رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ولا تزال الحرب مستمرة


كل سنة ومصر بخير وشعبها بخير وقائدها عبدالفتاح السيسى وأرضها بخير.
احتفلنا بمرور خمس سنوات على ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ العظيمة التى مرت سريعًا، ومازلنا فى مرحلة بناء دولة مستقرة وحديثة، وفى كل ما مر بمصر وطوال تاريخها كان أسوأ ما شهدناه وتمنينا رحيله حكمًا ظلاميًا أسود استمر عامًا طويلًا موجعًا وأليمًا.
لهذا فإننى اليوم أقول فى كل لحظة، وبغض النظر عن أى صعاب أو مشاكل، الحمد لله على نعمة الوطن والاستقرار، وفى ظل احتفالاتنا تذكرت أيام خطر عشناها لن تعود ولن يسمح بعودتها شعب مصر العظيم، ولا جيشها ولا شرطتها.
مازلنا حتى اليوم فى مواجهة يومية مع أعداء الوطن، لأن الحرب لا تزال مستمرة على الإرهاب الأسود، ولكننا أيضًا فى كل يوم يمر علينا يسقط لنا فيه شهداء من الشرطة أو الجيش.. فتحية لشهدائنا منهم.. ومهما كتبت أو قلت فلن تستطيع الكلمات أن تكون فى مستوى تضحياتهم وبطولاتهم اليومية والمستمرة من أجل الوطن، ففى كل يوم تروى دماؤهم الطاهرة أرضنا.
وهنا أتوقف بتحية خاصة وتقدير عميق من قلبى لأمهات الشهداء وزوجات الشهداء وبنات الشهداء، فكل واحدة منهن بطلة من طراز خاص وفريد، إن أمهات شهدائنا أو زوجات شهدائنا من طراز وطنى رفيع المستوى، صامدات صابرات مؤمنات.. راضيات بقضاء الله وإرادته التى فوق كل إرادة.
إن شهداءنا أنبل من فينا، فهم يذهبون للتضحية طواعية وبنفس راضية وقبول للفداء وسعادة بالشهادة، بل أحس بأنهم فئة أعلى من مستوى البشر، ففى كل يوم يعطوننا دروسًا فى الوطنية ونماذج للشجاعة الفائقة، وفى كل يوم تفقد أم أو زوجة او ابنة شهيدًا، لتعيش مصر فى عزة وكرامة واستقرار.
إننى بعد ٥ سنوات على ثورتنا العظيمة وخروج الشعب بالملايين لتفويض الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى كان وزيرًا للدفاع والقائد العام للقوات المسلحة؛ لمحاربة الإرهاب فى ٢٧ يوليو ٢٠١٣، أتقدم بالتحية لموقفه الشجاع، كما أُحيى كل فرد من الجيش المصرى والشرطة المصرية، فقد كانوا أعظم سند للإرادة الشعبية المطالبة بإسقاط حكم المرشد ورحيل الحكم الظلامى.
إننى أتوقف اليوم وبعد خمس سنوات أيضًا، وبشكل خاص عند تضحيات أسر الشهداء من الجيش والشرطة؛ لأقدم لهم خالص التحية والتقدير لما عانوه فى محاربة الإرهاب، وأعتقد أن الشعب المصرى يدين لهم وسيظل بنعمة الأمن والاستقرار اللذين نعيش فيهما.
إننى أفتخر عظيم الفخر وبكل الصدق، بمعرفتى وصداقتى لعدد من زوجات وأمهات الشهداء، وكثيرًا ما نتحدث ونلتقى فى مناقشات تعكس كل المحبة للوطن، وهن يروين لى صفحات يمكن أن تُكتب فى أفلام سينمائية أو دراما ليشاهدها الملايين ويعرفوا البطولات التى كانت وراءها.
إنها بطولات فريدة تستحق أن تُنتجها الدولة؛ لأنها تقدم واحدًا من أنبل أبواب الوطنية والشجاعة فى تاريخ مصر، بصورة توقف تيار الدراما الفجة والسطحية التى ملأت شاشاتنا فى رمضان، فقليل منها جيد والكثير غث وبلا رسالة.
فعلى سبيل المثال روت لى أرملة الشهيد عميد الشرطة عامر عبدالمقصود، نائب مأمور قسم كرداسة، التى ترتدى دائمًا قلادة تحمل صورة البطل، وأخرى عليها صورة ابنيهما، أن زوجها البطل كان فى داخل قسم كرداسة، واستشهد فى مذبحة كرداسة المروعة التى حدثت على يد الظلاميين فى ١٤ أغسطس ٢٠١٣ فاستشهد فيها ١٥ ضابطًا وجنديًا ومجندًا، والتى ستظل صفحة من البطولة لأفراد القسم جميعًا ووصمة عار من ضمن جرائم جماعة الظلاميين، حيث روت لى أرملة الشهيد أنه عندما جاءته تحذيرات بأن عددًا غفيرًا مسلحًا من جماعة الظلاميين يتجهون إلى القسم لاحتلاله ووضع علمهم الأسود عليه.. رفض أن يتركه أو يغادره وظل بداخله ليدافع عنه ورفض التخلى عن واجبه بكل شرف وشجاعة، هو وزملاؤه. وانتهى الأمر باستشهاده وزملائه من الضباط والجنود وحدثت المذبحة التى عرفنا تفاصيلها كلها فأدمت قلوبنا جميعًا.. أدمت قلب كل مصرى مخلص لهذا البلد وزرعت الكراهية أكثر فأكثر لكل الظلاميين وأتباعهم ممن باعوا الوطن.. وأكدت لى أيضًا أنه كان نموذجًا فريدًا فى الأخلاق والشجاعة، وكان محبوبًا من كل من عرفه أو تعامل معه، كما كان نعم الأب والزوج.. وفى كل مرة نتحدث تنهمر دموعها حزنًا عليه.. قلت لها إن قدرها أن تكون أرملة لبطل شهيد وشجاع.. وأن هذا شرف لها ولنا جميعًا.. إنما الأهم من كل هذا هو صبر جميل لكل أم شهيد وكل زوجة شهيد وكل أبناء الشهداء على فراق أغلى الغالين.. وبما أننا حتى اليوم نفقد شهداء فى كل يوم دفاعًا عن الوطن فى حربنا ضد الإرهاب، فإننى أتصور أن نضع لوحة شرف بأسمائهم جميعًا فى وسط ميدان التحرير حتى تظل أسماؤهم شامخة يراها كل من يمر هناك أو يتوقف أو يذهب للتنزه أو للاحتفال سنويًا بالثورة، وحتى تبقى أسماؤهم خالدة للأجيال من بعدنا جيلًا وراء جيل قدوة ونموذجًا للبطولة والوطنية والفداء.. كما أنه لا بد أن توضع بطولاتهم فى كتب التاريخ ليعرفها التلاميذ، وأن توضع فى المناهج ليتعلموا منها حب الوطن وكراهية التطرف والإرهاب والعنف.. إن أسماء شهدائنا من الجيش والشرطة هى بحروف من نور، وأطالب بأن توضع فى أهم ميدان فى مصر وهو ميدان التحرير ومركز قيام ثورة مصر الكبرى الحقيقية فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣.. فلا تزال الحرب مستمرة.. وإذا كنا نفقد شهداء أبرارًا من الجيش والشرطة فى كل يوم.. فإنهم سيظلون تاجًا على رءوس المصريين إلى الأبد.