رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في ذكراه الـ12.. ما لا تعرفه عن الأب متى المسكين

جريدة الدستور

احتفل رهبان دير أبو مقار، برئاسة الأنبا أبيفانيوس أسقف ورئيس دير الأنبا مقار، بوادي النطرون، محافظة البحيرة، صباح اليوم الجمعة، بإحياء الذكرى السنوية الإثنى عشر، لرحيل الأب متى المسكين، في كنيسة أنبا مقار الأثرية، فى التاسعة صباحًا وحتى الحادية عشر، بمشاركة رهبان وأحباء الأب متى المسكين.

الأب متى المسكين، الراهب الذى أحبه الجميع بالرغم من اختلافه فكريًا مع أكبر قيادات الكنسية، والذى كان له فكره المنفرد فى الكتابة والحياة، وشخصيته القوية الذى جعلته يقف بقراراته بصرامة ويحارب عنها بعزيمة أمام كبار قيادات الكنيسة، ومنهم البابا الراحل كيرلس السادس والبابا الراحل شنودة الثالث، وبالرغم من ذلك قيل عنه إنه أحد رموز وكنوز الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

ويعد الأب متى المسكين من أكثر رهبان الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الذى أحدث جدلًا في الشارع القبطي بسبب حرصه على خلق منهج خاص برهبان دير الأنبا مقار، وأسلوب كتابته الذى اعترض معها قيادات الكنيسة فكريًا، بالإضافة إلى تمسكه ببعض الأفكار وتنفيذها بالرغم من الاعتراض، مما أدى إلى حرمانه من الرهبنة لمدة 9 سنوات بقرار المجمع المقدس.

وكان قد ولد الأب متى المسكين "يوسف إسكندر يوسف" يوم 20 سبتمبر عام 1919 في أسرة كبيرة عددًا، فقيرة معيشةً، التحق بمدرس شبين الكوم الثانوية 1935، ثم تخرج من كلية الصيدلة عام 1944، وبعد تخرجه تعيَّن بالتكليف العسكري في المستشفيات الحكومية، ثم بعدها انخرط في العمل الحر، فقام بإدارة أجزخانة في الإسكندرية، ثم فتح أجزخانة في دمنهور، ونجح في عمله حتى 1948.

وانطلق إلى دير الأنبا صموئيل بصحراء القلمون في مايو 1948، واختاره لكونه الأفقر والأبعد عن العُمران، وقضى في الدير ثلاثة سنوات، حيث ترهّب فيه على يد القمص مينا الصموئيلي رئيس الدير.

نزل بعد ذلك إلى دير السريان للعلاج إثر مرض أصاب عينيه في مارس 1951، فرسمه أنبا ثاؤفيلس قسًا رغمًا عنه باسم "القس متى المسكين": "بسبب وجود راهب آخر في الدير باسم متى - فاختار اسم القديس متى المسكين من القرن الثامن".

وخرج للتوحد في مغارة تبعد عن الدير 40 دقيقة مشيًا على الأقدام، وتقابل مع الأب المتوحد عبد المسيح الحبشي، وقضى في فترة التوحد ثلاثة سنوات، وفى عام 1954، دُعِيَ للذهاب إلى الإسكندرية ليخدم بعد انتدابه لدرجة إيغومانوس "قمص" كوكيل للبطريركية للبطريرك الأنبا يوساب الثاني، فرفض مرتين وقبل في الثالثة، وفي الإسكندرية قام بتنظيم الخدمة وضبط المالية وطرق إجراء الخدمات الطقسية.

ولكن رفض البعض أسلوبه وقراراته، فحاول ترك الخدمة مرتين، ثم تمت إقالته وإعفاءه من الوكالة بواسطة البابا يوساب الثاني عام 1955، فعاد إلى المغارة بوادي النطرون وتكاثر حوله بعض الرهبان، ثم بعد ذلك عاد معهم إلى دير الأنبا صموئيل وظلوا هناك ثلاثة سنوات.

وفي عام 1957 رشح للبطريركية ضمن مجموعة من الرهبان، ولم يتم ذلك بسبب لائحة 1957، وفي عام 1958 أنشأ القمص متى بيتًا للمكرسين من الشباب المتبتل الذين يرغبون في الخدمة- دون الرهبنة- وكان مقره المؤقت في حدائق القبة، ثم انتقل في أوائل عام 1959 إلى حلوان، زتوجه أبونا متى من دير الأنبا صموئيل في 27 يناير 1960 مع 12 راهبًا إلى بيت التكريس في حلوان، وأقاموا فيه بصورة مؤقتة لحين صدور توجيهات البابا كيرلس السادس لاختيار الدير الذي يناسبهم.

ولكن صدر قرار بطردهم من القاهرة "حيث عزله البابا كيرلس السادس من الرهبنة والكهنوت لمدة 9 سنوات"، فتوجهوا إلى صحراء وادي الريان وحفروا مغائر عاشوا بها لمدة تسع سنوات، وكان بعض المعارف يرسلون لهم طعامًا كل شهرين على قوافل جِمال، وفي تلك الفترة أعلن الأنبا ثاؤفيلس أسقف دير السريان في جريدة الأهرام تجريد هؤلاء الرهبان من رتبهم وأسمائهم الرهبانية.

وبعد ستة سنوات، أرسل البابا كيرلس السادس خطابًا له يطلب منه إرسال ثلاثة رهبان لدير الأنبا صموئيل، فتم ذلك، وبعد ثلاثة سنوات أخرى طلب البابا كيرلس لقاء مع القمص متى عام 1969 لإجراء المصالحة وإعادته للرهبنة، يوم 9 مايو 1969، وتم إلحاقهم بدير القديس أنبا مقار، وذلك في حضور الأنبا ميخائيل مطران أسيوط ورئيس الدير.

وبدأ الراهب متى في مسئولية إعادة إعمار الدير وإعادة تخطيطه، وإدارة شئون الدير والرهبان والعمال والزراعة والإنتاج الحيواني في سنة 1971، ورشح مرة أخرى للبطريركية ضمن 9 من الآباء، ولكن ذلك لم يتم.

ورحل عن العالم الأب متى المسكين يوم الخميس الموافق 8 يونيو 2006 عن عمر يناهز 87 عامًا، ودفن في مغارة في صخرة ضمن الأسوار المحيطة بأرض الدير، كان قد اختار مكانها قبل نياحته بثلاث سنوات، حيث نشر رهبان الدير في بعض الجرائد أنه ترك وصية بأن لا تصلي عليه أية قيادات كنسية، إنما يصلي عليه رهبان الدير فقط.

وكان الدير بهذه المناسبة قد رفع كل كتب الأب متى والتي تصل إلى نحو 200 كتابًا بصيغه البي دي إف لتكون متاحة القراءة المجانية.