رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السم

جريدة الدستور

ألكسندر الأثينى
الشاب بهى الطلعة
الذى نافس أبوللو فى جماله
وخلده شاعر الإسكندرية
كفافيس
فى قصيدةٍ لغزٍ
تناقلها أصدقاؤه
القليلون
يقرأونها بمتعة شديدة
وجدت جثته
داخل غرفة
الفندق البحرى
فى محطة الرمل
بعد كتابة القصيدة
بعشرة أيام.
مستلقيًا متألق العرى
فى فراشه
حريرى الملاءات
تحت ناموسية
رقيقة التصاميم
من دانتيلا بيضاء
أمام شباك تسعده
شمس المتوسط
الجامحة.
وورقة زهرية اللون
بين أصابعه
الرقيقة
كتب فيها بحبر يفوح منه
عطر كافورى
بخط مائل
يشبه خط الشاعر
(سعدية سى أغابو)
لم يستطع سوى
مانولى صبى الغرف
أن يقرأها
للطبيب المصرى الذى عاين الجثة.
قال مدير الفندق لليوزباشى
القيم ذى الطربوش الطوبى
وعين الصقر
وذهب نجماته المغطرِس بسذاجة
إن سعدية فتاة ليل
خمرية روح
زارت الفتى منذ يومين.
أما زجاجة الدواء السام التى تناولها
المحقق بكل حرفية
فكانت الدليل الأمثل على انتحاره.
أقر مانولى دامعًا بشرائها منذ ساعة فقط ولم يكن يعلم أنها سم.
دخل الكاهن متدثرًا بقوة ردائه
يلعن المنتحر.
تمهل الطبيب قليلًا ثم قال له:
لم ينتحر
مات حزنًا قبل أن يسرى السم
فلا هو ناجع ولا أتم دورته بعد
احتد الكاهن
الذى أتوا به مكرهًا:
هو منتحر بالنية
والنار مثواه.
ظلا طويلًا يتحاوران ويتنابشان ويختصمان.
أما الميت نفسه فلم يكن يبالى
ولا المحقق ولا سعدية
وربما ولا كفافيس نفسه
وبالطبع
ولا إلهه.