رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ولى الكبار.. القصة الكاملة للشيخ مختار الدسوقي

جريدة الدستور

أصبح الشيخ مختار على محمد الدسوقى، شيخ الطريقة «الدسوقية المحمدية»، خلال الفترة القليلة الماضية، واحدًا من نجوم الصوفية، وباتت أخباره ملء السمع والبصر، تتناقلها الألسنة داخل أوساط «أهل الله»، خاصة مع توجه كثيرين إلى مزرعته بنطاق محافظة البحيرة، التى صارت قبلة للراغبين فى الحصول على «البركة» من شيخ الطريقة. خلال فترة وجيزة، تمكن «الدسوقى» من نشر طريقته الصوفية الحديثة بين أطياف المثقفين والسياسيين ورجال الأعمال وطلاب جامعة الأزهر، بجانب دول الخليج العربى، خاصة مع سابقة عمله فى الكويت قبل إنشائه طريقته فى ٢٠٠٧، التى ساعدته فى تكوين شبكة معارف كبيرة جذبت للطريقة المئات من رجال الأعمال الخليجيين الذين أصبحوا بعد ذلك مريدين على باب «الدسوقية». يتجمع مريدو الطريقة، سواء من «مشاهير الداخل» أو «المحبين الخلايجة»، داخل المزرعة المشار إليها، المملوكة لـ«الدسوقى» والمعروفة بـ«الكرام»، للمشاركة بشكل دائم فى كل الحضرات والفعاليات التى يقيمها شيخ الطريقة. «الدستور» تكشف فى السطور التالية عن القصة الكاملة لهذه الطريقة التى تمكنت من جذب «الصفوة» و«العرب» على بساط «الحب الإلهى».

تتلمذ على يد شيخ سودانى.. ومنح العهد لـ«رئيس حكومة و٥ وزراء سابقين»
علاقة الشيخ مختار الدسوقى بالطرق الصوفية بدأت عندما انتمى لبيت الشيخ محمد عثمان البرهانى، أحد أقطاب الصوفية الكبار فى دولة السودان، شيخ الطريقة «البرهانية»، وفق ما كشفه الدكتور سيد مندور، القيادى بالطريقة «السمانية».
فبعد أن حصل «الدسوقى» على العهد من الشيخ عثمان البرهانى، أذن له بتدشين الطريقة «الدسوقية»، وبالفعل دشنها فى صحراء أقصى جنوب غرب البحيرة، لاستقبال المريدين والمتيمين به حتى اعتمادها رسميًا من المجلس الصوفى الأعلى فى ٢٠٠٧، لتصبح الطريقة ٧٧ من بين الطرق الصوفية.
ويقول «مندور»: «تماشى الشيخ مختار الدسوقى مع العصر الذى هو فيه، جعل المريدين يقبلون عليه من كل أنحاء العالم وليس من مصر فقط، وأتباعه ليسوا دراويش فقط، بل من كل الطبقات، ومنهم الأطباء والمهندسون والمفكرون والصحفيون والإعلاميون».
ويضيف أن «الدسوقى استغل علاقاته خارج مصر فى نشر الطريقة الدسوقية، ما جعل الآلاف ينضمون إليها من كل المستويات»، لافتًا إلى أن كثيرين يبدون استغرابهم من ضم الطريقة مسئولين كبارًا فى الدولة، رغم أنه أمر عادى جدًا.
ويفسر: «التصوف الإسلامى جذب الجميع إليه، لما فيه من علوم ووسطية ومجاهدة للنفس، وغير ذلك من الأمور العظيمة التى تربى فى المريد الكثير من الخصال الإيجابية وتجعله محبًا لوطنه وبلده».
من جهته، رأى محمد على، أحد مريدى الطرق الصوفية، أن «بركات» الشيخ مختار الدسوقى «لا تعد ولا تحصى»، وقال: «أتباعه فى الأوساط الصوفية يؤكدون دائمًا أنه صاحب كرامات، الأمر الذى جذب الكثيرين من المشاهير إليه».
وعن أبرز هؤلاء المشاهير، كشف «على»: «الكاتب الصحفى عادل حمودة أخذ العهد الصوفى على يديه داخل (مزرعة الكرام)، بجانب الفنان عزت العلايلى، والفنان حلمى فودة، والمستشار مقبل شاكر رئيس مجلس القضاء الأعلى الأسبق».
وأشار إلى أن المهندس أحمد الليثى، وزير الزراعة الأسبق، كان لا يتخذ قرارًا حينما كان يتولى منصب محافظ البحيرة إلا بعد الرجوع لـ«الدسوقى»، سواء بمقابلته وجهًا لوجه واستشارته، أو الاتصال به عبر التليفون المحمول.
وعن بقية مريدى «الدسوقية» المشاهير، استكمل: «الدكتور يوسف والى، وزير الزراعة الأسبق، والدكتور عاطف عبيد، رئيس الوزراء الأسبق، ومحمود أبوزيد، وزير الرى الأسبق، والدكتور ممدوح رياض، وزير البيئة الأسبق».
وأضاف: «جميع هؤلاء الوزراء والمسئولين أخذوا العهد من شيخ الدسوقية، بعد أن رأوا كرامات الشيخ التى جذبتهم وحيرت عقولهم».
وكشف عن أن مريدى «الدسوقية» ساعدوا شيخ طريقتهم فى بناء مملكته الصوفية، سواء من خلال التبرع بالأموال أو مشاركته فى المشروعات التى تقام بشكل دائم فى «مزرعة الكرام» بالبحيرة، والتى يعمل فيها الفقراء نظير راتب شهرى من الشيخ الدسوقى.
واختتم: «هؤلاء المريديون يساعدون أيضًا فى إقامة الحضرات والطقوس الصوفية داخل المزرعة بعد الانتهاء من الأعمال اليومية، بجانب استقدام العلماء والشيوخ لإلقاء الدروس والعظات على أتباع الطريقة داخل المزرعة كل جمعة».

