رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المهمة الصعبة.. نتائج أعمال لجنة استئصال "سرطان العنف" من مناهج الأزهر

جريدة الدستور

تعتزم اللجنة الدينية بمجلس النواب عقد جلسات حوار مجتمعى حول تعديل وتغيير المناهج الأزهرية، مع اللجنة الأزهرية المشكلة منذ عام لأداء هذه المهمة، وذلك بما يتماشى مع وسطية الدين الإسلامى.
وطالب مجلس النواب الأزهر بتقرير مفصل عن عمل اللجنة التى تحمل اسم «تنقية كتب التراث»، بعدما أعطى المجلس مهلة عامًا للمؤسسة الدينية لتنقية المناهج بالكامل، وإضافة بعض التعديلات الجديدة التى تتماشى مع مطالب تجديد الخطاب الدينى.
ومن المنتظر أن يشارك فى هذه الجلسات، نواب من لجنة «التعليم والبحث العلمى»، وممثلون من الأزهر ووزارات الأوقاف والتعليم والتعليم العالى، بما يمكن من تعديل المناهج قبل بدء العام الدراسى الجديد.
«الدستور» ترصد فى السطور التالية، آخر تطورات التحركات البرلمانية فى هذا الملف، وطبيعة تغيير المناهج المرتقب، سواء بالحذف أو الإضافة أو إجراء تعديلات محدودة.

الانتهاء من تنقيح أحكام فقهية.. وحسم مصير التفسيرات الجدلية الأخرى قريبًا
كشف النائب عمرو حمروش، أمين سر اللجنة الدينية بمجلس النواب، أن اللجنة ستعقد خلال الفترة المقبلة جلسات حوارية مع لجنة الأزهر لـ«تنقية كتب التراث»، للتأكد من خلو هذه الكتب من أى دعوات أو أفكار تدعو للتشدد والتعصب أو التطرف الفكرى.
وقال «حمروش»: «الأزهر استجاب العام الماضى لدعوات تنقية المناهج التى تسببت فى إحداث بلبلة أو تحريض على الآخر، وبالفعل تمت تنقيتها، لكن ليس بصورة متكاملة».
وأوضح: «تلقينا فى اللجنة الدينية بالبرلمان نسخة من الكتب التى تمت تنقيتها، وأغلبها خاص بمجال الفقه، لكن لا تزال هناك بعض التفسيرات الخاطئة التى تنتشر بين الناس دون وضع حكم نهائى لها».
وأشار إلى أن اللجنة تستهدف تنقية المناهج من خلال رؤية وتصور يصب فى مصلحة الدولة، ويبرز ما هو متماش مع الفقه والشريعة الإسلامية، لافتًا إلى أن هذه اللجنة تضم خبراء فى المناهج، ومتخصصين فى علوم النفس والاجتماع، وممثلين من وزارات «التعليم» و«التعليم العالى»، و«الأوقاف»، ويرأسها الأزهر الشريف.
وذكر «حمروش» أن «تنقية» المناهج تتم بناء على معايير أساسية وتعليمية، وفقًا لما يراه الأزهر، لكن المعيار الأساسى هو «الضرورة»، أى ما تقتضيه الحاجة ومتطلبات العصر.
وأضاف: «هذه العملية تبدأ بتحديد الأجزاء التى من الممكن أن تحدث لغطًا عند تفسيرها، أو تُترجم إلى عنف وتعصب، وحذفها أو تعديلها، بما يحقق الفكر الوسطى المستنير».
فى سياق قريب، كشف أمين سر «دينية النواب»، عن اعتزامه المطالبة خلال الجلسات الحوارية المشار إليها، بتعديل طريقة تدريس مادة «التربية الوطنية»، باعتبارها «أهم مادة تعليمية بشكل عام».
وأوضح أن ذلك يمكن أن يتحقق بإضافة بعض الموضوعات الأساسية لها، وأبرزها تضحيات الشرطة والجيش لحماية الأمن القومى واستقرار مصر وحمايتها من الإرهاب.
وشدد على ضرورة اعتبار «التربية الوطنية» من المواد الأساسية، التى تضاف إلى المجموع، وليس مادة رسوب ونجاح فقط. واختتم: «هذه الإضافات قدمتها فى مشروع قانون رسمى، لكن وزارة التعليم أجلت الرد عليه، لحين بدء تعديل المناهج الأزهرية أولًا».
من جهته، قال اللواء شكرى الجندى، وكيل اللجنة الدينية بمجلس النواب، إن اللجنة تعقد بالفعل جلسات شهرية لبحث نتائج تنقية مناهج التعليم الأزهرى، معلنًا ثقته فى اللجنة، والتى تعتمد على الالتزام بـ«ما فرضه الله ورسوله»، أثناء التنقية.
وأشار إلى أن سبب التفكير فى تعديل المناهج الأزهرية وتنقيتها، هو اتساع مساحة المناهج فى التعليم الأزهرى، مفضلًا المراجعة من آن إلى آخر للحفاظ على مقولة: «الدين الإسلامى لكل العصور».
وعما يحتاج تحديدًا تعديلًا فى مناهج الأزهر، قال: «هناك بعض الجمل والعبارات بحاجة للتصحيح، فضلًا عن ضرورة إعادة النظر فى بعض المفاهيم المغلوطة للناس، وإضافة أجزاء للمناهج تؤكد سماحة الإسلام، وأنه دين الإنسانية والتعاطى مع الآخر».
وأثنى وكيل اللجنة الدينية على شيوخ الأزهر، معتبرًا أنهم يؤدون واجبهم بشكل مقبول، لكنهم مطالبون بسرعة إنجاز تلك المهمة، خاصة فى الظروف الحالية الحرجة التى تحتاج إظهار دور الأزهر كأكبر قوة إسلامية حول العالم فى مواجهة التطرف والتعصب، وفى صد الهجمات الإرهابية، التى أثرت على فكر الشباب، وتمكنت من بث أفكار عدوانية بينهم. واختتم: «طلب تعديل أو مراجعة أى من المناهج الأزهرية لا يعد خطأ، بل هو خطوة يتم تطبيقها على جميع المناهج، وليس الأزهر فقط، فالتعليم العام بدأ عملية الفلترة والمراجعة على جميع المؤلفات»، مشددًا على أن البرلمان، والأزهر قبله، لن يصمتا على أى حرف أو كلمة من شأنها بث أفكار متطرفة أو عدوانية.

