رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يوسف أيوب: صحافة جديدة في صوت الأمة.. هدفنا دعم الدولة.. و"رئيس التحرير الشايب" ليس له مكان (حوار)

عدسة محمد عطا
عدسة محمد عطا

لو أتيحت الفرصة لصاحبة الجلالة للتعبير عمّا تحمله في صدرها من هموم، فالمؤكد أنها ستوجه حديثها للعاملين عليها قائلة: «لا تلوموني، لكن لوموا أنفسكم» فما أعنيه الآن من أزمات وعقبات، ليس إلا جزاءًا وفاقًا لصنيع فئة كذبوا برسالتي كذبًا، ابتغاءً لشهرة زائلة أو مال ينفد.

فإذا كانت الصحافة تسعى لأجل استعادة وهجها القديم وبريقها الدائم، فهي بحاجة إلى رجال ذوى أخلاق مهنية منيعة من الهوى والفساد.

وسط تلك الأجواء الملبدة بالغيوم التي تحوم حول صناعة الصحافة جاء لقاء "الدستور" مع الكاتب الصحفي يوسف أيوب، رئيس تحرير موقع «صوت الأمة» في تجربة شبابية أشبه بالمغامرة.

«أيوب» أكد خلال حديثه استعداده لخوض غمار ذلك التحدي بكل ما أوتي من علم ودراسة ومعرفة، لافتًا إلي أنه يستعد لتقديم لغة صحفية جديدة لم تعهدها المواقع الإخبارية في مصر، وإلى نص الحوار:

◘ بداية.. كيف قرأت ورأيت خبر تكليفك برئاسة تحرير موقع صوت الأمة، خاصة وأنت واحد من المنتمين لجيل الشباب في الصحافة المصرية؟

○ يجيب: هكذا عوّدتنا اليوم السابع دائمًا، فأنا باعتباري واحدًا من أبنائها، كانت فكرة تصعيد القيادات الشبابية لتولي القيادة أمرا معتادا لدينا، فنحن ضمن المؤسسات القليلة المؤمنة بفكرة تمكين الشباب قولًا وعملًا.

وطيلة الفترات الماضية كانت فكرة إتاحة الفرصة للشباب عقيدة راسخة داخل عقل خالد صلاح، بدأها حين أسند رئاسة أقسام الجريدة لشباب لا تتجاوز أعمارهم 26 أو 27 عامًا، وجودها حين جعلني أنا وغيري من ضمن القيادات المسئولة عن إدارة الصحيفة، فأنا أشغل منصب رئيس التحرير التنفيذي منذ 4 سنوات، وكان عمري وقتها 34 سنة.

◘ ألم تخش خوض غمار تلك التجربة وأنت في تلك السن الصغيرة نسيبًا؟

○ أولًا، كل خطوة جديدة في الحياة تكون مصحوبة بالقلق ومحاطة بالرهبة؛ لكنني كانت لدي الرغبة في الإقدام والسعي لإثبات الوجود، لذا فقد نحيّت الخوف جانبًا، فأنا لست ممَنْ يهابون أو يرهبهم الفشل.

ثانيًا: فكرة رفض خوض غمار تلك التجربة لم يكن مطروحة لدي؛ فعندما تواتيك فرصة مثل تلك، فالمؤكد أنها لن تتاح غدًا، وهو ما كان سببًا رئيسًا في قبولي إياها، إضافة إلى ذلك فأنني أزعم أنه تم تأهيلنا إداريًا ومهنيًا بطريقة سليمة وصحيحة داخل صالة تحرير اليوم السابع، وهو أضاف لنا خبرات وصنع لنا ثُقلًا.

ولسنوات طوال ظل منصب رئيس التحرير حِكْرًا على أصحاب الشعر الأبيض، ومؤخرًا بدأت تلك القاعدة في الانكسار، لذلك اعتبرت قرار تعييني بمثابة انتصار لجيل الشباب، ونجاحي لاحقًا في أداء مهمتي على الوجه الأكمل ستكون بمثابة فاتحة خير على ذلك الجيل.

