رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ثروت الخرباوى يكتب: الفاسدون فى أجهزة الدولة وأموال الإرهابية 30-30

ثروت الخرباوي
ثروت الخرباوي

مع الزمن ينتقل المرء من الشباب إلى الكهولة ثم إلى الشيخوخة، والشيخوخة هي "عُمْر الحكمة" ومع الشيخوخة تبدأ الأمراض فى غزو الجسد وزلزلة الشرايين، هي الأمراض التي تعطيك عبق الحياة الحقيقي وحكمتها، هي التي تجعلك ترى الحقيقة على حقيقتها، تظل تكدح في الحياة وأنت تنظر إليها فتراها أحيانًا صغيرة وأحيانا كبيرة، تظنها حينا محدبة وحينا آخر مقعرة، وكأنك تجلس عند طبيب العيون تخضع لتجارب العدسات الصالحة لك، فإذا تهادت الأمراض إلى جسدك، انطبقت عدستها مع حياتك، وقتئذ سترى الدنيا بحجمها الحقيقي وتفصيلاتها الدقيقة، الأمراض تمنح بعضنا الحكمة.

نعرف أعمارنا الحقيقية بالزمن الذي مر علينا، والزمن يمر على أجسادنا ولكنه لا يمر على أرواحنا أبدا، نظل عمرنا كله نشعر أننا ما زلنا في ميعة الصبا، نقاوم مروره على أجسادنا مقاومة فارغة هشة وهمية، ولكن مهما حاولنا فإن الزمن يمر وسيمر وسينظر إلينا شذرًا وهو يقول: حتمًا سأضع بصمتي على أجسادكم، الجسد يفنى وتبقى الروح، وهي في حركتها تنطلق في اللازمكان .

والآن بعد هذا العمر أراني أنظر للدنيا فأراها على حقيقتها، فارغة لا شيء فيها، ثم أراني أنظر لتكالب الناس عليها فأراهم حمقى لا عقل لهم، وهكذا إلى أن أنظر لجماعة الإخوان وما فعلته بديننا ودنيانا فأراها وهي تجعل الدين مصيدة للدنيا، أنظر حولي فأجد من يتعجب: ألم تعلم أيها الأبله أن تلك الجماعة شيطانية وقد عشت فيها سنوات؟ نحن علمنا هذا سريعا! فأتعجب بدوري.

هل تضع تلك الجماعة أو أي جماعة أخرى "منشورا" للالتحاق بها تقول فيه إنها جماعة شيطانية وإرهابية وإجرامية، يا لسذاجتكم المفرطة! ومع ذلك فإن معظم من يقول هذا كان يذهب لصندوق الانتخابات ويقف خلف الستارة السوداء حيث لا يراه أحد ثم يعطي صوته الانتخابي للإخوان، ويظن أنه بذلك قد أرضى ربه، ومعظم من يقول ذلك أصيب بمرض "التأخون اللاإرادي" وهو إلى الآن يردد أفكار الإخوان الدينية والسياسية، ومعظم من يقول ذلك لم يعلم شر الإخوان إلا من خلال أصحاب التجارب السابقة في الجماعة!.

عشت في جماعة الإخوان رَدحا من الزمن أتقلب في نواحيها، تجمعني الأسرة الإخوانية برجال قضاء وضباط جيش وأساتذة جامعات، كان معي في أسرة واحدة حسن مالك، وجمعني بالنائب العام الإخواني طلعت عبد الله وقت أن كان قاضيا عملا مشتركا في لجنة إخوانية قانونية، والتقيت من خلال الإخوان بقضاة في مجلس الدولة أصبحوا رؤساء دوائر هامة فيه بعد ذلك، ورأيت وأنا فيهم رجال شرطة فاسدين يقبضون من الإخوان الآلاف ليتيحوا الفرصة لخيرت الشاطر أن يذهب إلى بيته وهو في السجن مرتين في الأسبوع، وآخرين من فسدة الشرطة وهم يبلغونهم بالضبطية قبل أن تقع، وآخرين يُهرِّبون الهواتف المحمولة لهم في السجن.

