رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القبيح (الأبيح) تعرَّض للتحرش بسبب وسامته!‏


في غالبية أقاليم مصر ينطقون القاف ألفًا، وفي بعضها، خاصة في الصعيد ينطقونها جيمًا، معطَّشة أو مشبَّعة. ولولا ذلك، لكانت ألفاظ كثيرة يتداولها ‏المصريون، في حياتهم اليومية، أقرب إلى الفصحى منها إلى العامية، نطقًا ومعنىً. ‏

يصفون الشخص بأنه قارح، «آرِح» بكسر الراء، إذا تعامل مع الناس بلا هيبة أو احتشام. والقارح في اللغة هو ذو الحافر (أي الحيوان آكل العشب) الذي أتم ‏الخامسة من عمره ونبت نابه. وقد يكون أصل الكلمة هو قارَح مقارحةً، بفتح الراء، أي واجه مواجهةً. ويقولون: ما هذا القرف «الأرف»؟ وهو سؤال أو تعجب ‏يدل على الاستياء وعلى سوء ما حدث. والقرف هو الوباء أو المرض المُعدِي، وقد تعني الكلمة أيضًا مخالطة ما يُستكرَه. ويُقال قَرِفَ أي تَقَزَّزَ أو عافه وكرهه، ‏والمُقرف من الرجال هو النذل الخسيس والمقرف من الوجوه هو القبيح غير الحسن. ويقولون أيضًا: هذا الشخص أو الفعل أو الكلام قبيح «أبيح» أي فاحش. ‏والقَبيح اسم فاعل من قَبُحَ بفتح القاف وضم الباء. وهو الشائن، المهين، المخجل أو ما يَنْفِرُ منه الذَّوق السَّليم ويأباه العرف العام. ‏

لو قرأت ما نشرته الصحف الفرنسية والسويسرية عن التحقيقات التي جرت مع طارق رمضان، حفيد حسن البنا، ولو تأملت ملامح وجهه أو «سحنته»، ‏ستستخدم كل الألفاظ، سابقة الذكر، عدة مرات. وستصف بها أيضًا جماعة الإخوان التي بدا واضحًا أنها تسيطر على وسائل الإعلام العربية وعلى غالبية ‏محترفي «الهري» و«الزياط» العرب على شبكات التواصل الاجتماعي، وكذا أساتذة «الهبد» وكل من هبوا ودبوا بأصابعهم على الـ«كيبورد»!.‏

في ٢ فبراير الماضي، أمرت محكمة فرنسية بحبس المذكور على خلفية اتهامه في قضايا تتعلق بالاغتصاب والاعتداء الجنسي والتحرش، أثارتها ٤ نساء، ٣ ‏في فرنسا وواحدة في سويسرا. ويوم الثلاثاء ٥ يونيو الجاري، وفي جلسة استجواب أمام محكمة باريس، تحدث المذكور عن تعرضه باستمرار للتحرش بسبب ‏وسامته، وزعم أن مجلة سويسرية اختارته من بين الرجال السبعة الأكثر إثارة في العالم. ومر أسبوعان وأيام من الثالث، على نشر موقع «لوباريزيان» ‏الفرنسي، للمقاطع المثيرة من التحقيق، دون أن نرى حفلات أو «كوميكس» أو تعليقات ساخرة من «وسامة» المذكور المزعومة التي جعلته، بحسب زعمه، ‏يتعرض دائمًا للتحرش!.‏

من يصفونه بـ«المفكر الإسلامي» قال خلال التحقيقات إنه «يرفض تمامًا اتهامه بالاغتصاب، لأنه لم يفعل ذلك أبدًا في حياته، ولم يقم أبدًا بممارسة العنف مع ‏امرأة»، لكنه اعترف بإقامته علاقات جنسية خارج إطار الزواج ٥ مرات، وأضاف: «لم أقل أبدًا أو لمحت إلى أن كل تصرفاتي ملائمة لديانتي». وبرر ذلك ‏بتعرضه المستمر للتحرش من طرف النساء، موضحًا «فكرة بحثي وسعيي وراء النساء مخالفة للواقع، فلم أكن مطلوبًا فقط كمثقف ولكن أيضًا كرجل». وبانتهاء ‏الجلسة، أعيد المذكور إلى مستشفى سجن «فرين» إلى حين النظر من جديد في الملف خلال يوليو المقبل. ولو لم يلفت نظرك أنه يقضي فترة حبسه في مستشفى ‏السجن، نشير إلى أنه كعادة الإخوان، زعم إصابته بمرض اسمه «التصلب اللوحي». والأكثر من ذلك، هو أن محاميه إيمانويل مارسيني تقدم في ٢٤ أبريل ‏الماضي بطلب للإفراج عن المذكور، إلا أن المحكمة الفرنسية رفضت الطلب.‏

