أسرار ربما لا تعرفها عن حياة ليوناردو دافنشي

* يعد "ليوناردو دافنشي" واحدًا من أهم عباقرة عصر النهضة في أوروبا بل ويمكن القول أيضًا أنه أحد أعظم عباقرة البشرية، وقد قال عنه الملك فرانسوا الأول "ما من رجل في هذا العالم يتمتع بالصفات التي يتمتع بها ليوناردو دافنشي فهو رسام ونحات ومهندس معماري وطبيب وعسكري وفوق كل هذا فيلسوف".
* وُلد ليوناردو دافنشي في بلدة أنشيانو الإيطالية وكانت ولادته في 15 أبريل من عام 1452م، وتوفّي في 2 مايو عام 1519م في مدينة كلوس لوسي الفرنسية.
* وُلد دا فنشي لأب وأم غير مرتبطين برباطٍ شرعي، وقد كان والده "سير بييرو دافنشي" محاميا وكاتب عدل، أما أمه "كاترينا" فقد كانت من الفلاحين، قضى دافشني أول حياته مع أمه، وعندما أتمّ الخمس سنوات انتقل للعيش مع والده، وقد وفر له والده حياة ارستقراطية ولكنه حرم من حنان الأم ودفء صدرها.
* ولع ليوناردو دافنشي منذ صغره بدراسة الموسيقى والرياضة والنحت والرسم والتحق بجماعة القديس لوقا مما أتاح له دراسة علم التشريح.
* قبل عيد ميلاده الـ24 اعتقل وحول إلى المحاكمة بتهمة اللواط ولحسن حظه أطلق سراحه لعدم كفاية الأدلة ولكن تلك الحادثة المؤسفة اضطرته إلى أن يرحل عن "فلورنسا" بإيطاليا، وكان هذا الحادث صادمًا ليوناردو فكتب يقول " كلما كنت تتمتع برهافة الحس،  ازداد عذابك وطالت معاناتك".


إنجازات ليوناردو دافنشي:
* تميز ليوناردو دافنشي عن أقرانه من الفنانين من أمثال مايكل انجلو بقدرته على رسم الجياد والوجوه البشرية المعبرة عن المعاناة التي لم يتمكن أحد من قبله أن يجسدها . ويعد أول رسام إيطالي قام برسم المناظر الطبيعية والحدائق والأشجار والزهور، وهو أول رسام أعطى الضوء والظلال أهمية كبرى.
* أول من وضع أسس علم التشريح المقارن واستطاع رسم الجسم البشري من الداخل والأحصنة بمنتهى البراعة ، كما رسم بعض أجزاء الجسم بطريقة المقاطع العرضية.
* أول من سلط الضوء على عمل الدماغ والشرايين.
* أول من أقدم على دراسة الجنين وهو في بطن أمه.
* سبق الكثير من العلماء الذين جاءوا من بعده أمثال جاليليو ونيوتن وداروين فقال دافنشي إن"الشمس لا تدور حول الأرض، والأرض ليست مركز الكون وليست في مركز دائرة الشمس ، كما أكد ضرورة صنع منظار ليرى القمر بهدف دراسته والأجرام السماوية وتحدث عن نظرية الجاذبية الأرضية قبل نيوتين بمائتي عام فقال (كل جسم ثقيل يتجه نحو الأسفل و ليس الأعلى والأرض كروية).
* في مجال الجيولوجيا اكتشف كيف تتآكل التربة والصخور بفعل المياه فكتب "تحفر المياه قمم الجبال وسفوحها وتتجمع في الوديان".
* يعد أول من أسس علم النبات واكتشف عدة نظريات كما قال "إن الحلقات التي تبدو على المقطع العرضي لجذع الشجرة تدل على عمرها".
* صمم العديد من الآلات التي تساهم في زيادة الانتاج وتؤمن سلامة العمال وأهمها (النول) الذي اعتبر بداية لعصر الثورة الصناعية.
