رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الغزال.. كيف يبتكر تييري هنري كرة قدم جديدة؟

تييرى هنرى
تييرى هنرى

كان الغزال الفرنسى تييرى هنرى واحدًا من الأسماء التى رفعت جماهيرية نادى أرسنال الإنجليزى إلى عنان السماء، ورغم تواضع الفريق فى العشرية الأخيرة مقارنة بنظائره فى أقوى دوريات العالم، إلا أن الرصيد الذى تركه «الديك الفرنسى» رفقة أفضل الأجيال التى دافعت عن ألوان «الجانرز» وتركت خلفها جماهيرية غفيرة، ارتبط دائمًا بالبحث عن الكرة الجميلة التى قدمها هذا اللاعب الخارق وزملاؤه.

كان «هنرى» واحدًا من اللاعبين الذين غيّروا مفهوم «المهاجم» فى لعبة كرة القدم، لم يكن ذلك اللاعب الذى يلتزم بالبقاء فى مناطق الخصم، بل كان الخروج على الأطراف وتسلم الكرة من المناطق الخلفية والاعتماد على الذات فى العبور والمراوغة والابتكار طريقه الأوضح، الذى أظهره فى ثوب «اللاعب الخارق».
يستطيع «هنرى» أن يتواجد على أى من الخطين، يمينًا ويسارًا، وإذا دخل فى العمق فهو نموذج للمهاجم الذى يستطيع أن يتسلم الكرة تحت الضغط ويراوغ خصمه بحركات ساحرة وسرعات خارقة، وفى القوة البدنية هو استثنائى أيضًا، لذلك أسهم مع الظاهرة البرازيلية رونالدو دى ليما فى تطوير أداء المهاجمين، وبدأت المفاهيم تتبدل بعدها حتى ظهر الإسبانى بيب جوارديولا الذى وظف «الخارقين» من أمثال «هنرى» فيما سُمى «المهاجم الوهمى»، فرأينا ميسى وأخيرًا دى بروين يصنعان العجب فى مراكز لم يعرفاها سوى على يد جوارديولا.
وكما كان «الديك الفرنسى» رائدًا ومبتكرًا فى الملعب، وظلت أهدافه ومشاهده الخيالية عالقة فى الأذهان يستشهد بها الجمهور، وشركات التسويق التى تلجأ لأهدافه فى عمليات الترويج للبريميرليج دائمًا- عاد من جديد يطل علينا بوظيفة ومهنة خارج الصندوق أيضًا مع منتخب بلجيكا الذى يبهر العالم فى مونديال روسيا.
مساعد المدير الفنى لشئون المهاجمين، هو التوصيف الدقيق لمهنة اللاعب الفرنسى السابق فى جهاز منتخب بلجيكا، لم يكن يعرفه العالم قبله، وربما يكون انطلاقة جديدة فى عالم كرة القدم ومكونات الأجهزة الفنية بعدما ظهر الهجوم الأحمر بشكل شيطانى مرعب حتى أمام أقوى منتخبات العالم «البرازيل».
أصر المدرب الإسبانى روبيرتو مارتينيز، المدير الفنى لمنتخب بلجيكا، على اصطحاب صديقه «هنرى» بجهازه المعاون، وراهن على دور جديد ومستحدث بدت ملامح تأثيره الكبير فى هذه البطولة.
رأينا فى بلجيكا، لوكاكو مخيفا، غير ذلك اللاعب «المكبل بالقيود» فى صفوف مانشستر يونايتد، رأينا حصانًا جامحًا لا يستطيع أحد توقيفه، خلاف ذلك المهاجم «البدين» الذى يتوقف أمام أصغر مدافعى البريميرليج.
ولكن الفارق فى وسط بلجيكا القوى.. هكذا قد يشكك البعض فى تأثير هنرى، لكن الحقيقة تقول إن «وسط يونايتد» لا يقل قوة وأثرًا عن بلجيكا، فهاهما بوجبا ولينجارد، نجما وسط اليونايتد، يقودان منتخبى بلديهما إلى مربع الذهب.
الفارق بين لوكاكو بلجيكا، ولوكاكو اليونايتد، هو مدرب ركز فى تفاصيل التحركات، ونوعية القرارات، ركز فيما يمتلك من قدرات وعمل على استخدامه بشكل أمثل، وعرف متى يكون على الطرف لتوقيف ظهير الخصم، واستخدام سرعاته تارة، أو بالتواجد فى العمق لتفريغ المساحات لزملائه القادمين من الخلف تارة أخرى.
رأينا أيضًا «هازارد» أكثر تألقًا مما شاهدناه مع تشيلسى فى هذا الموسم، فاللاعب يتم استخدامه فى أكثر من دور، ويتم توظيفه فى أكثر من مكان بالمباراة الواحدة.
كذلك البديل باتشواى، ظهر فاعلًا مع فريق بلاده فى العام الأخير، كما أن الأدوار الهجومية لصانعى الألعاب دى بروين وناصر الشاذلى، فاعليتها واضحة.
مؤكد أن عمل «مارتينيز» ضخم وكبير وأثره واضح، لكن فيما يتعلق بالتنوع الهجومى، وإسهام لاعبى الخط الأمامى وصناع اللعب فى تقديم نتائج رائعة وظهور هذا الخط بشكل أفضل كثيرًا من النواحى الدفاعية للفريق، يعكس أن هناك جهدا أكبر يحدث فى المناطق الأمامية، وأن تركيز مارتينيز عبر تييرى هنرى فى أدق التفاصيل لتحركات وقرارات المهاجمين بدعة جديدة ستقودنا فيما بعد لطفرة فى عالم الهجوم بكرة القدم، ليبقى الغزال سباقًا داخل وخارج المستطيل الأخضر.