رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد عام من الأزمة القطرية.. قمة كامب ديفيد فرصة لتقارب وجهات النظر

كامب ديفيد
كامب ديفيد

في مثل هذا اليوم من العام الماضي، 5 يونيو 2017، استيقظ العالم على بيان مشترك من دول السعودية والإمارات والبحرين ومصر، وهي الدول التي عرفت بـ"الرباعي العربي" أو الدول المكافحة للإرهاب، معلنة قطع العلاقات مع قطر، ومنح مواطنيها 14 ساعة لمغادرة البلاد، فضلًا عن إغلاق المجال الجوي أمام الطائرات القطرية، فيما امتنعت دولتين أخريين من دول مجلس التعاون الخليجي الست عن اتباع النهج نفسه، وهما عمان والكويت التي عرضت وساطتها في تلك الأزمة.

من جانبه، قال مصدر دبلوماسي عربي رفيع المستوى، إن الزيارة الأخيرة التي أجراها أمير قطر تميم بن حمد، مؤخرًا، إلى الكويت، لم تحمل جديدًا بشأن الأزمة القطرية، مؤكدًا أن الكويت لم تحمل مبادرة جديدة لتقريب وجهات النظر بين طرفي الأزمة، وأن الزيارة هي زيارة سنوية لدول الخليج، إلا أنها بالطبع لم تشمل الدول الأخرى من مجلس التعاون الخليجي، مشددًا على أن الدول الأربعة لن تتنازل عن مطالبها الـ13 من الدوحة.

من جانبه، قال الدكتور عاطف عبد الجواد، أستاذ العلوم السياسية بواشنطن، إن القمة الخليجية الأمريكية المقرر عقدها سبتمبر المقبل في كامب ديفيد، تعد الأمل الوحيد لحل تلك الأزمة، لافتًا إلى أن القمة المرتقبة كان من المقرر عقدها في شهر مايو، ولكنها تأجلت إلى شهر سبتمبر لغياب أي تقدم في المفاوضات التمهيدية بين طرفي النزاع قبل تلك القمة التي تشكل الآن بصيص الأمل الوحيد لتسوية الأزمة، لافتًا إلى أن وشنطن تأمل، في هذه القمة، في أن تسهم المفاوضات بين زعماء المنطقة والرئيس الأمريكي أو وزير خارجيته، في التوصل إلى حلول وسط تحفظ ماء وجه كافة الأطراف.

وأوضح أنه ليس هناك ما يضمن نجاح قمة كامب ديفيد المرتقبة، إلا أن وجود الزعماء في قاعة واحدة، وجهًا لوجه، مع وجود الرئيس الأمريكي أيضًا قد يسهم في انتزاع تنازلات أكبر من جانب قطر، وإلى قبول حلول وسط تقبل بها دول الطرف الآخر، حيث سيعتمد الأمريكيون في محاولة إقناع الطرفين بالجدل القائل بأن دول الخليج نفسها هي المتضررة، في ظل استفادة إيران من هذا النزاع.

وتابع عبد الجواد، في تصريحات لـ "الدستور"، أنه "على الرغم من أن وشنطن أدانت قطر بدعم الإرهاب، فإنها اليوم ترى أن الخلاف بين الدول الأربع من ناحية وقطر من ناحية أخرى، له أضرار على مصالح المنطقة والمصالح الأمريكية، لأنه يفسح المجال أمام استمرار النشاط الإيراني في المنطقة والذي تصفه الحكومة الأمريكية بالمزعزع للاستقرار".

وأشار أستاذ العلوم السياسية بواشنطن، إلى أن للولايات المتحدة مصالح عامة لدي كل من الطرفين، حيث تربطها مصالح أمنية واقتصادية واستراتيجية مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، كما أن البحرين تستضيف الأسطول الخامس الأمريكي، وفِي الدوحة تستخدم الولايات المتحدة القاعدة العديد في عمليتها الجوية في الشرق الأوسط وأفغانستان.

وحول الموقف الأمريكي من الأزمة، أكد الدكتور عاطف عبدالجواد أنه، خلال الأشهر الماضية ومنذ بدأت الأزمة مع قطر، توصلت وشنطن إلى مجموعة من الاتفاقات مع الدوحة لمنع تمويل ودعم الجماعات الإرهابية ومراقبة السلوك القطري، إلا أن دول الرباعي العربي ترى أن هذا لا يكفي وتطالب قطر بطرد زعماء وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين من أراضيها، وبإغلاق قناة الجزيرة ضمن مطالب أخرى، فيما تدعو واشنطن منذ البداية إلى مفاوضات لتسوية الأزمة ودعم المبادرة الكويتية التي لم تكلل بالنجاح.

