رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحكومة.. ويمين الحكومة!


سأفرح، مثلك، لو تم خفض عدد الوزارات في الحكومة الجديدة إلى ٢٤ بدلًا من ٣٣ وزارة حاليًا بدمج عدة وزارات أو إلغاء أخرى. كما سأفرح جدًا لو كان الإعلام بين الـ٢٤ حقيبة وزارية، أي لو عاد وزير الإعلام الغائب منذ ١٧ يونيو ٢٠١٤. ولو لم يحدث ذلك، أي حال عدم حدوث الخفض أو الدمج أو الإلغاء، فـ«مفيش مشكلة»، ولن نلوم الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المكلف، الذي من المفترض أن يكون قد استقر على الأسماء النهائية في قائمة التشكيل الوزاري، سواء الجدد أو الباقون من حكومة المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء السابق.

أيضًا، سأفرح مثلك، لو رأيت مجلس النواب يرفض التشكيل أو لم يمنح الثقة للحكومة. ولا تعتقد أنني ممن يكرهون الخير أو يقولون «هيييييييه» وقت انقطاع النور، لأن الفرح سببه شكلي وليس موضوعيًا، وهدفه هو رؤية مجلس النواب يمارس الصلاحيات، التي كفلتها له المادة ١٤٦ من الدستور، التي لم يحدث أن رأينا برلمانًا قام بتطبيقها، ولا نعتقد أن ذلك سيحدث في القريب العاجل أو على الأقل هذه المرة، بعد أن وصلتنا معلومات تؤكد أن الأسماء التي تضمنتها القائمة شبه النهائية، تم التشاور عليها بين رئيس الحكومة المكلف ورئيس البرلمان ورئيس ائتلاف دعم مصر، صاحب الأغلبية البرلمانية.

لا يوجد في الدستور ما يمنع إعادة وزارة الإعلام أو الإرشاد القومي أو استحداث وزارات أخرى. كما أن عدد الوزراء غير ملزم. إذ اكتفت المادة ١٦٣ بتعريف الحكومة بأنها «الهيئة التنفيذية والإدارية العليا للدولة، وتتكون من رئيس مجلس الوزراء، ونوابه، والوزراء، ونوابهم. ويتولى رئيس مجلس الوزراء رئاسة الحكومة، ويشرف على أعمالها، ويوجهها في أداء اختصاصاتها»، ومعنى ذلك أن عدد وزارات الحكومة قد يكون ١٣ أو ٢٣ أو ٣٣ أو ٣١٣، وبما أن القارئ كيّسٌ فطن، وليس كيس قطن، سيتذكر أن الرقم الأخير هو رقم ملف رأفت الهجان، الذي لن يرضيه أبدًا ذلك الجدل العقيم (أو العبيط) الذي ثار حول أداء الحكومة الجديدة اليمين الدستورية، بعد ظهور نواب (أو نوائب) طالبوا الحكومة بأن تؤديها أمام البرلمان قبل أدائها أمام الرئيس.

الحقيقة هي أن من تجادلوا وأخذوا وردوا، لو كانوا يعرفون القراءة والكتابة لعادوا إلى المادة ١٦٥ من الدستور، ولوجدوا أو اكتشفوا أنها اشترطت فقط أن يؤدي رئيس مجلس الوزراء، وأعضاء الحكومة أمام رئيس الجمهورية، قبل مباشرة مهام مناصبهم، اليمين الآتية «أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصًا على النظام الجمهوري، وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه».

قد لا تجد مشكلة في أن يحلف الوزراء اليمين أمام الرئيس وأمام مجلس النواب وأمام المواطنين في أي ميدان أو حتى أمام جمهور المسرح القومي. وعلى بساطة الموضوع ظاهريًا إلا أنه ليس بسيطًا على الإطلاق، ولو لم يكن لديك وقت، سألخص لك الموضوع في أن الحكومة يتم تشكيلها بالكامل، ويوافق عليها الرئيس، ثم تؤدي اليمين الدستورية أمامه. أما البرلمان فله أن يوافق أو لا يوافق حين تعرض الحكومة الجديدة برنامجها خلال عشرين يومًا من تاريخ تشكيلها إلى مجلس النواب، أو في أول اجتماع له إذا كان غير قائم. ولو كان لديك وقت وخُلق يمكنك أن تتسلى قليلًا بقراءة لائحة مجلس النواب، وبالتقليب في صفحات الدستور، دستور ٢٠١٤، وليس الجريدة التي في يديك.

لو فعلت، ستجد أن دور البرلمان، كما أشرنا، يأتي بعد تشكيل الحكومة وحلفها اليمين. وطبقًا للمادة ١٢٦ من لائحة مجلس النواب، فإن بيان رئيس مجلس الوزراء المكلف عن برنامج الحكومة، «يحال هذا البيان إلى لجنة خاصة برئاسة أحد وكيلي المجلس، يُراعى فيها تمثيلُ المعارضة والمستقلين، وذلك لدراسة البرنامج وإعداد تقرير عنه خلال عشرة أيام، ويعرض التقرير على المجلس في أول جلسة تالية لانتهاء هذه المدة. ويجب أن يصدر قرار المجلس في شأن حصول الحكومة على ثقة أغلبية أعضاء المجلس خلال الأيام العشرة التالية لعرض التقرير عليه، وفي جميع الأحوال يجب ألا تزيد المدة على ثلاثين يومًا من تاريخ تقديم الحكومة برنامجَها».

تستمر المادة ١٢٦ من لائحة البرلمان لتجيب عن السؤال الذي أراه على طرف لسانك: ماذا لو لم تحصل الحكومة على ثقة المجلس؟

الإجابة هي أن الحكومة ستكون في حكم المستقيلة، ويكلف رئيس الجمهورية من يرشحه الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد المجلس بتشكيل الحكومة، ويتبع في شأن ذلك الإجراءات المنصوص عليها في الفقرات السابقة، ويكون لرئيس الجمهورية، بالتشاور مع رئيس مجلس الوزراء، اختيار وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل. فإذا لم تحصل الحكومة للمرة الثانية على ثقة أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يومًا على الأكثر، اتُبِعت الإجراءات المنصوص عليها في المادة ١٤٦ من الدستور.

كاتب لائحة البرلمان ربما ضاق صدره وانقبض، وربما تجنبًا للفأل السيئ عجز لسانه عن ذكر الإجراءات المنصوص عليها في المادة ١٤٦ من الدستور، التي تبدأ بحل مجلس النواب: «عُد المجلس منحلًا ويدعو رئيس الجمهورية لانتخاب مجلس نواب جديد خلال ستين يومًا من تاريخ صدور قرار الحل. وفي جميع الأحوال يجب ألا يزيد مجموع مدد الاختيار المنصوص عليها في هذه المادة على ستين يومًا. وفي حالة حل مجلس النواب، يعرض رئيس مجلس الوزراء تشكيل حكومته، وبرنامجها على مجلس النواب الجديد في أول اجتماع له. في حال اختيار الحكومة من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، يكون لرئيس الجمهورية، بالتشاور مع رئيس مجلس الوزراء، اختيار وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل».

..ولا يبقى غير أن نقول لوزير بعينه، سيحمل صفة سابق بعد ساعات أو أيام، إن رئيس مجلس الوزراء وأعضاء الحكومة يخضعون للقواعد العامة المنظمة لإجراءات التحقيق والمحاكمة، في حالة ارتكابهم جرائم أثناء ممارسة مهام وظائفهم أو بسببها، ولا يحول تركهم مناصبهم دون إقامة الدعوى عليهم أو الاستمرار فيها.