يرتدى أفخم الأزياء ويدخن السجائر.. وحضرته تقام فى مزرعة على مساحة ٧٠٠ فدان
كشفت مصادر داخل «الدسوقية» عن أن «مزرعة الكرام» مقر الطريقة فى البحيرة، تصل مساحتها إلى ٧٠٠ فدان، وأنشأها الشيخ مختار الدسوقى بعد عودته من الكويت فى التسعينيات، بمساعدة أتباعه ومريديه من دول الخليج.
وأضافت المصادر: «المزرعة تحوى مزارع سمكية عملاقة، بجانب مزارع فاكهة وأخرى لتربية الأبقار والدواجن، فضلًا عن مصانع للصلصة»، لافتة إلى أن كل تلك المشروعات جذبت كثيرين إلى المزرعة، من بينهم وفود يابانية جاءت فى فترة للتعرف على جودة تلك المنتجات.
وقال خالد الشناوى، الباحث والمهتم بالشأن الصوفى، إن ما فعله الشيخ مختار الدسوقى للتصوف والصوفية «كثير جدًا»، ومزرعته خير شاهد على ذلك، خاصة مع استقطابها طلابًا من جامعة الأزهر لتعليمهم مبادئ التصوف الصحيح وتحذيرهم من الفكر المتطرف الذى انتشر خلال الآونة الأخيرة بصورة كبيرة، فضلًا عن نجاحه فى جذب الآلاف من دول الخليج إلى طريقته، خلال فترة وجيزة.
وأضاف: «الشيخ الدسوقى اعتاد دعوة أئمة المساجد التابعين لوزارة الأوقاف وعلماء الأزهر الشريف لحضور الندوات العلمية والدينية التى تقام داخل مزرعة الكرام، مساء كل خميس وجمعة أسبوعيًا، مع تكفله بدفع تكاليف انتقال هؤلاء الأئمة».
وتابع: «ليس هذا فقط، بل توزع آلاف الوجبات الغذائية للزوار، خلال هذين اليومين، وتقام الولائم للمسئولين والوزراء والشخصيات العامة الذين اعتادوا زيارته كل جمعة، إذ يعتكف كثير من المسئولين فى المزرعة حبًا فى علوم وبركات شيخ الدسوقية».
وينتقل «الشناوى» للحديث عن بعض الصفات الشخصية لـ«الشيخ الدسوقى»، قائلًا: «حديثه اللبق والمقنع يمكنه من جذب الجميع إلى حضرته، بجانب ارتدائه أفخر الثياب وتدخينه السجائر».
واعتبر أن ذلك يعد دليلًا على عدم اقتصار الصوفية على «الدراويش» و«المجاذيب»، بل يوجد فيها كثير من الشخصيات المتماشية مع الحداثة، لذا يصف الجميع «الدسوقى» بأنه شيخ طريقة صوفية على الطراز الحديث، وفق قوله.