الدبلوماسية هي الحل
في السياق ذاته، قال السفير رخا حسن، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية إن الجمود الذي يصيب الأزمة القطرية نتيجة لغياب العمل الدبلوماسي، ما أدى إلى فشل الوساطة الكويتية والمساعي الدولية في اختراق هذا الجمود.

وأشار حسن، في تصريحات لـ"الدستور"، إلى أن الأزمة القطرية أصابت مجلس التعاون الخليجي بحالة من الشلل، ما أثر على علاقات المجلس بالأطراف الدولية التي تربطه به العديد من الاتفاقيات، لافتًا إلى أن مساعي دول الرباعي العربي كانت تتجه منذ البداية نحو إبعاد قطر عن إيران، إلا أن ما حدث هو الدفع بالدوحة تجاه طهران بشكل أكبر.

وحول مدى استجابة الموقف القطري للمطالب العربية، قال السفير رخا حسن: "لم يحدث تغير من الجانب القطري بشأن تمويل الجماعات الإرهابية، إلا أن ما حدث هو التطورات الميدانية في مواقع الصراعات، وما تضمنته من مناطق لتخفيف التصعيد، وهزيمة داعش والنصرة في عدة مواقع، وهو ما أدى إلى تراجع الدول الممولة للعناصر الإرهابية عن موقفها الداعم لها.

ولفت عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، إلى أنه ليس بالضرورة أن تتوصل قمة كامب ديفيد، إن عقدت، لإنهاء تلك الأزمة، لافتًا إلى أنها قد لا تعقد إذا لم تزل أسباب تأجيلها.

توسع دول الرباعي العربي لتشمل دولا أخرى
من جانبه، علق السفير سيد أبو زيد مساعد وزير الخارجية سابقًا، على دعوات لتوسيع نطاق الدول المحاربة للإرهاب لتشمل دولاَ أخرى بالإضافة للدول الأربعة، حيث أكد أنه قد تنضم عدد من الدول العربية لدول الرباعي العربي في الجزء الخاص بالإعلام فقط، موضحًا أن من أهم الاتهامات الموجهة لقطر هو الاستخدام السيئ لقناة الجزيرة، عن طريق إثارة القلاقل ونشر الأكاذيب واختلاق الأزمات، فضلًا عن صلتها بالعناصر الإرهابية التي تنشر لقاءات تلفزيونية مع أفرادها بشكل مستمر.

ولفت إلى أن هناك عدة دول تضررت بالفعل من ممارسات قناة الجزيرة القطرية، وفي مقدمتها الجزائر، فضلًا عن أن الدور المعادي الذي تقوم به القناة واضح للجميع، مستبعدًا أن تسلك الدول الخليجية الأخرى (الكويت وسلطنة عمان) هذا الاتجاه، حيث تبنت تلك الدول دور الوساطة والحيادية منذ بداية الأزمة القطرية.

وأشار السفير سيد أبو زيد إلى أن الدول الأربعة مصرة على موقفها بشأن المطالب الـ 13 التي قدمتها للدوحة في أعقاب قطع العلاقات، مشيرًا إلى أن تلك المطالب قد تراها دول أخرى خارج نطاق تلبيتها.

وحول مدى فعالية الإجراءات التي اتخذتها دول الرباعي العربي بعد ما يقر من العام على الأزمة التي وقعت في يونيو من العام الماضي، أكد أبوزيد أنه بالفعل أثرت تلك الآليات على الجانب القطري بشكل كبير، على عكس الادعاءات القطرية التي تقول بغير ذلك، لافتًا إلى أن هناك ازدواجية في الموقف القطري، فمن ناحية تدعي عدم تأثرها، ومن ناحية أخرى تجري اتصالاتها دول العالم لتنتقد ما تسميه بالحصار، مستبعدا أن يكون هناك بوادر لأي حلول في المستقبل القريب.

هوس تعاقدات عسكرية تعكس المخاوف القطرية
منذ بداية الأزمة القطرية، أبرمت الدوحة عددا من التعاقدات العسكرية، فيما أكد مراقبون ارتباط ذلك الاتجاه بالأزمة الحالية مع دول الرباعي وتصاعد المخاوف القطرية في أعقاب تلك الأزمة، حيث أعلنت، خلال العام الماضي، عن عقود عسكرية تبلغ قيمتها حوالي 25 مليار دولار (20 مليار يورو)، كان من بينها شراء طائرات F - 15 من الولايات المتحدة بعد أسبوعين فقط من بدء الأزمة، كما وقعت قطر، في ديسمبر الماضي، اتفاقية حول طائرات الرافال الفرنسية خلال زيارة قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الدوحة، فضلًا عن سعيها لامتلاك منظومة الدفاع الجوي S- 400 الصاروخية الروسية، والتعاقد على شراء 7 سفن إيطالية بحرية بمليارات الدولارات.