◘ خلال فترة الكاتب الصحفي عادل السنهوري شهد موقع «صوت الأمة» تطويرًا ملحوظًا، هل ستبني على ما هو قائم أم ستبدأ في تأسيس تجربة جديدة؟

- التجربة بشكل عام ليست باسم أيوب أو السنهوري، ما أسعى إليه هو إعادة تموضع «صوت الأمة»، بمعني إعادة تقديم لغة صحفية جديدة، وهذه اللغة تتمثل في البحث عما وراء الخبر، واللجوء إلي الاشتباك الايجابي مع القضايا، بجانب الاستمرار في تقديم التقارير المعمقة والتحقيقات الاستقصائية، فالخبر لا يشغلنا تمامًا؛ خاصة في ظل سيطرة اليوم السابع على الخبر بشكل عام.

◘ لكن صحافة ما وراء الخبر تحتاج إلى صحفي من نوع خاص، فهل تمتلك «صوت الأمة» كفاءات قادرة على تحقيق ما تصبو إليه؟

○ بالطبع، أمتلك كتيبة صحفية تعج بذوي الكفاءة، فهم عبارة عن خلطة تجمع في تكوينها بين الخبرة والمهنية وملكة الكتابة الصحفية، خاصة أن أغلبهم تلقوا جرعات العمل الصحفي داخل صالة تحرير اليوم السابع، وهي واحدة من أفضل صالات التحرير في الشرق الأوسط، والعمل فيها يمثل صقلًا وإضافة لأي زميل.

أؤكد لك أننا قادرون على إحداث نقلة صحفية كبيرة خلال الفترة المقبلة؛ خاصة أننا نتّبع أسلوبًا في التدريب والتطوير يتمثل في العمل على أرض الواقع باعتباره من أفضل الوجبات الصحفية المفيدة للمحررين، بدلًا من فكرة التدريب النظري التي ليس لها قيمة على الإطلاق.

◘ برأيك.. هل ستكون شكل العلاقة بين موقعي صوت الأمة واليوم السابع علاقة تنافس أم تكامل؟

○ لا يوجد تنافس على الإطلاق مع اليوم السابع، فالموقع يغرّد في رحاب منطقة لا ينازعه فيها أحد، نحن فقط، نسعى للتكامل باللجوء إلى فكرة ما وراء الخبر.

◘ في ظل الأزمة الطاحنة التي تعايشها صناعة الصحافة الورقية والرقمية.. هل من الوارد أن يتم اللجوء لفكرة تقديم الأخبار مدفوعة الأجر؟

○ دعنا نقر بحقيقة مفادها  أن السوق العربي غير مرحّب أو مؤيد لفكرة تقديم الأخبار مدفوعة الأجر، وتلك نقطة.

هناك نقطة أخرى، تتمثل في أن معظم الصحف الغربية التي لجأت تلك الفكرة، وجدتها تجربة لم تؤتِ أكُلها مثلما كانت التوقعات، بل إن هناك بعض الصحف التي ناشدت القارئ إمدادها بالتبرعات لأجل الاستمرار.

الأزمة الكبرى التي تواجهها صناعة الصحافة في العالم بأسره تتجسد في ذلك الغول المسمي بـ« السوشيال ميديا»، الذي أصبحنا مطالبين، الآن، بمجابهته وحصاره قبل أن يلتهم ما تبقي من الصحافة.

◘ وهل تعتقد أن فرض ضرائب على إعلانات مواقع التواصل قادر على بعث الروح في الجسد الصحفي المنهك؟

○ اليوم السابع أول من طرق الحديد، وطرح مجموعة من الأفكار لإنقاذ صناعة الصحافة أملًا في إعادة بعثها من مرقدها، وكان من ضمن الأفكار المعروضة للنقاش فكرة فرض ضرائب على مواقع التواصل الاجتماعي.

فـ«السوشيال» صارت الآن منافس قوي لصناعة الصحافة، ومع نجاح الأزمات المادية في نسج شباكها الخانقة حول المؤسسات الصحفية، كان لا بدّ من البحث عن أساليب جديدة تستطيع من خلالها صاحبة الجلالة تحصيل موارد مالية تجعلها قادرة على البقاء.

◘ برأيك.. إلى متى ستبقي الصحافة أسيرة للإعلان يتحكّم فيها خافضًا ورافعًا لأقدارها؟

- سيبقي دائما الإعلام مرتبط بالإعلان فهو مصدر التمويل الرئيسي، وسيبقي دومًا روح تلك الصناعة، وبحكم إطلاعي على العديد من التجارب الصحفية والإعلامية على مستوى العالم، فهناك العديد من المؤسسات الصحفية التي لجأت لتأسيس شركات استثمارية خاصة بها، كمحاولة لخلق مصادر تمويل إضافية تمنحها قوة إضافية تدعمها في مواجهة التحديات الصحفية الصعبة.