أتباعه: فسَّر القرآن الكريم كاملًا دون أى «دراسة»
يعتبر محمد مدثر، أحد مريدى «الدسوقية» من دولة السودان، أن الشيخ مختار الدسوقى يمتلك أسلوبًا خاصًا فى تعليم المريدين والأتباع المنهج الصوفى الدسوقى، لأنه قائم على ربط التصوف بالواقع المعاصر.
ويقول «مدثر»: «أسهم هذا الأسلوب فى انضمام كثيرين من السودان ونيجيريا وإثيوبيا إلى طريقته الصوفية التى انتشرت بصورة رهيبة خلال الفترة الأخيرة، ووصل عدد مريديها للآلاف، حيث يأتون إلى مزرعة الكرام بشكل دورى فى الاحتفالات التى تقيمها الطريقة الدسوقية».
ويضيف: «الشيخ مختار الدسوقى له أفضال كبيرة على جميع أتباعه، الذين يحرصون على نقل الصورة التى يرونه بها داخل مزرعته لكل أنحاء العالم»، مشيرًا إلى أنه «يتعامل مع الجميع بقدر كبير من التواضع، ما جعل الوزراء والمسئولين فى الدولة يقصدونه بشكل شبه دائم للاستفادة من خبرته وعلومه الكثيرة التى ملأت المؤلفات والكتب وأصبحت تدرس لطلاب الجامعات داخل مصر وخارجها».
وقال عبدالعزيز البرهامى، أحد أتباع «الدسوقية»: «الشيخ مختار له كرمات ربانية جذبت الجميع إليه سواء داخل مصر أو خارجها، خاصة أنه يعلم الجميع مبادئ الزهد فى الدنيا والعمل والاجتهاد والبعد عن كل الأمور التى تغضب الله عز وجل، بالإضافة إلى حب الوطن».
وأضاف: «يقول لنا دائمًا إن حب الوطن من الإيمان، والوقوف مع بلدنا وقت الأزمات والعسرات ستكون له مكافأة عظيمة من الله عز وجل».
ووصلت ثقة «البرهامى» فى شيخه إلى أن يقول: «مختار الدسوقى ليس شيخًا صوفيًا عاديًا، بل إنه طبيب ومهندس ورجل أعمال وشيخ طريقة وعالم دين، فالله عز وجل أنعم عليه بالكثير من النعم التى لم ينعم بها على أحد غيره».
وتابع: «يملك قدرًا كبيرًا من العلم والمعرفة، جعله يفسر القرآن الكريم كاملًا، الأمر الذى حيّر علماء الدين أنفسهم، وجعلهم يتساءلون: كيف لرجل لم يدرس فى الأزهر الشريف أو الكليات الشرعية والدينية أن يفسر القرآن؟»، معتبرًا هذا «كرامة» من كرامات الشيخ.
واستكمل: «المريديون يذهبون كل جمعة إلى مزرعة الكرام لمقابلة الشيخ مختار الدسوقى وحضور درس العلم الأسبوعى الذى يلقيه فى حضور كبار العلماء من الأزهر الشريف».
ويحضر هذا اللقاء الآلاف من مريدى الصوفية وكبار المسئولين والشخصيات المحبة والعاشقة للشيخ، الذى «حيرت كراماته الجميع، وجعلت كثيرين يذهبون إليه للجلوس فى حضرته»، وفق «البرهامى».
وكشف عن أن المريدين يستقبلون «الدسوقى» بأنشودة «طلع البدر علينا»، لأنهم يرون فيه، الصلاح والتقوى، مضيفًا: «النبى صلى الله عليه وسلم كان تنتظره الصحابة رضوان الله عليهم بالأناشيد والقصائد الدينية، لذا هذا الأمر متعارف عليه عند أهل التصوف فى مصر وغيرها من الدول، باعتباره سنة عن النبى».
واختتم: «الشيخ مختار الدسوقى يتمتع بذكاء اقتصادى شديد، إذ دشن العديد من المشروعات خلال فترة قصيرة، نجحت نجاحًا كبيرًا، ما جعل المريدين يفتخرون بشيخهم».