القبيح (الأبيح) تعرَّض للتحرش بسبب وسامته!
في غالبية أقاليم مصر ينطقون القاف ألفًا، وفي بعضها، خاصة في الصعيد ينطقونها جيمًا، معطَّشة أو مشبَّعة. ولولا ذلك، لكانت ألفاظ كثيرة يتداولها المصريون، في حياتهم اليومية، أقرب إلى الفصحى منها إلى العامية، نطقًا ومعنىً.
يصفون الشخص بأنه قارح، «آرِح» بكسر الراء، إذا تعامل مع الناس بلا هيبة أو احتشام. والقارح في اللغة هو ذو الحافر (أي الحيوان آكل العشب) الذي أتم الخامسة من عمره ونبت نابه. وقد يكون أصل الكلمة هو قارَح مقارحةً، بفتح الراء، أي واجه مواجهةً. ويقولون: ما هذا القرف «الأرف»؟ وهو سؤال أو تعجب يدل على الاستياء وعلى سوء ما حدث. والقرف هو الوباء أو المرض المُعدِي، وقد تعني الكلمة أيضًا مخالطة ما يُستكرَه. ويُقال قَرِفَ أي تَقَزَّزَ أو عافه وكرهه، والمُقرف من الرجال هو النذل الخسيس والمقرف من الوجوه هو القبيح غير الحسن. ويقولون أيضًا: هذا الشخص أو الفعل أو الكلام قبيح «أبيح» أي فاحش. والقَبيح اسم فاعل من قَبُحَ بفتح القاف وضم الباء. وهو الشائن، المهين، المخجل أو ما يَنْفِرُ منه الذَّوق السَّليم ويأباه العرف العام.
لو قرأت ما نشرته الصحف الفرنسية والسويسرية عن التحقيقات التي جرت مع طارق رمضان، حفيد حسن البنا، ولو تأملت ملامح وجهه أو «سحنته»، ستستخدم كل الألفاظ، سابقة الذكر، عدة مرات. وستصف بها أيضًا جماعة الإخوان التي بدا واضحًا أنها تسيطر على وسائل الإعلام العربية وعلى غالبية محترفي «الهري» و«الزياط» العرب على شبكات التواصل الاجتماعي، وكذا أساتذة «الهبد» وكل من هبوا ودبوا بأصابعهم على الـ«كيبورد»!.
في ٢ فبراير الماضي، أمرت محكمة فرنسية بحبس المذكور على خلفية اتهامه في قضايا تتعلق بالاغتصاب والاعتداء الجنسي والتحرش، أثارتها ٤ نساء، ٣ في فرنسا وواحدة في سويسرا. ويوم الثلاثاء ٥ يونيو الجاري، وفي جلسة استجواب أمام محكمة باريس، تحدث المذكور عن تعرضه باستمرار للتحرش بسبب وسامته، وزعم أن مجلة سويسرية اختارته من بين الرجال السبعة الأكثر إثارة في العالم. ومر أسبوعان وأيام من الثالث، على نشر موقع «لوباريزيان» الفرنسي، للمقاطع المثيرة من التحقيق، دون أن نرى حفلات أو «كوميكس» أو تعليقات ساخرة من «وسامة» المذكور المزعومة التي جعلته، بحسب زعمه، يتعرض دائمًا للتحرش!.
من يصفونه بـ«المفكر الإسلامي» قال خلال التحقيقات إنه «يرفض تمامًا اتهامه بالاغتصاب، لأنه لم يفعل ذلك أبدًا في حياته، ولم يقم أبدًا بممارسة العنف مع امرأة»، لكنه اعترف بإقامته علاقات جنسية خارج إطار الزواج ٥ مرات، وأضاف: «لم أقل أبدًا أو لمحت إلى أن كل تصرفاتي ملائمة لديانتي». وبرر ذلك بتعرضه المستمر للتحرش من طرف النساء، موضحًا «فكرة بحثي وسعيي وراء النساء مخالفة للواقع، فلم أكن مطلوبًا فقط كمثقف ولكن أيضًا كرجل». وبانتهاء الجلسة، أعيد المذكور إلى مستشفى سجن «فرين» إلى حين النظر من جديد في الملف خلال يوليو المقبل. ولو لم يلفت نظرك أنه يقضي فترة حبسه في مستشفى السجن، نشير إلى أنه كعادة الإخوان، زعم إصابته بمرض اسمه «التصلب اللوحي». والأكثر من ذلك، هو أن محاميه إيمانويل مارسيني تقدم في ٢٤ أبريل الماضي بطلب للإفراج عن المذكور، إلا أن المحكمة الفرنسية رفضت الطلب.