◘ بصراحة.. هل يحلم يوسف أيوب بأن يكون رئيسًا لتحرير مطبوعة ورقية باعتبارها تجربة تبقي دائما أكثر توهجًا؟

○ لن أخجل حين أكشف لك بأنني لم أكن أسعى يومًا لنيل أي منصب إداري فعشقي الأول والأخير يتمثل في متعة العمل الصحفي داخل صالة التحرير، خاصة وأنني تدرجت في المناصب منذ أن بدأت العمل كمحرر نقابات وصولًا لرئاسة قسم الخارجي وانتهاءً بمنصب رئيس التحرير التنفيذي لـ«اليوم السابع»، وتلك واحدة.

أما الثانية، فأنا لست من أصحاب الفكر التقليدي الهاوي والمحب لرئاسة مطبوعة ورقية، فالصحافة الورقية أصبحت خارج نطاق التفكير، فالمستقبل للصحافة الالكترونية، لذا أسعي فقط لتقديم تجربة رقمية تنال التقدير والاحترام.

◘ متى يمكن للمتابعين تقييم التجربة بشكل كامل؟

○ بعد عام من الآن، ستكون التجربة أخذت وقتها وعندها يصبح للجميع حق تقييمها، وما أود التأكيد عليه هو أن مفهوم النجاح أمر نسبي من شخص لأخر، فأنا لست مطالبًا بتقديم كل شئ للقارئ.

فالصحافة مثل الذوقيات عند الناس لا يمكن الاجتماع والإجماع على أمر بعينه، فقط نسعى لتقديم تجربة صحفية تنال احترام الشطر الأكبر من القراء، نعيد معها اكتشاف «صوت الأمة» باعتبارها برند صحفي له تاريخه.

◘ هل سيشهد موقع صوت الأمة انضمام عدد من الكُتاب البارزين خلال الفترة المقبلة؟

- بشكل شخصي أرى أن صناعة كاتب شاب أفضل كثيرًا من إعادة استهلاك الأسماء الموجودة، فذلك خير وأبقي للمهنة والمؤسسة.

◘ البعض يرى أن الصحافة التي تقدمها اليوم السابع وما يتبعها من مؤسسات صحفية كـ«صوت الأمة» لا توجه أي انتقادات للحكومة في قراراتها وكأنها لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها.. تعقيبك؟

- لدينا سياسية صحفية تتخلص في دعم الدولة، والدولة هنا تشمل الحكومة والمؤسسات الدستورية والنيابية والمواطن؛ ونحن نساند الأركان الثلاثة، فمثلًا حين نؤيد الحرب على الإرهاب وتجد جماعة الإخوان رافضة لما نقوله ونكتبه، فهل مطلوب منا أن نُلقي بالًا لما يردده هؤلاء!

وهناك مثال آخر، فلدي قناعة تخالف ما يؤمن به البعض حول افتقاد مصر بشكل عام والصحافة بصفة خاصة للحريات، وهنا أجد نفسي مطالبًا بالتساؤل عن مفهوم الحرية لدي هؤلاء، فأنا مقتنع بأن كل شئ في حاجة إلي رابط، وبالتالي فأنا لست مستعدًا للتغريد خارج السرب الذي تُلحق فيه قناعاتي.

◘ بصراحة.. هل أنت متفائل بشأن مستقبل الصحافة ورقية كانت أو رقمية؟

- متفائل، شريطة أن تدرك الهيئات والمؤسسات الصحفية الأزمة الطاحنة التي تمر بها صاحبة الجلالة حاليا؛ فهم مطالبون الآن بالبحث عن حلول لها، وأعتقد أن الموجودون على رأس تلك الكيانات لديهم القدرة والمقدرة على إيجاد تلك الحلول.

◘ أخيرًا.. هل من الممكن أن يجمع يوسف أيوب بين العمل الإعلامي والصحفي كمقدم للبرامج خلال الفترة المقبلة؟

○ هي تجربة لو أتيحت أمامي لن أرفًضها، لأنها باختصار ستمثل ثراءً وإضافة لمسيرتي الصحفية والإعلامية.