رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

النصب الأمريكى فى مجلس حقوق الإنسان


«تذكروا تذكروا.. دائمًا بأن أمريكا- على شأنها- ليست هى الله العزيز القدير وأن أمريكا- على بأسها- لن تمنع الطيور أن تطير».
نزار قبانى من قصيدة منشورات فدائية على جدران إسرائيل.

استمعت- مندهشا- للمندوبة الأمريكية فى الأمم المتحدة نيكى هايلى، وهى تعلن رسميًا انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من مجلس حقوق الإنسان الدولى التابع للأمم المتحدة، تحت دعاوى فارغة أن المجلس ينحاز ضد إسرائيل، بسبب إدانته الانتهاكات الإسرائيلية الفادحة فى حق الشعب الفلسطينى، خاصة استمرار الاستيطان رغمًا عن أنف أى شرعية دولية. قالت السيدة هايلى عن مجلس حقوق الإنسان إنه «منظمة منافقة وأنانية وتستهزئ بحقوق الإنسان وأصبحت مستنقعًا للتحيزات السياسية»، جدير بالذكر أن السيدة هايلى كانت قد أبلغت المجلس رسميًا العام الماضى بأن واشنطن ستراجع عضويتها فى المجلس إذا استمر فى تحيزه ضد إسرائيل، حسب وصفها!.

«بانو بانو بانو على أصلكو بانو».. كلمات صلاح جاهين بغناء سعاد حسنى فى فيلم «شفيقة ومتولى».

تكذب أمريكا، نعم تكذب أمريكا، وأمريكا تعلم أنها تكذب، والعرب يعلمون أنها تكذب، والعالم يعلم أنها تكذب، ليس اليوم فقط، بل طوال تاريخها، فحين أعلن الرئيس الأمريكى فرانكلين روزفلت فى ٦ يناير ١٩٤١م خطابه الشهير عن الحريات الأربع للكونجرس، كان الهدف أن تصبح تلك الحريات الأربع «حرية الرأى والتعبير، حرية العبادة، التحرر من الحاجة، التحرر من الخوف» هى دستور العالم الجديد الذى تبشر به أمريكا، راعية السلام والحق والحرية، وهى المبادئ التى تضمنها الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الذى صدر فى عام ١٩٤٨م، عام اغتصاب فلسطين من قبل العصابات الصهيونية، التى ارتكبت أبشع المجازر!، فرانكلين روزفلت الذى أتحفنا بحرياته الأربع كان هو الرئيس الأمريكى الذى بدأت فى عهده صناعة أول قنبلة نووية!، ليأتى خلفه هارى ترومان ويأمر بقصف مدينتى هيروشيما ونجازاكى بالقنابل النووية، فى أغسطس ١٩٤٥م، فيقتل ١٤٠ ألف إنسان فى هيروشيما و٨٠ ألفًا فى نجازاكى، لتنتهى الحرب العالمية بهذا الانتصار وهنيئًا للعالم بحريات القتل والدم!.
تجيد أمريكا استخدام المصطلحات الكاذبة لصنع الزيف، وآلة الدعاية الأمريكية لا تتوقف عن الكذب، فتقف أمريكا ضاغطة على البنك الدولى لمنعه من مساعدة الدولة المصرية فى بناء السد العالى عام ١٩٥٦م، ونعم التحرر من الحاجة!، تدعم أمريكا إسرائيل على طول الخط رغم آلة القتل الإسرائيلية، ونعم التحرر من الخوف، تقيم أمريكا معتقلات جوانتانامو وأبوغريب وتنتهج تعذيب وانتهاكات ممنهجة ضد الإنسانية، ونعم حرية الرأى والتعبير، فحين دمرت أمريكا العراق كان تحت شعار نشر الديمقراطية وتخليص العالم من أسلحة الدمار الشامل العراقية، التى لم يجدها أحد، والمرة الوحيدة التى استخدم فيها السلاح النووى كانت بأيادٍ أمريكية!، وحين تنسحب أمريكا من اليونسكو فى أكتوبر عام ٢٠١٧م، لأن المنظمة الدولية وبعد ٧٠ عامًا من سرقة فلسطين، اعترفت أخيرًا بالدولة الفلسطينية، ثم تنسحب أمريكا من مجلس حقوق الإنسان الدولى لأنه يدين الانتهاكات الإسرائيلية، تنكشف الحقائق أمامنا بوضوح ساطع، وبيان قاطع، حقوق الإنسان هى مصالح أمريكا وحلفائها، العدالة هى الرؤية الأمريكية للعالم، حرية التعبير هى حرية ترديد ما تراه آلة الدعاية الأمريكية، السيدة نيكى هيلى، مندوبة السيد دونالد ترامب.. أنتم نصابون!.