رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"التخطيط القومي": 86‪‏‬‎‏2 مليار جنيه لدعم ‏السلع التموينية.. و750 ألف فرصة ‏عمل سنويًا في الموازنة الجديدة

جريدة الدستور


الدولة أنجزت حزمة من المشروعات المهمة والمرحلة الحالية تقتضى استمرار تقديم الدعم
الدين الخارجى غير مقلق على الإطلاق.. نحتاج إلى إصلاح النظام الضريبى.. ‏ونستهدف خفض العجز الكلى إلى 7.4% العام المقبل



قال الدكتور علاء زهران، رئيس معهد التخطيط القومى، إن الاقتصاد المصرى تجاوز حاليًا المرحلة الأصعب والأخطر فى طريقه نحو تحقيق الإصلاح، خاصة أن المؤشرات ‏الدولية والمحلية تبين حدوث تحسن حقيقى وتدريجى، وإن كان الأمر يحتاج إلى مزيد من قوة الدفع، والوصول لمعدلات نمو تتجاوز ٧٪، حتى يجنى المواطن ثمار هذه ‏البرامج.‏
وكشف «زهران» فى حواره مع «الدستور» عن أن الموازنة الجديدة للعام المالى ٢٠١٨- ٢٠١٩ تستهدف خفض معدلات التضخم إلى ٨.٥٪، والبطالة إلى ما بين ٨٪ و٩٪، ‏مع عمل الحكومة حاليًا على استكمال إجراءات الحماية الاجتماعية للطبقات الأكثر فقرًا، عبر زيادة مخصصات دعم السلع التموينية ومعاش الضمان الاجتماعى، والتوسع فى ‏برنامجى «تكافل» و«كرامة» اللذين وصلت مخصصاتهما حاليًا إلى ١٧.٥ مليار جنيه.‏
‏■ بداية.. كيف تُقيّم أوضاع الاقتصاد الكلى لمصر فى الفترة الحالية؟
‏- التقييم يحتاج للوقوف على ما تعكسه الأرقام والمؤشرات من دلائل فى هذه المرحلة، ويمكن ملاحظة أنها جميعًا آخذة فى التحسن، بداية من وصول النمو الاقتصادى إلى نحو ٥.٢٪ خلال الربع الثانى ‏من العام المالى الحالى، مقارنة بـ٢.٢٪ فقط قبل عام ٢٠١٤، وهو أعلى مستوى للنمو فى السنوات الماضية، كما أن المنحنى فى اتجاه صعودى، بعدما وصل إلى ٤.٥٪ فى العام الماضى ٢٠١٦-٢٠١٧.‏
ويمكننا ملاحظة أن الاحتياطى النقدى من العملة الأجنبية شهد تحسنًا محلوظًا فى الفترة الماضية، بعدما تخطت حصيلته ٤٢ مليار دولار، مقارنة بـ١٦ مليار دولار فقط فى ٢٠١٣، كما انخفض عجز ‏الموازنة من ١٦.٧٪ إلى ١٠.٩٪، وتراجع معدل التضخم إلى أعلى معدل عقب تحرير سعر الصرف، ووفقًا للموازنة الجديدة فمن المستهدف أن يصل مع نهاية ٢٠١٨ إلى ١٣٪ فقط.‏
ولا شك أن الدولة المصرية على مدار السنوات الأربع الماضية أنجزت حزمة من المشروعات المهمة على أرض الواقع، منها تدشين شبكة طرق جديدة على امتداد ٧ آلاف كيلومتر، وتعزيز القدرات ‏الكهربائية من المصادر التقليدية والمتجددة، بخلاف اكتشافات الغاز الطبيعى العملاقة، وكذلك تنفيذ مشروع العاصمة الإدارية الجديدة و١٣ مدينة جديدة فى المحافظات، وفى الزراعة بدأنا مشروع استصلاح ‏المليون ونصف المليون فدان، وتدشين ١٠٠ ألف صوبة زراعية تعادل فى إنتاجها مليون فدان، إلى جانب المزارع السمكية.‏
‏■ ما تقييمك لبرنامج الإصلاح الاقتصادى؟
‏- برنامج الإصلاح الاقتصادى يقتضى عادة اتخاذ إجراءات صعبة ومؤثرة خاصة على الطبقات محدودة الدخل، لكن الجديد فى البرنامج الذى نطبقه هو أنه يوصى بتنفيذ حزمة من برامج الحماية ‏الاجتماعية المصاحبة لتلك الإجراءات، مع اتخاذ إجراءات أخرى لكبح جماح التضخم.‏