حذف «أفكار قديمة جامدة».. وإضافة موضوعات تربط الدين بـ«الواقع المعاصر»
قالت الدكتورة ماجدة نصر، عضو لجنة التعليم والبحث العلمى بمجلس النواب، إن مهلة العام التى منحها مجلس النواب للأزهر، جاءت لوضع خطة تنفيذية تصلح لتنقية جميع مناهجه من أى قصص أو «شوائب» يمكن تفسيرها بشكل خاطئ.
وأضافت: «هذه التنقية ستتضمن إزالة أو تعديل كل ما هو غير مناسب للمجتمع، أو لا يتماشى مع متطلبات العصر الحديث، وعلى رأسها بعض الآراء القديمة والجامدة، التى ظهرت فى عصور ماضية»، معتبرة أن نقل التفسيرات والمذاهب القديمة، كما هى، أثر على الأوضاع المعاصرة سلبًا، وساهم فى إضعاف بنيان المجتمعات الإسلامية فى العصر الحديث. وإلى جانب الحذف والتعديل، ستتضمن التنقية، إضافة بعض الموضوعات التى استجدت فى المجتمع الحديث، لتأكيد أن الدين غير منفصل عن الحياة.
وطالبت بضرورة أن يهدف المنهج التعليمى الأزهرى بشكل أساسى إلى بناء الشخصية وتعليم الأخلاق والمبادئ، التى تساهم فى فهم الدين الإسلامى بشكل صحيح، وتطبيقه بشكل سليم فى المجتمع.
وأشارت إلى أن التعديلات ستتم من خلال لجنة تضم عددًا من المتخصصين وخبراء التعليم، بناء على معايير وضوابط تساهم فى تحقيق أهداف المجتمع، مشيدة بدور لجنة الشئون الدينية فى البرلمان، وتشاورها المستمر مع الأزهر فى كل الشئون البينية.
ونوهت بأن الأزهر أبدى استجابته واستعداده لأى تعديل من شأنه الحفاظ على الهوية الإسلامية ونبذ الأفكار المتطرفة، لكن «التطوير يتم ببطء شديد، لا يصلح مع التغييرات السريعة، التى تطرأ على المجتمع فى هذه الفترة، خاصة أن الدولة تواجه حاليًا قوى شر متعددة تتحدث جميعها بلسان الدين».
واختتمت بوصف الناتج التعليمى لخريجى الأزهر بغير المرضى على الإطلاق، موضحة: «خريجوه ليسوا على المستوى المناسب لسوق العمل، لذا على المؤسسة الأزهرية أن تبدأ تغيير جلدها، وتطوير وتحديث مناهجها، لمواكبة التطورات التكنولوجية العالمية».
ورأى النائب فايز بركات، عضو لجنة التعليم والبحث العلمى بمجلس النواب، أن القضية تحتاج من المعنيين بها، تفهم مدى صعوبة تطوير المناهج الأزهرية، فى ظل وجود تفسيرات متعددة للنص الدينى، وتجاور نصوص الأحاديث والمرويات الضعيفة مع غيرها من الصحيحة، ما يحتاج توافر خبرات خاصة لدى الخطباء والدعاة للتمييز بينها.
واعتبر عضو مجلس النواب أن الأزهر الشريف برىء من التطرف، سواء كان تطرف الفكر، أو المناهج الدراسية، مضيفًا: «جماعة الإخوان هى أكثر من ساهم فى ترسيخ هذه الصورة الذهنية الخاطئة عن الأزهر ورجاله طيلة السنوات الماضية، فى إطار خطتها لإفقاد الشعب المصرى ثقته فى هذه المؤسسة التى تعد قبلة لأهل الإسلام».
وأوضح: «خطة الإخوان كانت تقتضى إزاحة الأزهر من المجتمع عبر السيطرة على الزوايا والمساجد الصغيرة، والدفع بالمنتمين إليهم إلى المشهد الدينى، مع دعمهم ماديًا من أجل السيطرة على الفكر الدينى فى المجتمع». وأشار إلى أن التجديد فى الأزهر كان عملية مستمرة طيلة الوقت، بغض النظر عن سرعة حدوث هذا التطوير والتغيير، معتبرًا أن أكبر أوجه التقصير الأزهرى تمثلت فى عدم نجاحه فى السيطرة على الفضائيات فى مواجهة هذه الأفكار المتطرفة ودعاتها.
وأضاف: «رغم وجود شخصيات أزهرية ووسطية قادرة على مخاطبة الرأى العام، إلا أن من يتصدرون المشهد هم بعض المنتسبين للأزهر، رغم عدم صلتهم به من قريب أو بعيد».