رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

طيرى يا طيارة طيري.. يا ورق وخيطان


من روائع أغانى فيروز (طيرى يا طيارة طيرى يا ورق وخيطان.. بدى أرجع بنت صغيرة على سطح الجيران.. وينسانى الزمان على سطح الجيران). ترجع بنا غنوة فيروز الرائعة إلى زماننا ونحن صغار نفرح فى ليالى العيد والمناسبات السعيدة بقص ولزق الورق الملون بألوانه الزاهية مع الرسومات البديعة مع لصق ذيل طويل للطائرة الورقية وربطها بخيط متين وطويل وإطلاقها، لترتفع إلى عنان السماء وسط صيحات الأطفال والفرحة تعلو الوجوه والبسمة ترتسم على الشفاه والسعادة تملأ القلوب. من منا لا يحن إلى هذا الزمان ويتمنى أن يرجع ولدا صغيرا أو بنتا صغيرة، لا تحمل الهموم والشجون والألم والأمل والمسئولية التى تكبر معنا عبر الزمان؟ من منا لم يتمن مع فيروز وهى تشدو بصوتها الملائكى أن يقف بنا الزمان وينسانا صغارا على سطح الجيران؟!.
من روائع أغانى فيروز إلى روائع وإبداعات المقاومة الشعبية السلمية فى الأراضى الفلسطينية، تلك المقاومة المستمرة على مدى سبعين عاما منذ قيام الكيان الصهيونى الغاصب المحتل للأراضى الفلسطينية العربية وارتكابه كل جرائم الحرب والإبادة والقتل والتدمير والتشريد للسكان الأصليين وإجبارهم على اللجوء من قراهم إلى قرى ومدن أخرى داخل وخارج بلدهم فى كافة بلدان العالم والبلدان المجاورة فى بلاد الشام.
ظن هذا العدو المتغطرس أنه يردع ويخيف ويبث الرعب فى الشعب الفلسطينى واطمأن إلى أن الكبار من أبناء هذا الشعب يموتون والصغار ينسون. لم يتصور هذا الكيان العنصرى أن الجدود والجدات يحكون للأولاد والبنات عن أرضهم وبيوتهم وأشجار الزيتون ويسلمونهم مفاتيح البيوت، لأنه حتما ولا بد فى يوم موعود حق الشعب هيعود.
ووسط اطمئنان العدو إلى أن الأمور تسير كما يشتهى ويريد إذا بانتفاضة الشعب الفلسطينى البطل تهب منذ أحد عشر أسبوعا منذ ٣٠ مارس «جمعة الأرض»، انتفاضة مسيرة العودة الكبرى المستمرة حتى الآن فى مقاومة العدو بإبداعاتها السلمية التى تصدم العدو وتذهل العالم. فها هى وسائل الشعب الأعزل من الحجارة التى تحملها كفوف الصبية الصغار وتصوبها نحو الغطرسة والآلة العسكرية الإسرائيلية الغاشمة. وها هى جمعة الكاوتشوك المحروق التى تم فيها إشعال النار فى الكاوتشوك القديم لتمتلئ السماء بالدخان الكثيف المتصاعد فتعمى عيون الأعداء الذين يصوبون بنادقهم ورصاصهم إلى صدور ورءوس وأطراف المسنين والنساء والأطفال من الشعب البطل المقاوم.
ومن حرق الكاوتشوك إلى الطائرات الورقية، التى نجح الفلسطينيون فى تحميلها بعض المتفجرات التى تنفجر بمجرد هبوط الطائرة واصطدامها بالأرض. هذا بجانب إبداع آخر من أساليب المقاومة السلمية الشعبية، وهو إطلاق بالونات محملة بمواد متفجرة تطير وترتفع فى الجو وتسقط على الأرض المحتلة لتحرق آلافًا من الأفدنة المزروعة بأيدى الأعداء المستوطنين المزروعين كنبتة شيطانية تنمو فى غير أرضها وغير أوانها، مصيرها الاقتلاع بريح المقاومة العاتية الآتية.
وتستمر ملحمة مسيرة العودة ويخرج الآلاف من أبناء الشعب الفلسطينى البطل فى الجمعة الأخيرة من رمضان «جمعة القدس»، معلنين ومؤكدين عروبة القدس، العاصمة الأبدية لفلسطين، القدس مدينة الصلاة والأنبياء، مدينة السلام. وأنا أردد معكم القدس لنا والأرض لنا، وأقول وتقولون معى الجولان سورية عربية، ردا على ما قاله نتنياهو، رئيس وزراء العدو الصهيونى «بكل بجاحة وخروجا على الأعراف والمواثيق الدولية» قال إنه مر على احتلال الجولان واحد وخمسون عامًا ولا بد من ضمها إلى إسرائيل لحماية الأمن الإسرائيلى، كما طلب من البلطجى التاجر الفتوة الذى يرأس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب الاعتراف بضم الجولان إلى الدولة اليهودية المزمع قيامها على حساب تصفية القضية الفلسطينية وتطهير الأراضى الفلسطينية، عرقيا ودينيا، من أصحاب الأرض الأصليين.
ولم لا؟! لم لا يستغل نتنياهو وجود راعى البقر الأمريكى الساكن فى البيت البيض ومستشاريه وزوج ابنته المتعصبين للصهاينة، الذين احتفلوا بنقل سفارة الولايات المتحدة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس؟!.
إن الظروف مواتية وتخدم رئيس وزراء الكيان الصهيونى، سواء بمساندة زعيم المافيا حاكم أمريكا، أو بمساندة بعض الحكام العرب المنبطحين والتابعين لماما أمريكا والمطبعين مع إسرائيل والمنسقين مع الموساد الإسرائيلى، هذا غير الظروف التى تمر بها الدول العربية من تفكك وضعف وحروب وانقسامات وأزمات اقتصادية ووجود جماعات إرهابية تعتدى على الشعوب وعلى الجيوش لتفت فى عضد الأمة العربية.
هل سيصمت الحكام أمام نداء نتنياهو بضم الجولان؟ هل سيكتفون ببيانات الشجب والإدانة فقط، وتمر «الزوبعة» التى يقوم بها الحكام وتهدأ بعد ذلك وتنفذ إسرائيل ما تريد؟!.
وإذا كان هذا حال الحكام فإننى أتوجه للشعوب العربية المساندة والداعمة للمقاومة الفلسطينية، الشعوب التى تدافع عن الأمن القومى العربى، والتى تقف ضد الحلف الأمريكى الصهيونى الرجعى العربى- بتكوين الجبهة الشعبية ضد هذا الحلف فى كل بلد عربى لنصل إلى الجبهة الشعبية العربية لمواجهة الحلف الأمريكى الصهيونى الرجعى العربى.
وطيرى يا طيارة طيرى يا ورق وخيطان طيرى وواجهى الظلم والبغى والعدوان وواجهى إرهاب العدو الصهيونى وطغيان الأمريكان. وكل عام والشعوب العربية وشعوب العالم الحرة الأبية واقفة حاملة شعلة الأمل ليعم العدل والخير والسلام.