لذا شهدنا رفع الدعم فى بطاقات التموين من ١٩ جنيهًا إلى ٥٠ جنيهًا للفرد الواحد، كما أن معاش «تكافل وكرامة» يغطى أكثر من ٤.٥ مليون أسرة، بالإضافة إلى تخصيص ٢٠٠ مليار جنيه فى البنوك ‏لدعم من يريد تنفيذ بعض المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وكذلك لدينا وثيقة «أمان» المتاحة لكل المصريين لا عمال اليومية فقط، لتأمين حياتهم.‏
‏■ هل تكفى الإجراءات الحمائية الحالية لتخفيف أعباء برنامج الإصلاح؟
‏- إذا حسنّا كفاءتنا فى خدمتين فقط هما الصحة والتعليم، فلن تكون هناك حاجة للتوسع فى برامج الدعم العينى، خاصة أن الدولة إذا نجحت فى تطبيق مشروع التأمين الصحى بشكل صحيح فستكون قد ‏منحت المواطن محدود الدخل دعمًا أكبر من كل ما يحصل عليه، فتخفيف أعباء التعليم والرعاية الصحية عن المواطنين يجعل معظمهم فى غير حاجة للدعم العينى من الأساس.‏
‏■ هل يعنى ذلك أنك تؤيد دعوات إلغاء الدعم العينى نهائيًا مع استبداله بآخر نقدى؟
‏- للأسف ما زالت أكثر من ٦٠٪ من الاستثمارات فى مصر ممولة من القطاع الحكومى، لكن إذا توسعنا فعلًا فى تطبيق اقتصاد السوق، سنوفر فرص عمل ودخلًا مرتفعًا للمواطنين، وبالتالى لن نكون ‏وقتها فى حاجة إلى تقديم الدعم، أما حاليًا فالمرحلة ما زالت تحتاج إلى تقديم الدعم المتنوع نظرًا لطبيعة أوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية.‏
‏■ ما رؤيتك لملامح الموازنة العامة للعام المالى الجديد؟
‏- بشكل عام، هناك توجه رئيسى للحكومة يهدف لتحقيق نمو اقتصادى احتوائى يشمل قطاعات مختلفة ومتنوعة، بما يوفر فرص عمل لائقة بمتوسط ٧٥٠ ألف فرصة عمل سنويًا، للوصول بمعدلات ‏البطالة إلى ما دون ١٠.٥٪، كما أنها تركز على تحفيز القطاعات الرئيسية التى تدعم الاقتصاد، دون الاعتماد فقط على السياحة وإيرادات القناة وتحويلات المصريين، نظرًا لإمكانية تأثرها بالظروف ‏العالمية.‏
وتستهدف الحكومة خفض معدل التضخم إلى ٨.٥٪، والبطالة إلى ما بين ٨٪ و٩٪، مع تحقيق نمو اقتصادى يصل إلى ٧٪ فى السنوات المقبلة، مع زيادة الاستثمارات المخصصة لقطاعى التعليم ‏والبحث العلمى والصحة بشكل تدريجى، ودعم معدلات نمو قطاع الصناعات التحويلية والزراعة والصناعة والتشييد والبناء والطاقة.‏
كما تستهدف الحكومة خفض العجز الكلى للناتج المحلى إلى ٩.٢٪ بنهاية العام المالى الحالى ١٧١٨، ومن المستهدف أن يصل إلى ٧.٤٪ فى ١٨١٩، وكل ذلك سيصب فى صالح خفض معدلات ‏الفقر من ٢٦.٢٪ ليصل إلى ٢٢٪ بحلول عام ٢٠٢١.‏
‏■ ماذا عن إجراءات الحماية الاجتماعية فى الموازنة الجديدة؟
‏- علينا أن نعلم أولًا أننا مع توجيهه للطبقات محدودة الدخل فقط، وهذا ما يتيح الاستمرار فى برامج الحماية الاجتماعية المختلفة فى الموازنة الجديدة، وفى عدة مجالات أبرزها زيادة مخصصات دعم ‏السلع التموينية من ٨٢.٢ مليار فى الموازنة الحالية ١٧١٨، إلى ٨٦.٢ مليار جنيه فى الموازنة الجديدة ١٨١٩، وزيادة مخصصات معاش الضمان الاجتماعى، وبرنامجى «تكافل» و«كرامة» من ٨.٨ ‏مليار حاليًا إلى ١٧.٥ مليار جنيه.‏
