رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

زارْ الحبشة.. كاهن إثيوبى يطرد الجن من أجساد المسيحيين مقابل 100 دولار

كاهن إثيوبى
كاهن إثيوبى

«الرجال يبكون والنساء يصرخن.. والكاهن يأخذ من كل شخص ١٠٠ دولار على الأقل ليطرد الأشباح من أجسادهم».. ليس هذا مقطعًا من رواية، بل واقًعا وثّقه المصور التشيكى ديفيد تيسينسكى، فى الكنيسة الأشهر بإثيوبيا، خلال تقرير مصور نشرته صحيفة «ديلى ميل» البريطانية، أمس، عن الطقوس الدينية فى أديس أبابا.

إثيوبيا أو الحبشة، تلك الدولة الإفريقية غير الساحلية، التى توصف عاصمتها بـ«الزهرة الجديدة»، لا تزال وفقًا للصحيفة تحتفظ بطقوس غريبة تختلط بالمسيحية، يقيمها كاهن يُدعى «ميمهير جيرما وايدمو»، الذى يصفه الإثيوبيون بـ«طارد الأرواح الشريرة».
وحسب التقرير، يجتمع مئات الأشخاص فى كنيسة قريبة من العاصمة أديس أبابا، بعد أن يدخروا ما يعادل راتب شهر، لتخليص أنفسهم من الشياطين، فى حفل إثيوبى مهيب، يشبه إلى حد كبير حفلات الزار الشعبية فى مصر، ويبدأ الطقس بالصراخ والبكاء والأناشيد، ويتجول الكاهن بين المصابين من وجهة نظرهم بالمس الشيطانى، ليباركهم بالماء المقدس، فيلمس جباههم ويرشّهم بقطرات بعد أن يتسلم الأموال مقدمًا، قبل أن يبدأ عمله.
وحسب وصف المصور العالمى، فإن مئات المسيحيين يحجزون أماكنهم فى الاحتفال، من أجل مقابلة الكاهن، الذى يشتهر محليًا بقدرته الخارقة على مجابهة الجن وطرده من أجساد الناس.
البكاء هستيرى، حسب الصور، والحضور يشمل جميع الأعمار، ويتسلح الكاهن بالصليب والماء، ويطلب فى بعض الحالات من الأقارب أن يقيدوا المريض، ويبدأ فى ركله وضربه حتى يسيطر على الجن داخله.
الصور تُظهر امرأة يمسكها رجلان، تصرخ بينما يرش عليها الكاهن الماء المقدس، وتُظهر كذلك رجلًا يبكى بشكل هستيرى، بينما يقرأ صاحب الصليب تعويذاته المقدسة.
كما تُظهر لقطات أخرى مذهلة، امرأة تصرخ على ما يبدو بكل قوتها، وهى تتوسل إلى الكاهن، وينخرط رجال حولها فى البكاء، بينما يختلط الماء المقدس بالدموع والعرق، والكاهن يقف متحفزًا، ويبدو عليه كأنه يصارع بملامحه شخصًا ما.
وحسب التقرير، فإن المصور سافر إلى إثيوبيا، ولم يتمكن فى البداية من الدخول لتصوير تلك الطقوس، وبذل مجهودًا كبيرًا لإقناع شعب الكنيسة بأن العالم يريد أن يعرف كيفية التخلص من الجن بشكل دينى منضبط.
وذهب المصور إلى كنيسة «يرز سيلاسى»، وقال «تيسينسكى»: «كان الناس يبكون ويصرخون، وكان (ميمهير) يلكمهم، وعلمت أن الكاهن رفض عروض كل الكنائس الأخرى، لأنه كسب مالًا أكثر من الكنيسة التى عقد الاحتفالات بها».
ويضيف المصور: «رأيت امرأة عجوزًا جدًا تقدم له مبلغ ١٠٠ دولار من أجل طرد الشياطين، وكان يريد المزيد»، ويروى أن الحدث يوضح مظاهر الخوف والإيمان والتحرر، وأن ما يحدث هو ثمن الحرية.
وأوضح التقرير أن هناك معتقدات قوية تسيطر على ما يقرب من ثلاثة أرباع المسيحيين فى إثيوبيا، يدّعون جميعًا أنهم تعرضوا لمس من الأرواح الشريرة، أو شاهدوا الجن، وعادة ما يتم تنفيذ هذه الطقوس إذا كان شخص ما لا يستجيب للطب الحديث، أو إذا كان يسىء التصرف، بينما تعتقد عائلات المرضى أنهم مُسيطر عليهم من قِبل «روح شيطانية» أو «بودا»، وهى قوة العين الشريرة، ويجب أن يخرجها كاهن إثيوبى من البلاد.
والديانة المسيحية قديمة جدًا فى إثيوبيا، والكنيسة الإثيوبية هى أكبر كنيسة مسيحية فى فترة ما قبل الاستعمار فى إفريقيا، وكان الاعتقاد فى الشياطين موجودًا فى جميع أنحاء البلاد، لا سيما فى المناطق الريفية، ووفقًا لدراسة استقصائية عام ٢٠١٠، فإن الغالبية العظمى من مسيحيى إثيوبيا يؤمنون بجدوى هذا الطقس.
ويعزى البعض استمرار تلك الطقوس فى العصر الحديث، إلى تاريخ إثيوبيا، فهى موطن مملكة أكسوم القديمة، وفيها وُجد أقدم هيكل بشرى عمره ٤٫٤ مليون سنة، مما جعلها موطنًا للعديد من الطقوس الغريبة، فضلًا عن أن لها أطول سجل تاريخى للاستقلال فى إفريقيا، إذ لم تخضع للاستعمار إلا فى الفترة من ١٩٣٦ وحتى ١٩٤١، عندما اجتاحت القوات الإيطالية أراضيها فى حملتها على شرق إفريقيا قبل خروجها من المنطقة بعد توقيع الاتفاق «الأنجلو - إثيوبى» فى ديسمبر ١٩٤٤.