رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد الشاهد: تعرضت للخطف من «داعش».. والأفراح الشعبية وصّلتني لـAFP (المصوّراتي - 11)

محمد الشاهد
محمد الشاهد

داخل مكتبه على نيل القاهرة فى مقر وكالة الأنباء الفرنسية بالجيزة، بدأ محمد الشاهد حديثه بالعودة إلى الوراء حين كان والد أحد أصدقائه يمتلك استوديو تصوير، فتحدث إليه وأخبره برغبته الشديدة فى تعلم هذه المهنة، ليأتيه الرد سريعًا: «لسّه بدرى عليك.. لازم الأول تتعلم تبقى مساعد مصوّر».

أخذ محمد الشاهد، 28 عامًا، مصوّر الـ«AFP» بنصيحة الرجل، ليعمل فى البداية مساعدًا لمصوّر فى أحد الأفراح الشعبية: «كنت بلم السلك من ورا المصوّر، وسعيد بالبداية دى أوى».

دخل «الشاهد» كلية الحقوق جامعة المنوفية، ولم تكن الدراسة فى مجال آخر عائقًا أمامه، بل استمر فى تصوير الأفراح، وفى السنة الأولى له بالجامعة تعرف على صديق يعمل فى جريدة «الرسالة الجديدة»، طلب منه الانضمام إلى فريقها، فوافق «الشاهد» على الفور، وعمل مصورًا صحفيًا، وكان أول راتب تقاضاه 100 جنيه.

وفى الرسالة الجديدة عمل لمدة 4 سنوات تعلّم فيها الكثير من أساسيات التصوير الصحفى على يد أستاذه صلاح الرشيدي الذي كان يأتى من القاهرة لعقد جلسات فى تعلم التصوير الصحفى بمقر الجريدة الإقليمية.

وفى 2011، تغيّرت حياة «الشاهد» الصحفية رأسًا على عقب، بعدما انتقل لجريدة التحرير، واستمر فيها لمدة سنة ونصف السنة، ثم انتقل لجريدة «الصباح»، ومنها إلى «الوادى»، ليشغل بعدها منصب نائب رئيس قسم التصوير فى جريدة «البديل».

شارك «الشاهد» فى تصوير أحداث ثورة 2011، وتعرّض للكثير من الإصابات، لكنّها لم تكن عائقًا أمامه، بل دفعته لتحقيق حلمه بأن يكون مصورًا حربيًا خلف خطوط العدو، وعلى التماس مع الأحداث.

وفى 2013، بدأ مشوار الحلم الذى انتظره حينما التقط أول صورة فى اشتباكات بين الأمن والطلاب أمام منزل رئيس الوزراء، ليتلقى مكالمة من أحد أصدقائه يطلب منه إرسال نسخة من أعماله لوكالة الأنباء الفرنسية فى القاهرة، وبالفعل تواصل معهم، وطلبوا منه العمل بالقطعة.

كما تعرض المصور الصحفى لإصابات بالغة الخطورة عندما سافر إلى بورسعيد بعد مجزرة الاستاد، لتغطية ردود فعل الأهالى أثناء محاكمة المتهمين فى المجزرة.

يدندن «الشاهد» بأغنية للكينج محمد منير، وهو يسحب أنفاس سيجارته «لو بطّلنا نحلم نموت»، مستعيدًا حلمه الذى تحقق بالالتحاق بالعمل فى وكالة أجنبية: «منتصف 2013 تحقق الحلم بالعمل مصورًا صحفيًا بالوكالة الفرنسية بشكل دائم».

«لست إلاّ مثل حمامة زاجلة تنقل الرسالة إلى الوطن مرة أخرى».. يتّخذ الشاهد من جملة مصور الحروب البريطانى الشهير دون ماكولين رسالة يطويها بين ضلوعه حينما يداهمه الخطر وقت التغطية الخارجية: «فى 2014 كنت أقوم بتغطية الضربة الإسرائيلية على غزة مع سيناء، فتعرضت للخطف من تنظيم داعش الإرهابى، لكن الحمد لله لم يلحق بى أذى، وفى 2017 كان لشهر رمضان طعم آخر ممزوج بسعادة حلم يتحقق حينما وضعت قدمىّ على الأراضى العراقية، لأقوم بتغطية عملية تحرير الموصل شمال البلاد».

«إنت دلوقتى هتبقى من أصغر مصوّرى الحروب فى العالم» جملة يتذكّر وقعها «الشاهد» على نفسه قالها له صحفى كبير متخصص فى تغطية الحروب والنزاعات الإقليمية، موضحًا: «هذه الكلمة ستكون خالدة لأرويها لأحفادى فى المستقبل، وكانت خير ختام لليوم الأول، وأفضل بداية لليوم التالى، وفى صباح اليوم التالى ذهبت لجبهة القتال ولم يكن الأمر سهلًا كما توقعت، كنت أشعر أننى بداخل لعبة قتالية (أصوات طائرات لم تتوقف، أطفال يقتلون، نساء تستغيث، عائلات تُشرّد، ودماء على الطريق)، حاولت أن أساعدهم وأقوم بعملى، لتصل صورتهم للعالم».

يحكى «الشاهد» عن أصعب أيام حياته: «صباح اليوم الثالث ذهبنا إلى الخط الأوّل فى القتال، وتم حصارنا فى إحدى مدارس المدينة القديمة بالموصل من قبل قوات داعش، لكن بعد ساعات تم إنقاذنا عن طريق قوات مكافحة الإرهاب العراقية، بالتعاون مع سلاح الطيران، فلم تكن تغطيتى لمعركة تحرير الموصل مجرد عمل، لكنه درس تعلمت منه أن الصورة الصحفية وحدها تستغيث وتستنكر وتطالب بالحقوق المهدرة لهذا الشعب الأبى».

وعن اللقطات التى سجّلها أصغر مصوّر للحروب قال: «خلال معركة الموصل التقطت صورًا لمسجد النورى، وهو المسجد الذى ألقى فيه أبوبكر البغدادى أول خطبة له، وعقب تفجيره من قبل التنظيم الإرهابى كنت على بعد 50 مترًا من مرمى نيران داعش أرصد وأسجل بكاميرتى ما ارتكبوه فى المسجد العتيق من خلال إطلاق صواريخ هاون بالقرب منا، وكنت أوّل مصور صحفى يلتقط ويوثق هذا الحدث».