وعلى الجميع أيضًا أن يعلم أن زيادة أسعار الوقود والكهرباء ستوفر ٥٠ مليار جنيه للدولة فى الموازنة الجديدة، وهو ما سيصب فى صالح محدودى الدخل، نظرًا لأن الطبقات ذات الدخل المتوسط ‏والمرتفع هى الأكثر استهلاكًا للطاقة فى مصر.‏
كما أن الحكومة حافظت على إجمالى مخصصات الدعم، البالغة ٣٣٢.٤ مليار جنيه فى الموازنة السابقة، وخصصت مبلغ ٣٣٢.٧ مليار جنيه للدعم فى الموازنة الحالية، مع إعادة هيكلته.‏
‏■ هل هذه الإجراءات الحمائية كافية لاحتواء تأثيرات التضخم؟
‏- الحماية الاجتماعية الحقيقية هى أن يجد المواطن الغذاء والدواء والتعليم المناسب بأقل تكلفة، مع دعم السلع التموينية قدر الإمكان، وتوفير الرعاية الصحية من خلال مشروع التأمين الصحى الذى يحقق ‏التغطية التأمينية لجميع المصريين لأول مرة على نفقة الدولة، بعد أن ظلت طوال العقود الماضية مقصورة على الموظفين فقط، والأمر نفسه ينطبق على التعليم، الذى تعمل الحكومة على تحسينه بشكل ‏جذرى. ‏
‏■ لماذا لم ينته عجز الموازنة رغم ما وفره رفع الدعم؟
‏- لأننا نحتاج إلى إصلاح النظام الضريبى، بما يتضمنه ذلك من إقرار الضريبة التصاعدية، المعمول بها فى كل دول العالم، فليس من المعقول تحصيل نفس قيمة الضريبة من شخص يحقق إيرادات تبلغ ‏‏١٠٠ ألف جنيه سنويًا، كما نحصلها من شخص يحقق ١٠ ملايين سنويًا، كما نحتاج إلى حدوث تغيير فى موضوع التحصيل والجباية، عبر العودة إلى تطبيق فكرة الضرائب المباشرة، لأنها أكثر قابلية ‏للتطبيق، وتطبيقها أسرع.‏
‏■ فى تقديرك.. هل وصلت معدلات الدين إلى مستويات خطرة؟ ‏
‏- الدين الخارجى غير مقلق على الإطلاق، لأننا لا نستدين إلا للضرورة القصوى، لكن الأهم هو توظيف هذه الأموال فى استثمارات تدر عوائد أكبر من معدل فوائدها، كما أن إقراض المؤسسات الدولية ‏للحكومة المصرية يعد شهادة ضمان وثقة من العالم كله فى الاقتصاد الوطنى، كما أننا لا نتأخر عن سداد المستحقات علينا، وهذا مطمئن.‏
متى يبدأ المواطن فى جنى ثمار الإصلاح؟
‏- من المتوقع فى ضوء المؤشرات والبيانات الصادرة عن جهات حكومية موثوق فيها، أن نشهد قريبًا وتدريجيًا تراجع الآثار السلبية لإجراءات الإصلاح الاقتصادى سواء على صعيد التضخم أو ‏البطالة أو معدلات الفقر، وهذه الأرقام أيدتها مراجعات صندوق النقد.‏
وحتى يحدث شعور حقيقى بالتحسن، لا بد أن نحقق معدلات نمو للناتج المحلى تفوق ٣ أمثال معدلات النمو السكانى الذى يبلغ حاليًا ٢.٤٪، وهو ما يمكن أن يحدث قريبًا إذا واصلنا معدلات ‏النمو الإيجابية المرتفعة.‏
ووفقًا للخطة سنتجاوز المعدل المطلوب عام ٢٠٢٠-٢٠٢١، عندما يرتفع معدل النمو عن ٧٪، لكن الأمر يتطلب قوة دفع تقع مسئوليتها على الوزراء الجدد، وعلى كل المؤسسات والهيئات ‏التابعة لهم.‏