* في مجال الهندسة العسكرية وضع دافنشي تصاميم أسلحة عديدة نفذت بعد أربعمائة عام كالمصفحات والرشاشات ومدفع الهاون والصواريخ الموجهة ، ومن حسن حظه أنها لم تستعمل في حينها لأن ليوناردو كان رجل سلام وقال عن الحرب "إنها الجنون المطبق أو الوحشية المطلقة" ولم تكن اختراعاته تهدف إلا للمحافظة على الحرية التي هي أروع هبات الله للبشر ولذلك كتب يقول "لا أتمنى أن توضع تصاميمي العسكرية موضع التنفيذ حتى لا تمتد يد الشيطان إليها ، بسبب طبيعة البشر الشريرة".
* في مجال الاختراعات وضع تصاميم لآله طائرة ومظلة الهبوط (الباراشوت) والسلم المتحرك الذي يستخدمه رجال الإطفاء حتى اليوم والساعة المائية وكرسي المعاقين.

أسس عبقرية ليوناردو دافنشي
يوضح الكاتب "مايكل غِلب" في كتابه "كيف تفكر على طريقة ليوناردو دافنشي؟ أن هناك 7 أسس قامت عليها عبقرية ليوناردو دافنشي وهي ما يلي:
1. الفضول: ويقصد به الرغبة الدائمة والملحة للتعرف على كل شيء جديد واكتساب معارف، أدرك ليوناردو أهمية استمرار التعلم. وكان يرى أن عقولنا ستصبح خاملة إن لم نستمر في شحنها، تماما كالحديد يصدأ إن لم يستعمل. لذلك لم يكف دافنشي عن التساؤل ولم يتوقف عن طلب المزيد من المعرفة، ودفعه حب المعرفة والفضول إلى الاهتمام بدراسة الأحصنة والطيور والماء والضوء، كما ساعده فهمه العميق للإنسان من كل جوانبه إلى أن يعطي لوحاته جمالًا سحريًا.
2. التأكد: تكمن عظمة ليوناردو دافنشي في رفضه تقليد الآخرين واعتماده على الشك طريقًا للحقيقة ورأى أن التعلم يكون من خلال التجارب ويعني التعلم من الأخطاء فكتب يقول "الخبرة لا تخطئ ، إنما تصوراتك هي التي تخطئ".
3. الإحساس: ويعتمد على رهافة الحس وبعد النظر كوسيلة للاستفادة من التجارب والخبرات.
4. الشك والتساؤل: ويقصد به الرغبة في إزالة الغموض والشك في كل شىء ، ليس لمجرد الظنون بل للوصول الى اليقين والتعرف إلى الحقيقة.
5. التوازن بين العلوم والفنون: ويقصد به التوازن بين الخيال والواقع بين المنطقي واللامنطقي وأن تستفيد من عالم الخيال في خدمة العلم ، فالشاعر ينظر إلى الزهرة ليصف لونها أو ما تمثله من رمز للحب أما العالم فهو يحلل كيفية اكتساب هذه الزهرة ألوانها، لذا سعى دافنشي لإثبات أن البحث عن الجمال لا يتعارض مع البحث عن الحقيقة فدرس العلوم والفنون معًا درس الصخور والكواكب والتشريح والهندسة المعمارية وعلم النبات والفيزياء وفي نفس الوقت درس النحت والرسم والموسيقى.
6. اللياقة الجسدية: كان ليوناردو دافنشي معروفًا بقوة جسده وبشهرته كفارس ماهر يتمتع بقوى أسطورية حيث كان باستطاعته أن يوقف الأحصنة في قمة عدوها بكبح لجامها، وثني حذوتها الحديدية بيديه! وكان يمارس المشي والسباحة والمبارزة وركوب الخيل وكان نباتيًا وطاهيا جيدًا، آمن أن النظام الغذائي الجيد هو مفتاح التمتع بالصحة والعافية فضلًا عن أنه استطاع أن يرسم باستخدام جهتي جسده فكان يرسم ويكتب بكلتا يديه.
7. الترابط : ويقصد به إعطاء أهمية لترابط الأشياء ببعضها (منهجية التفكير)، بدأ الترابط لدى دافنشي بحبه للطبيعة وازداد بقيامه بالتشريح البشري والحيواني للأحصنة والأبقار والخنازير وحيوانات أخرى، ولعل أحد أسرار إبداع ليوناردو وفرادته يعود إلى اعتماده طوال حياته على تجميع ووصل عناصر مختلفة ببعضها البعض بهدف خلق نماذج جديدة.
