رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نبوءة

أحمد الباسوسي
أحمد الباسوسي

رقم غريب ظهر على شاشة هاتفى المحمول، يلح بإصرار عنيد، تزلزل قلقى وفضولى، كان صوت امرأة، ناعمًا جميلًا، لكن حاسمًا وجادًا، أخبرنى بأن أحدهم سوف يقتلنى بعد خمس دقائق بالضبط. أمس أخبرنى الطبيب بينما كان يطالع من خلال زجاج نظارته الطبية السميك صورة الأشعة المغناطيسية الخاصة بى بنفس درجة الحسم والجدية إننى سوف أموت خلال خمسة أشهر على الأكثر من الآن، الأورام استولت على الرئتين، وتوغلت إلى الجدران المحيطة تعيث تخريبًا وتدميرًا. أمس الأمس أخبرتنى امرأة غريبة المظهر والأطوار جلبتها زوجتى من أحد الأماكن الصحراوية المدفونة خلف جبال الصعيد إن أمامى خمسين عامًا على ظهر الأرض قبل أن أغادر سريرى الذى أرقد عليه الآن، وأنتقل إلى جوف قاعها المظلم. كأننى أستأنس بنظرات متأرجحة تطالع فضائى الفارغ وغرفتى الباردة التى لا يدخلها أحد سوى امرأتى المسكينة. الدقائق الخمس توشك ملامحها على الانتهاء، وملامحى تتحول بطريقة ساخرة إلى شبح غريب الأطوار، يرتفع صدره ويهبط بسرعة كبيرة يلاحق حفنة من الهواء لكى يسكبها داخل رئتيه المتورمتين. الوقت يعدو بسرعة خلف الأنفاس الواهنة، التى تتحشرج فى طلوعها إلى فضاء الغرفة الفقيرة، يلهب ظهرها ضربًا بسياطه النارية غير المحتملة. وعيونى توشك على الانطفاء، تتبدد أمامى ملامح صورة ذلك الشبح غريب الأطوار، وصوت المرأة الناعم، وذلك الطبيب الذى يطالع صورة الأشعة، والمرأة الغريبة التى جلبتها امرأتى أمس الأمس. كأن كل شىء صائر إلى الهدوء، ومع ذلك ما تزال ماكينة التنفس تعمل ولم تسكت بعد.