في ٣١ يناير الماضي، وتحت عنوان «الإسلام بريء من حفيد البنا»، أوضحت أن الإسلام والمسلمين تعرضوا لإساءة بالغة حين وصفت صحف ووكالات ‏أنباء عربية وغربية المدعو طارق رمضان بـ«المفكر الإسلامي البارز»، في خبر إلقاء القبض عليه في فرنسا، على ذمة اتهام سويسرية وثلاث فرنسيات ‏باغتصابهن والاعتداء الجنسي عليهن والتحرش بهن وتهديدهن بالقتل. وأوضحت أن وصف المذكور بأنه «مفكر إسلامي» يسيء إلى الإسلام والمسلمين، ليس ‏فقط بسبب الجرائم البشعة التي احتجزته السلطات الفرنسية على ذمتها، ولكن أيضًا لانتمائه إلى تنظيم إرهابي يضم من ثبت مرارًا وتكرارًا أنهم ليسوا إخوانًا ‏وليسوا مسلمين. ‏

لو فاتتك متابعة مسلسل الفضائح من أوله، فإن إحدى السيدات، اسمها هند العياري (٤٠ سنة)، اتهمت المذكور، في أكتوبر الماضي، باغتصابها والاعتداء ‏الجنسي عليها، وتهديدها بالقتل. وقالت في حوار مع التليفزيون الفرنسي إنها ذهبت إليه في أحد فنادق العاصمة الفرنسية لتوجيه بعض الأسئلة له بشأن الإسلام، ‏وأضافت: «لقد وثب عليّ مثل وحش». وفي كتابها «اخترت أن أكون حرة»، ذكرت «العياري» أن شخصًا اسمه «الزبير»، قام باغتصابها وأنها حين صرخت ‏في وجهه طالبة منه أن يتوقف، شتمها وصفعها وضربها. ثم كتبت في حسابها على «فيسبوك» أنها لم تكشف، في الكتاب، اسم المعتدي عليها بسبب «التهديدات ‏التي وجهها إليها»، وتابعت: «أؤكد اليوم أن الزبير ليس سوى طارق رمضان».‏

اتهامات «العياري»، كانت هي الشرارة التي اشتعلت منها النار، إذ ظهرت سيدات أخريات اتهمن «حفيد البنا» بالاعتداء الجنسي عليهن، أيضًا عندما كان ‏يقوم بتدريس اللغة الفرنسية والفلسفة في المدرستين الثانويتين كودريي وسوسور. وذكر تقرير نشرته جريدة «تريبيون دي جنيف» إن إحداهن كانت طفلة في ‏الرابعة عشرة، بينما تراوحت أعمار ٣ أخريات بين ١٥ و١٨ سنة. وبتوالي الفضائح، اضطر المذكور إلى الحصول على إجازة «إجبارية» من جامعة ‏أوكسفورد. صحيح أن الجامعة البريطانية، أوضحت في بيان، أصدرته ٧ نوفمبر الماضي، أن الإجازة «متفق عليها» و«لا تعني وجود افتراضات مسبقة أو ‏اعتراف بالذنب»، إلا أنها أشارت أيضًا إلى أن الاتهامات سببت «ألمًا كبيرًا ومفهومًا»، وأكدت أن هدفها الأساسي هو «سلامة طلابها وموظفيها».‏

مع عمله في أكسفورد البريطانية، عمل المذكور أيضًا أستاذًا زائرًا بكلية الدراسات الإسلامية بقطر، وكان رئيسًا لـ«مركز دراسات التشريع الإسلامي ‏والأخلاق» في تلك الإمارة. وبأموال قطر، تم تصنيفه «ثامن أعظم مفكري العالم».. وبأموال قطر، وصفته جريدة الـ«تايمز» البريطانية بأنه «المجدد الأكثر ‏أهمية في القرن الـ٢١».. وبأموال قطر، منحته الـ«واشنطن بوست» الأمريكية لقب «مارتن لوثر الإسلام». وعليه، ليس بعيدًا أو مستبعدًا أن تكون أموال قطر، ‏أيضًا، هي التي وضعت القبيح (الأبيح)، القارح (الآرح)، المقرف (المؤرف)، بين الرجال السبعة الأكثر إثارة في العالم!.‏