رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الهوس بالبشرة البيضاء في تايلاند "فزاعة تطار الفتيات"

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تقوم شابتان بتغطية أنفسهما من الرأس إلى القدم أثناء خروجهما في الشمس، ثم يصرخان رعبا بعد أن اكتشفا أنهما حصلتا على بشرة سمراء، لاعتقادهما بأنهما في مأمن من أشعة الشمس.

في هذا الإعلان التلفزيوني الكوميدي حول كريم لتبييض البشرة يحمل علامة تجارية تايلاندية، تأتي فتاة ذات بشرة فاتحة في ثوب جميل، لإنقاذ بشرتها بذلك الكريم.

وتبكي الشابتان وهما ينظران إلى الفتاة الجميلة في إعجاب، حيث تقولان: "انظروا إلى هالتها!"ولكنها ليست مجرد وسيلة للتحايل عبر الاعلانات. فالتايلانديون، الذين يولد الكثير منهم ببشرة سمراء، مهووسون بالبشرة ذات اللون الفاتح، حيث يعتقدون بأن البشرة الأفتح ستمنحهم مظهرا أفضل.

وتقول كيسي دونكهونسري، وهي ممرضة تستخدم مادة الجلوتاثيون المضادة للأكسدة والتي تساعد على تفتيح البشرة، في صورة أقراص وحقن: "لم تكن بشرتي داكنة من قبل، ولكني أريد فقط أن تكون بشرتي أفتح".

وقالت كيسي "أشعر بثقة أكبر عندما ألتقي بالناس الان. فأنا أكثر سعادة."وتضيف أن "المجتمع يتقبل الناس من ذوي البشرة الفاتحة بصورة أكبر. وعلى سبيل المثال، هناك فرصة أكبر لحصولهم على وظيفة".

ومن ناحية أخرى، يقول يوكتي موكداويجيترا، وهو أستاذ في علم الأنثروبولوجيا بجامعة ثاماسات في بانكوك، إن ما تقوله كيسي يعكس "قيمة اجتماعية طويلة الأمد" في تايلاند، ترى أن البشرة "الأفتح أفضل".

ويوضح يوكتي أن: "الأمر كله يتعلق بالطبقات الاجتماعية"، مشيرًا إلى أن الطبقة الحاكمة في الماضي كانت أكثر شحوبا، وذلك لأنهم كانوا يعيشون في الظل، بينما كانت بشرة الفلاحين داكنة بصورة أكبر لأنهم كانوا يخرجون للزراعة في الشمس.

ويقول يوكتي: "إن ذلك أيضا يعتبر من أشكال العنصرية... الظلم يستمر، ويمتد الامر إلى طريقة نظر بعض التايلانديين للاجانب أيضا".

ووفقا لمؤسسة "نيلسين" للابحاث، فإن لون البشرة الفاتح هو دليل على الوضع الاجتماعي الأعلى في تايلاند، ولذا فإن منتجات التبييض قد أغرقت صناعة التجميل في تايلاند، والتي وصل حجمها لمليارات الدولارات على مدار العقد الماضي، وهو ما يمثل نحو نصف إجمالي حجم السوق.

وقد مهدت الصناعة سريعة النمو الطريق لمليونير جديد في المدينة، وهو وافد جديد ينضم إلى أغنى أغنياء مجلة "فوربس" بتايلاند.

وقد أسس ساراوت بورنباتاناروك - الذي يحتل رقم 45 على قائمة عام 2018، حيث يبلغ صافي حجم ثروته 675 مليون دولار - الشركة المصنعة لكريم "SnailWhite"، وهو كريم مصنوع من وحل الحلزون الذي يحظى بشعبية كبيرة بين النساء في تايلاند والصين، منذ أن وصل إلى المتاجر لأول مرة في عام.2013

وقال ساراوت إن الشركة قد شهدت نموا سنويا نسبته 60 بالمئة، حيث ارتفع حجم المبيعات من 8ر2 مليون دولار في العام الأول، إلى نحو 50 مليون دولار في العام الماضي.

وقال الرئيس التنفيذي 41 عاما: "إن نجاحنا يرجع إلى استراتيجياتنا التسويقية"وأضاف: "نخلط عناصر للتبييض وأخرى مكافحة للشيخوخة، بدلا من التركيز على أحدهما فقط، حيث أن السوق مشبع بكليهما بالفعل".

ويشار إلى أن شركات منتجات تبيّيض البشرة ليست المستفيد الوحيد من منتجاتها وعلاجات، فقد استفاد منها المشاهير أيضا وقد اكتسبت المغنية التايلاندية، راتيا أرونسري، على نحو مليون متابع جديد على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، بعد أن بدأت تستخدم كريم التبييض منذ بضع سنوات.

وتقول "إن الحصول على لون بشرة فاتح ساعدني في مجال عملي بالتأكيدفقد أخبرني الكثير من المعجبين بأنني أبدو أفضل بكثير وأنهم يريدون أن يصبحوا مثلي."

وتقول الشابة البالغة من العمر 20 عاما: "كانت بشرتي داكنة لأنني كنت اضطر لمساعدة عائلتي في زراعة الأرز عندما كنت صغيرة. ولطالما كنت أحلم بأن أحصل على بشرة بيضاء".

واستخدمت راتيا الكريم لمدة عام قبل أن يتم اختيارها لتكون سفيرة للعلامة التجارية. وكثيرا ما يستعين التجار بمشاهير لتقديم منتجات التبييض الخاصة بهم بدون تجربتها في البداية.

وفي يناير الماضي، تصدّر مستشفى خاص بجراحات التجميل يقع بالقرب من بانكوك، عناوين الصحف العالمية، لعرضه تبييض قضيب الرجل عن طريق علاج بالليزر، وذلك بعد تجربة "ناجحة" تمت على مناطق حساسة خاصة بالنساء في العام الماضي.

وانتشرت المنشورات حول العلاج الجديد على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما أدى إلى اصطفاف العديد من الرجال لتبييض عضوهم الذكري، وذلك على الرغم من تحذير الأطباء من احتمال تعرضهم لإصابات وخلل وظيفي ومخاطر أكبر للاصابة بسرطان الجلد.

ويقول يوكتي، عالم الأنثروبولوجيا: "يدل ذلك على مستوى اليأس الذي يكون لدى بعض الناس لكي تكون بشرتهم بيضاء"وأضاف "إنه نظام معتقدات استغرق مئات السنين، ولا يمكن تغييره بسهولة".