في ٣١ يناير الماضي، وتحت عنوان «الإسلام بريء من حفيد البنا»، أوضحت أن الإسلام والمسلمين تعرضوا لإساءة بالغة حين وصفت صحف ووكالات أنباء عربية وغربية المدعو طارق رمضان بـ«المفكر الإسلامي البارز»، في خبر إلقاء القبض عليه في فرنسا، على ذمة اتهام سويسرية وثلاث فرنسيات باغتصابهن والاعتداء الجنسي عليهن والتحرش بهن وتهديدهن بالقتل. وأوضحت أن وصف المذكور بأنه «مفكر إسلامي» يسيء إلى الإسلام والمسلمين، ليس فقط بسبب الجرائم البشعة التي احتجزته السلطات الفرنسية على ذمتها، ولكن أيضًا لانتمائه إلى تنظيم إرهابي يضم من ثبت مرارًا وتكرارًا أنهم ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين.
لو فاتتك متابعة مسلسل الفضائح من أوله، فإن إحدى السيدات، اسمها هند العياري (٤٠ سنة)، اتهمت المذكور، في أكتوبر الماضي، باغتصابها والاعتداء الجنسي عليها، وتهديدها بالقتل. وقالت في حوار مع التليفزيون الفرنسي إنها ذهبت إليه في أحد فنادق العاصمة الفرنسية لتوجيه بعض الأسئلة له بشأن الإسلام، وأضافت: «لقد وثب عليّ مثل وحش». وفي كتابها «اخترت أن أكون حرة»، ذكرت «العياري» أن شخصًا اسمه «الزبير»، قام باغتصابها وأنها حين صرخت في وجهه طالبة منه أن يتوقف، شتمها وصفعها وضربها. ثم كتبت في حسابها على «فيسبوك» أنها لم تكشف، في الكتاب، اسم المعتدي عليها بسبب «التهديدات التي وجهها إليها»، وتابعت: «أؤكد اليوم أن الزبير ليس سوى طارق رمضان».
اتهامات «العياري»، كانت هي الشرارة التي اشتعلت منها النار، إذ ظهرت سيدات أخريات اتهمن «حفيد البنا» بالاعتداء الجنسي عليهن، أيضًا عندما كان يقوم بتدريس اللغة الفرنسية والفلسفة في المدرستين الثانويتين كودريي وسوسور. وذكر تقرير نشرته جريدة «تريبيون دي جنيف» إن إحداهن كانت طفلة في الرابعة عشرة، بينما تراوحت أعمار ٣ أخريات بين ١٥ و١٨ سنة. وبتوالي الفضائح، اضطر المذكور إلى الحصول على إجازة «إجبارية» من جامعة أوكسفورد. صحيح أن الجامعة البريطانية، أوضحت في بيان، أصدرته ٧ نوفمبر الماضي، أن الإجازة «متفق عليها» و«لا تعني وجود افتراضات مسبقة أو اعتراف بالذنب»، إلا أنها أشارت أيضًا إلى أن الاتهامات سببت «ألمًا كبيرًا ومفهومًا»، وأكدت أن هدفها الأساسي هو «سلامة طلابها وموظفيها».
مع عمله في أكسفورد البريطانية، عمل المذكور أيضًا أستاذًا زائرًا بكلية الدراسات الإسلامية بقطر، وكان رئيسًا لـ«مركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق» في تلك الإمارة. وبأموال قطر، تم تصنيفه «ثامن أعظم مفكري العالم».. وبأموال قطر، وصفته جريدة الـ«تايمز» البريطانية بأنه «المجدد الأكثر أهمية في القرن الـ٢١».. وبأموال قطر، منحته الـ«واشنطن بوست» الأمريكية لقب «مارتن لوثر الإسلام». وعليه، ليس بعيدًا أو مستبعدًا أن تكون أموال قطر، أيضًا، هي التي وضعت القبيح (الأبيح)، القارح (الآرح)، المقرف (المؤرف)، بين الرجال السبعة الأكثر إثارة في العالم!.