رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أوراق الخرباوى.. الإخوان يعبدون المرشد من دون الله

جريدة الدستور

- الإخوان كانوا ينادون عمر التلمسانى بـ«الأستاذ» والهضيبى بـ«المستشار» وبديع «فضيلة الدكتور المرشد»

فى الثقافة المصرية يُطلق الناس على الشخص الذى ليست له مكانة اجتماعية أو علمية لقب «الحاج»، وبهذا اللقب الدينى يصبح هذا الشخص ذا مكانة، فصاحب المقهى أو الحرفة أصبح «الحاج» بعد أن كان فى أزمنة سابقة «المِعَلِّم» وصاحب الشهادة المتوسطة أصبح «الحاج» بعد أن كان «الأفندى» وسيدة المجتمع سواء من الطبقة المتميزة أو الطبقة المتوسطة كانت «الهانم»، وبعد أن تآكلت الطبقة المتوسطة أصبحت سيداتها اللائى بلا عمل أو شهادة علمية «الحاجة»، أما الأستاذ والدكتور والمهندس والمستشار فظل كل واحد منهم يحتفظ بلقبه العلمى، بل إن الواحد منهم قد يستنكر أن يناديه أحدُهم بلقب «الحاج» ونفس الأمر انطبق على الأزهريين إذ ظل الواحد منهم يعتز بلقب «الشيخ» أو «الدكتور» ويستنكر أن يناديه أحد بـ«الحاج».

على نفس المنوال كان الأمر فى الإخوان، فعمر التلمسانى المرشد الثالث ظل يُنادى اسمه مسبوقا بـ«الأستاذ» والمرشد الثانى حسن الهضيبى ظل يُنادى بـ«المستشار» وخيرت الشاطر هو الباشمهندس، ولكن حسن مالك هو «الحاج» ومحمد بديع هو «فضيلة الدكتور المرشد» ومحمد حبيب هو الدكتور وكذلك باقى الدكاترة، والقرضاوى هو فضيلة الشيخ، وعبدالرحمن البر كذلك، ومعهما باقى الأشياخ، أما مصطفى مشهور وحامد أبوالنصر فلم يعرف لهما أحد شهادة علمية أو مكانة اجتماعية فكانا لقبهما «الحاج»، وكان عدد الحجاج من قيادات الإخوان كبيرًا، فسعد لاشين مثلًا كان «الحاج»، لأنه صاحب شهادة متوسطة ولكن محمد هلال كان «الأستاذ» لأنه ليسانس حقوق، وأسعد زهران أحد القيادات التاريخية لإخوان دمياط كان نجارًا فأصبح «الحاج» ولاشين أبوشنب من القيادات التاريخية للغربية وعضو مكتب الإرشاد أصبح «الحاج» ومن جُملة الحجاج الذين كانوا أصحاب مكانة إخوانية كبيرة كان أحمد حسنين الذى لم يحصل حتى على الابتدائية، وحسن جودة عضو مكتب إرشاد ومسئول إخوان بنى سويف، وجودة شعبان أحد قيادات النظام الخاص الذى كان مجرد عامل صباغة بسيط، وحسنى عبدالباقى عضو مكتب إرشاد الإخوان وكان مزارعًا، وعبدالرازق هويدى والد الكاتب فهمى هويدى وأحد رفقاء حسن البنا كان حاجبًا بمحكمة الصف، كلهم كانوا حُجاجًا، وهكذا دواليك، وأذكر أن الحاج الأكبر كان «مصطفى مشهور» فإذا استدعى مشهور أخًا من الأخوة ليقابله كان مسئول هذا الأخ يكتفى بأن يقول له: عمك الحاج عاوزك، اذهب له غدًا فى التوقيت كذا.. ليعرف الأخ أن الحاج الذى يريده هو مصطفى مشهور دون غيره من الحجاج.
والآن أصبحت فى معية واحد من الحجاج هو «الحاج سعد لاشين» وبمجرد أن قلت للحاج، ونحن على مائدة طعام أن زوج خالتى هو الأستاذ إبراهيم حلمى حتى صرخ قائلًا: مين؟! إبراهيم حلمى؟! تعجبت من انفعاله اللحظى، ثم قال: آآآآآه.. وكأنما كان يسترجع ذكرياته، ثم أكمل: فعلًا، إزاى ما أخذتش بالى ده الأستاذ إبراهيم عديل الباشمهندس عبدالباسط، يا محاسن الصدف.. ثم توقف وقال كلمة ما زالت عالقة فى ذاكرتى: على فكرة خطأ أن نقول صدفة، إنما كل شىء بقدر، وهذه هى أقدار الله، شاء الله أن ألتقى بك فى الإسكندرية، وشاء أن نتعارف فيكون والدك من معارفى، وعمك من أصدقائى، والأستاذ إبراهيم حلمى زوج خالتك من أصدقائى وجيرانى المقربين، الصدفة لا مكان لها فى حياتنا، ولكنه القدر.
سألته: وهل «أونكل» حلمى جار لك؟
قال: نعم هو يسكن بجوارى فى شارع عمر بن الخطاب بالزقازيق، بجوار المعهد التجارى، فى منطقة المساكن، وخالتك دولت هانم صديقة لزوجتى الحاجة، فقلت له مبتسمًا فى حياء: سمعت الأستاذ محمد هلال، ونحن على الشاطئ يتوعدك بالحاجة بطاطا.
قال ضاحكًا: نعم فشهرة زوجتى هى «الحاجة بطاطا» يعنى قول لخالتك إن إنت قابلت زوج بطاطا، وهى تعرفها جيدًا، وطبعًا الأستاذ إبراهيم يعرفنى جدًا. ثم سادت لحظة صمت بيننا ثم قال: هل تعرف لماذا لم يوفق الأستاذ إبراهيم فى انتخابات مجلس الشعب فى العام الماضى؟
قلت: كان المنافسون أقوياء.
قال: لأ مش كده، إحنا وقفنا مع الحاج عبدالغنى محمود شقيق الشيخ عبدالحليم محمود شيخ الأزهر، ورفضنا أن نقف مع زوج خالتك لأسباب.
قلت: وما هى؟
قال: طلبنا من الأستاذ إبراهيم حلمى أن يتبرع بمبلغ عشرة آلاف جنيه لمصاريف الحملة الانتخابية المجمعة للإخوان ولكنه رفض وقال إنه يكفيه أن ينفق على حملته الانتخابية، ثم بينى وبينك بعض الأخوة كان فى نفوسهم شىء منه، لأنه كان يتعامل معهم بتعالٍ.
سألته: وهل أونكل حلمى إخوان؟!
قال: لا ولكنه قريب منا جدًا، ولكن الطامة الكبرى هى أنه رفض طلبًا مهمًا للأستاذ المرشد، مصيبة يا ثروت أن يرفض شخص مهما كان قدره طلبًا لفضيلة المرشد.
قلت فى نفسى: عجبًا ما هذا الطلب الذى يترتب عليه إسقاط شخص فى الانتخابات؟!