصر، آنذاك كان الاحتلال الإنجليزي فرض سطوته علي مجريات الأمور، بالتعاون مع الفرنسيين، ولم يظهر الخديو إسماعيل أية مقاومة أمام إجباره علي العزل وترك منصبه مقابل خفض قيمة الدين الأجنبي علي مصر، وأن يتولى أكبر أبنائه الحكم، فأنصاع لهم.

وكسقوط حجرٍ في بئر، وقع الخديو توفيق في دائرة الاحتلال الإنجليزي والفرنسيي، وكان بين مطرقة الباب العالي في الأستانة وسندان الاحتلال في القاهرة، فكليهما سعيا إلى تضيق الخناق عليه، حيت لا يحقق الآخر أيه انتصار.

شكل الخديو المُرغم على الحكم مجلس النظار المصري في 1879 من أفلاطون باشا لنظارة الجهادية والبحرية، وذو الفقار باشا لنظارة الخارجية، ومصطفى رياض باشا لنظارة الحقانية والداخلية، وفشلت هذه الوزارة في أن تحقق أنجاز خلال ولايتها يذكر، لكن التاريخ سجل عليها في عهد الخديو توفيق بيع حصة لمصر من قناة السويس التي كانت تقدر نسبتها بـ 15%، وبخسارة هذه الحصة رهنت المصلحة المصرية لدى الألمان والفرنسيين.

كان لضعف إدارة النظارة في عهد الخديو توفيق بالغ الأثر في تعبئة الشعب المصري ضد سياسة السلطة والتي وصفت آنذاك بالعميلة، وكانت لتأخر حركة الضباط في الجيش المصري فهل الشرارة الأولي لإطلاق نيران ثورة أحمد عرابي سنة 1881.

إذ عمد رياض باشا ووزير حربيته عثمان رفقي على تأخير ترقية الضباط الوطنيين وكلهم مسلمون، وبدا أنه مخطط خارجي لإضعاف الجيش المصري، فقامت ثورة أحمد عرابي الشهيرة شهد عهد الخديو توفيق أحداث عدة منها الثورة العرابية والاحتلال البريطاني، وانفصال السودان عن مصر عام 1884.

كانت حياة الخديو توفيق الشخصية هادئة وغير مسيرة للجدل، إذ غلفت بالود وبالحب مع رفيقته الأولي والأخيرة أمينة إلهامي، وأنجبَ الزوجان كلٍ من عباس حلمي الثاني، محمد علي، نازي هانم، خديجة هانم ونعمة الله، توفي في قصر حلوان بالقاهرة في 7 يناير 1892.