رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السامبا بخير.. لماذا لا يجب القلق من البداية السيئة للبرازيل؟

جريدة الدستور

حقق المنتخب البرازيلى، أمس الأول الجمعة، فوزًا صعبًا للغاية على نظيره كوستاريكا، فى الوقت بدل الضائع من عمر المباراة، التى جمعت بينهما، فى إطار منافسات الجولة الثانية للمجموعة الخامسة، ببطولة كأس العالم لكرة القدم، ما دفع أغلب الجماهير إلى التشكيك فى قدرات «راقصى السامبا»، على الذهاب بعيدًا فى المونديال.
«الدستور» تكشف فى السطور التالية، لماذا عانى أبناء «السليساو» فى البداية؟ وهل يمكنهم الفوز بالمونديال بعد حملات التشكيك؟ وكيف سيظهرون فى دور الـ١٦، فى ظل إمكانية مواجهتهم بطل النسخة الماضية ألمانيا؟

غياب نيمار 4 أشهر أثر على مستواه.. تأخر عودة خيسوس.. ودفاعات الخصوم «محكمة»
تعادل البرازيل أمام سويسرا، فى أولى مبارياته بكأس العالم، وخلال المباراة الثانية خطف «السليساو» الفوز بعد انتهاء الوقت الفعلى للمباراة، مستغلا الوقت بدل الضائع، لكن ذلك لم يكن برهانًا على معاناة المنتخب البرازيلى وتراجعه، بقدر وجود عوامل أخرى ساهمت فى تحقيق تلك النتائج.
أولى الصعوبات التى واجهتها البرازيل، تمثلت فى مواجهة منتخبات منظمة دفاعيا، بشكل قوى ومحكم، فدفاع الـ١٠ لاعبين وامتلاك القوة البدنية والالتحام، كانت مميزات كل من المنتخبين السويسرى والكوستاريكى.
ثانية الأزمات، كانت عدم الجاهزية الفنية للنجم الأول نيمار دا سيلفا، الذى غاب عن الملاعب قرابة ٤ أشهر، ولم يشارك فى أى مباراة رسمية، سواء مع فريقه باريس سان جيرمان الفرنسى، أو مع منتخب بلاده، لذلك ظهر باحثًا عن استعادة الثقة، فى ظل الضغوط الواقعة على عاتقه، كـ«سوبر ستار» المنتخب.
وأثر غياب الحالة الفنية المعتادة لـ«نيمار» بشكل سلبى على «راقصى السامبا»، ولم تمنحهم القوة الهجومية الضاربة.
الأمر ذاته، يعانيه المهاجم الشاب جابريل خيسوس، الذى تعافى من الإصابة فى نهاية الموسم الماضى، مع فريقه مانشستر سيتى، لكن استعادة اللياقة والقدرات المعروفة عنه تحتاج لوقت، وكانت المباراتان الأولى والثانية بمثابة الضريبة، التى قبل «تيتى»، المدير الفنى للمنتخب، أن يدفعها ليُعد نجومه للأدوار التالية.
وبالفعل بدأ خيسوس يستعيد لياقته، ويتحرك بشكل أفضل، ويحتاج فقط إلى تسجيل هدف واحد فقط، لتتفجر قدراته المعتادة، وهو ما يراهن عليه تيتى فى المباراة المقبلة.
أما كوتينيو، فنجح فى زيادة ثقة كل من حوله، بالتسجيل مرتين متتاليتين، لذلك بدا وكأنه النجم الأول للمنتخب، ومع تفوق نيمار فى المباراة الأخيرة، ربما تشهد المباريات المقبلة عودة كبيرة له، ربما تجعله النجم الأبرز أمام المنتخب الصربى. قد لا تكون كل الأسباب السابقة مبررا للظهور الباهت للبرازيل، لكن هناك عدة براهين تؤكد أن البرازيل بخير، وهى أن الفريق صنع فرص تهديف مؤكدة ما بين ١٠ و١٥ فرصة فى مباراتين متتاليتين، ولم يتلق مرماه أى فرصة تهديف مؤكدة على مدار ١٨٠ دقيقة كاملة.
وحتى الهدف، الذى استقبله أمام سويسرا كان من ضربة ركنية شهدت خطأ ساذجا من المدافع، الذى ترك مهاجم سويسرا وحيدًا، ومن الحارس أليسون الذى كانت الكرة على بعد خطوة واحدة من خط مرماه، ووقف يشاهد بدلًا من التقدم خطوة واحدة لخطف الكرة.
نعم، البرازيل لم تنجح فى الفوز بشكل مريح، لكن الوصول لمرمى الخصوم تكرر كثيرًا، والتسديدات لم تتوقف طوال المباراة الأخيرة بالتحديد، ودخول مناطق الجزاء للخصم يتم بأريحية وبعدد كبير جدًا من المهاجمين، فقط لا ينقص البرازيل سوى الثقة التى تأتى مباراة تلو الأخرى، والفاعلية أمام المرمى. البرازيل عكس الأرجنتين تمامًا، الذى لا يصنع أى فرصة تهديف طالما تم تقييد ميسى من الخصوم، أما لو غابت حلول نيمار عن «السليساو» تحضر قوة كوتينيو، وإذا تم التضييق على كوتينيو يبرز باولينيو، عندما يفتقد الحلول فى المباريات يمنحه كوستا وفيرمينيو حلولًا إضافية، تغير من شكله، وهنا تتجلى قوة دكة البدلاء، التى يفتقدها «التانجو» أيضًا.
وبالمقارنة مع ألمانيا، فإن دفاع البرازيل يبدو بخير، والوصول إلى مرماه صعب للغاية، بسبب الكثافة العددية فى الوسط، بينما يبقى الوصول إلى مرمى ألمانيا أمرًا سهلًا للغاية، والطريق مفتوح أمام أى فريق لديه القدرة على تنظيم الهجوم المرتد، والتدرج بالكرة من الخلف، لذلك نستطيع التأكيد أنه لا خوف على «السليساو»، فالبرازيل ليست الأرجنتين أو حتى ألمانيا، التى تحاصرها الشكوك فى الدفاع بالتحديد.