ورغم الأخطاء والفشل لم يتوقف ليوناردو عن التعلم والابداع وعن إجراء التجارب، حتى إنه كتب إلى جانب إحدى رسوماته "لن أتخلى عن قلمي" وكتب أيضًا " العقبات لن تثنيني ، وبالمثابرة يمكن تخطي جميع العقبات" .

أعمال ليوناردو الفنية :
قام ليوناردو برسم العديد من اللوحات الرائعة من أشهرها الموناليزا ، العشاء الأخير ، معمودية المسيح ، عذراء الصخور، العذراء تغزل النسيج .القديس جيروم في البرية.
لوحة الموناليزا
* تعد لوحة الموناليزا اللوحة الأشهر والأكثر غموضًا ، قال عنها سيجموند فرويد "إنها أفضل تعبير عن حب المرأة والحياة"، وكتب عنها أنها "المسيح الأنثوي" وقال عنها المؤلف والتر باتير "إنها مخلوق مكتمل التناغم ساحر إلى الأبد".
* تتميز ابتسامة موناليزا بالكثير من المتناقضات، فيها الخير والشر معًا والطهارة والبراءة والإغواء، وقد تعمد ليوناردو دافنشي عدم إظهار زاويتي الفم والعين بخطوط واضحة ولكن من خلال ظلال ناعمة رقيقة الأمر الذي يجعلنا في تساؤل دائم حول الحالة النفسية للموناليزا وبأي مزاج تنظر إلينا.
وتبقى الموناليزا لغزًا محيرًا فمن هي الموناليزا ؟
يقول الدكتور ريمون ستايتس مؤلف كتاب "عظمة ليوناردو دافنشي" إنها إيزابيلا دي إيستي مركيزة مانتو، ويرى آخرون أنها ربما مزيج من كل النساء اللواتي عرفهن ليوناردو طيلة حياته، وهناك رأي آخر أنها تمثل الوجه الانثوي ليوناردو دافنشي وهذا القول العجيب أكدته الدكتورة ليليان شوارتز مولفة كتاب "الفنانون والحاسوب" واستندت الدكتورة ليليان في قولها هذا الى قياسات علمية قامت بها بواسطة الحاسوب لمقارنة لوحة الموناليزا مع رسم لوجه ليوناردو مرسومًا بالطبشور الأحمر عام 1518 ومن خلالها توصلت د. ليليان شواتز إلى القول "إن هذه اللوحة الأكثر شهرة في العالم ليست سوى الرسم الشخصي للفنان نفسه، وربما تكون الموناليزا هي اللوحة المعبرة عن روحه، وبغض النظر عمن تكون الموناليزا وعن هويتها الحقيقية تبقى الأكثر تعبيرًا عن الغموض في حياة ليوناردو دافنشي.
وكما كان ليوناردو دافنشي عبقريًا في مجال العلوم والفنون فقد كان معلما وفيلسوفًا أيضا وقد قدم لنا العديد من النصائح في كثير من المجالات بما فيها العلاقات الانسانية والأخلاق وكيفية التمتع بصحة جيدة، وفيما يلي بعض تلك النصائح:
1. احذر الغضب وتجنب الكآبة والغم وكن دائم المرح
2. مارس تمارين رياضية معتدلة
3. تناول الطعام فقط عندما تريد وتناول عشاء خفيفًا
4. تناول طعاما بسيطًا وامضغ جيدًا
5. من يملك أكثر هو من يخشى الخسارة
6. لا تعد نفسك بشىء ولا تقم بأشياء تسبب لك ألما ماديًا عندما تخسرها
7. يتطلب العدل القوة والبصيرة والإرادة
8. من يمش مستقيما نادرًا ما يقع
9. اطلب النصيحة ممن يجيد حكم نفسه
10. إن ذاكرة الفوائد ضعيفة أمام الجحود
11. وبخ صديقك في السر وامتدحه أمام الاخرين
12. كما تحمي الثياب من البرد ، يحمي الاحترام من الإهانة
13. أن تستمتع هو أن تحب شيئا لذاته وليس لأي سبب آخر.
14. كان ليوناردو مولعًا بالقول اللاتيني القديم "الحب يهزم كل شىء".