يتصل بعضهم بي وأتصل بهم في الوقت الذي نريد، ورأيت كتابا ومؤلفين يقبضون من الإخوان مئات الآلاف كي يكتبوا أفلاما ومسلسلات تعارض الإخوان ظاهريا وتحبب فيهم خلق الله في الحقيقة، ورأيت رؤساء تحرير صحف وهم يقبضون من الإخوان ما لذ وطاب لكي يؤجروا لهم صفحات من صحفهم في مقابل أن يشتري الإخوان آلاف النسخ من الجريدة فتبدو ناجحة أمام الناس، لقد عشت في الإخوان وهم يقيمون دولتهم داخل الدولة المصرية حتى أصبح القضاء على هذه الدولة بالأساليب الحالية هو مجرد خرافة من الخرافات التي نسلي بها أنفسنا.

كنا نعيش في الإخوان كل هذا ونحن على اعتقاد بأننا ننتصر لله، ثم كانت اللطمة الأولى عندما عرفت من زينب الغزالي أنها لم تتعرض لتعذيب داخل السجن وإن كانت قد تعرضت للإهانات والتوبيخ! وكتابك يا حاجة زينب "أيام من حياتي" وقصص التعذيب فيه، فتقول: سيأتي ذكره بعد حين، ثم أعرف بعد ذلك بأشهر قليلة أن من كتب الكتاب وصاغ قصص التعذيب الكاذبة هو "يوسف ندا".

وعندما أسأل أحمد سيف الإسلام حسن البنا عن ذلك فإذا به يقول: الحرب خدعة، وأنت يا بن حسن البنا هل تعرضت في سجنك للتعذيب؟ فيقول: كانوا يحترمونني كأنني باش مأمور السجن، وما كان يقوله الشيخ كشك عن الجيش الذي أعده زكريا محي الدين لقتل الإخوان في السجن؟: عددٌ من الإخوان تغلبوا على بعض الحراس واستولوا على أسلحتهم وسيطروا على السجن وحاولوا الهرب، وعندما جاء للسجن مددٌ من رجال الأمن حاولوا التفاوض معهم ليسلموا أنفسهم بسلام فرفض الإخوان وحدث تبادل إطلاق نار قُتل فيه من الإخوان من قُتل، ولكنها أصبحت مناحة إخوانية ومظلومية كاذبة تُستخدم للضحك بها على السذج.

عدت بعد ذلك أقرا للإخوان مرة أخرى لأعرف الحقيقة، كنت أقرأ من قبل بعين المحب فلم أر سوءتهم، ولكنك عندما تقرأ متجردا من مشاعرك سترى الحقيقة، وأثناء القراءة والمراجعة يفاجئني مأمون الهضيبي في ندوة معرض الكتاب عام 1992 بأن الإخوان يتعبدون لله بأعمال النظام السري قبل ثورة يوليو! يا الله، لقد كنتم تقولون ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين، الآن نتعبد بالقتل والاغتيال والتفجير.
سنوات وراء سنوات وأنا أقرأ، أفكارهم هراء، تاريخهم أكذوبة لم يحدث أن قال سيد قطب: "لن أوقع على اعتذار لعبد الناصر لأن الإصبع الذي يوحد الله لا يمكن أن يعتذر للكافر" كل قصص سيد قطب خرافات.

أقرأ وأقرأ فإذا بكتاب في ظلال القرآن لقطب يحتوي على مخالفات عقائدية تُخرج من الملة، وكتاب معالم في الطريق يحتوي على أسوأ الأفكار التي صاغها قطب بلغته الشاعرية الجميلة، فكانت هي الخنجر الملفوف في ورق سوليفان، الحاكمية خديعة، والخلافة خدعة، الولاء والبراء كارثة تخالف القرآن، التكفير افتئات على سلطان الله، القتال في سبيل الله أصبح اعتداءً على أرواح الناس بغير حق، أقرأ وأقرأ فإذا بحسن البنا كذاب أشر، السيفان والقرآن بينهما أكبر جريمة ارتكبها مسلم في حق الإسلام، صلة الإخوان بمخابرات بريطانية لم ينكرها البنا نفسه، ويؤكدها الواقع الذي نعيشه، فكان أن تركت الإخوان، ويوم أن انفصلت عنهم كليا سجدت لله سجدة سميتها "سجدة الحرية" لأنني تخلصت بها من عبوديتي للبشر وأصبحت عبوديتي خالصة لوجه الله.