الأدوار الإقصائية فرصة الإبهار.. و3 أزمات فنية قبل دور الـ16
دور المجموعات يكون فرصة للتكتل الدفاعى بحثًا عن التعادل، وهو ما يعقد المهمة أمام المنتخبات الهجومية مثل البرازيل، بينما تتبدل الأوضاع تمامًا فى الأدوار الإقصائية، إذ يلعب الجميع من أجل الفوز والاستمرار، حتى الفريق الذى يلعب بشكل دفاعى لا يتكتل بشكل كامل ويبحث عن إيجاد طرق للتسجيل، وهنا تظهر فرص للمساحات التى حتما سيستغلها «راقصو السامبا».
إذن، ستكون التغييرات فى أساليب اللعب والشكل الخططى لخصوم «السامبا» مختلفة تمامًا، عما كان عليه الوضع فى المجموعات، كما أن مواجهة منتخبات كبيرة بحجم فرنسا وبلجيكا وألمانيا تخفف الضغوط النفسية والجماهيرية على اللاعبين.
وفى الدور الثانى، سيستفيد البرازيل كثيرًا من تطور نيمار، الذى يرتفع مستواه مع الوقت، ومن الإضافات التى يقدمها كوستا وفيرمينيو، اللذان يدخلان شيئَا فشيئًا فى المباريات، وسيجد المدير الفنى للفريق حلولا أكثر فاعلية، عما كان عليه الأمر فى البداية الصعبة.
وفى حال تفوق البرازيل على صربيا، سيضمن الصعود متصدرًا مجموعته، لكنه سيواجه صعوبات كبيرة فى الدور التالى، إذ سيلتقى صاحب المركز الثانى بالمجموعة السادسة، التى تضم ألمانيا والمكسيك والسويد وكوريا.
ومن المؤكد أن المواجهة التى تنتظر البرازيل ستكون صعبة للغاية، لأن الخصم سيكون ألمانيا، الذى خسر الجولة الأولى، وباتت صدارة المجموعة أقرب إلى المكسيك، الذى سيكون فوزه على كوريا مضمونا، وسيحتاج تعادلا فقط أمام السويد لتصدر المجموعة، وحتى فى حال صعود المكسيك أو السويد ثانيًا، فإن المواجهة ستكون صعبة للغاية.
فنيًا، كانت أكبر أزمات «السامبا» هى قلة الفاعلية الهجومية، وهذا يحتاج لتركيز أكثر بنسبة أكبر سيكون حاضرًا فى الجولات المقبلة، كما أن الفريق يحتاج إلى إعادة النظر فى باولينيو، الذى لم يكن فاعلًا فى التكملة الهجومية، وربما يكون دخول كوستا فى الجهة اليمنى وإعادة ويليان إلى جوار كوتينيو بعمق الملعب خلف الخط الأمامى، أفضل حلول تيتى المقبلة لزيادة الفاعلية.
كما يمكن لـ«تيتى» الاعتماد على مهاجمين صريحين، فى وجود فيرمينيو، مع خيسوس على حساب باولينيو، لكن ذلك يخلق بعض الثغرات فى وسط الملعب، لذلك يؤجلها المدرب البرازيلى إلى الدقائق الأخيرة.
وتُعد الجهة اليمنى للفريق البرازيلى من الثغرات التى تحتاج لحلول، فغياب دانى ألفيش سبب تراجعا كبيرا فى تلك الجهة، التى زادت أعباؤها بإصابة دانيلو، ظهير أيمن مانشستر سيتى، فإذا نجح تيتى فى خلق حلول لهذه الجهة سيشهد الأداء تغييرًا كبيرًا.