رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قارئ الرؤساء.. أحمد نعينع: عبدالوهاب طلب منى تسجيل القرآن لـ«صوت الفن»

أحمد نعينع للدستور
أحمد نعينع للدستور

- السادات كان ابن بلد و«سميع» ومواظب على الصلاة.. واعتكفنا سويًا فى رمضان
- «قائد الحرب والسلام» كان محبًا لسورة طه وآيات قصة سيدنا موسى
- التلاوة لم تؤثر على دراستى وممارستى الطب


قال القارئ الشيخ أحمد نعينع إن علاقته بالقرآن الكريم، وتأثره بمدرسة الشيخ مصطفى إسماعيل فى القراءة، فتحا له أبواب الشهرة، بعدما نجح صوته فى إثارة اهتمام الرئيس الراحل محمد أنور السادات، الذى كان محبا لـ«إسماعيل» بشكل خاص، وافتقده بعد وفاته.
وكشف «نعينع»، فى حواره مع «الدستور»، أن «السادات» كان يصطحبه معه فى معظم رحلاته، ويعتكف معه فى العشر الأواخر من رمضان، بصحبة وزير الإسكان الأسبق حسب الله الكفراوى، والكاتب الصحفى أنيس منصور.
وذكر قارئ الملوك والرؤساء أن الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب، كان أول من طلب منه تسجيل القرآن بصوته، لشركة «صوت الفن»، بعدما استمع إليه فى إحدى قراءاته بمسجد «أبوالعباس المرسى»، لافتًا إلى أنه كان يلتقيه كل خميس فى منزله بالزمالك، لمدة ١٠ سنوات، حتى وفاته فى ١٩٩١، لقراءة القرآن.

■ متى بدأت رحلتك مع القرآن الكريم؟
- أنا من مواليد مدينة مطوبس، بمحافظة كفر الشيخ، ورحلتى مع القرآن بدأت منذ الطفولة، ففى سن ٣ سنوات وقبل دخولى المدرسة الابتدائية، كانت لدى موهبة تقليد الأصوات، وكنت أقلد الطيور والحيوانات.
وقتها كان يوجد فى قريتنا قارئ اسمه الشيخ أمين الهلالى، كنت أحبه وتأثرت به كثيرا، ومع حبى وتعلقى بالقرآن، التحقت بكُتاب قريتى قبل دخول المدرسة، وتعلمت على يد الشيخ أحمد الشوا، فهو من حفظنى القرآن الكريم وأنا فى سن الثامنة، وبعدها تعلمت أحكام التجويد، حتى إننى كنت أقرأ فى مساجد بلدتى بين الأذان والإقامة، وفى صلاة الجمعة، وفى المدرسة وفى المناسبات المختلفة، وأنا مازلت فى المرحلة الثانوية.
■ كيف بدأت شهرتك كقارئ للقرآن؟
- بعدما التحقت بكلية الطب جامعة الإسكندرية، بدأت شهرتى بين زملائى، الذين علموا بصوتى الجميل فى تجويد القرآن الكريم، وبدأت أتعرف على أساتذتى بالكلية، ومنهم أستاذى الكبير ومعلمى الدكتور السيد درويش، عميد كلية الطب وقتها، وبدأ يدعونى للقراءة فى المناسبات المختلفة التى تقيمها الكلية، كما أنه كان حينها رئيسًا لجمعية «الشباب المسلمين» فى الإسكندرية، وكان يدعونى أسبوعيا، وكل يوم خميس، للقراءة فى افتتاح الندوة، التى كان يحضرها كبار العلماء، من أمثال الشيخ عبدالحليم محمود، وغيره من أهل العلم.
وبعد ذلك وصلت شهرتى إلى الإسكندرية، وبدأت أقرأ فى أكبر مساجدها فى الاحتفالات المختلفة، مثل مسجد سيدى أبوالعباس المرسى، وسيدى بشر، وسيدى جابر، والعريش، والإمام البوصيرى، وغيرها، وتعرفت فى هذا الوقت على الشيخ أحمد زين العابدين السماك، وأصبحت قارئا لمسجد سيدى على السماك، بمنطقة غيط العنب، لمدة ١٠ سنوات.
■ كيف تأثرت بمدرسة القارئ الشيخ مصطفى إسماعيل؟
- تعرفت على الشيخ مصطفى إسماعيل فى الإسكندرية فى منطقة اللبان، بعدما قدمنى له الموسيقار أحمد خليل، بقوله: «الولد ده بيقلدك بالظبط، فاستمع إليه»، وبالفعل قرأت أمامه، وأعجب بصوتى، وأصبحت مقربًا منه منذ عام ١٩٧٠، إلى أن توفاه الله عام ١٩٧٨، وكان بمثابة «أبويا الروحى» ونعم المعلم، وأتذكر أنه نصحنى بعدم تقليد أى من المشايخ، وطالبنى بأن أستقل بصوتى بعيدا عن الجميع، وهو ما عملت به.
لذا تعلمت منه الكثير، ومازلت أحبه وأراه دائما فى رؤياى، وأشعر أنه صاحب فضل علىّ، فذات مرة رأيته فى المنام، وكنت حينها فى لندن، وقلت له: «إنت واحشنى وصوتك واحشنى، اقرأ لى آية»، فرفض، ووضع يده على كتفى، وقال لى: «لا.. اقرأ أنت».
■ ألم تشعر أنك قيدت نفسك بهذه المدرسة فى القراءة؟
- الفنان الكبير محمد عبدالوهاب قال لى ذات مرة: «قمة التقليد هى بداية الإضافة»، وأخبرنى أننى حين أقرأ أضيف الكثير من عندى، فنحن عندما قرأنا لأسلافنا، كتبنا غير ما قرأناه، وحين استمعنا لهم، قرأنا غير ما سمعناه.
■ كيف بدأت علاقتك بـ«عبدالوهاب»؟
- بدأت علاقتى به فى ١٩٨١، بالتحديد ليلة ٢٦ يوليو، وكنت وقتها أقرأ قرآن الفجر فى مسجد سيدى أبوالعباس المرسى، وكانت الإذاعة تنقل صلاة الفجر، فسمعنى «عبدالوهاب»، وطلب من مجدى العمروسى، شريكه فى شركة «صوت الفن» أن يبحث عنى، فجاءنى مهندس من شركته، وقال لى: «عبدالوهاب يبحث عنك»، فقابلته، وطلب منى تسجيل القرآن لشركته.
وقتها، سجلت للشركة ٣٠ ساعة من قراءة القرآن مجودا، وصارت بيننا صداقة، وكنا نلتقى كل يوم خميس فى التاسعة مساء فى منزله بالزمالك، لمدة تزيد على ١٠ سنوات، ومعنا مجدى العمروسى، وكنت أجلس عنده على كنبة، سبق أن جلس عليها الشيخ محمد رفعت، لقراءة القرآن، واستمرت صداقتنا حتى وفاته عام ١٩٩١، وكان يتابعنى فى الإذاعة، ويقول: «إنت ليك طعم وتناول وإحساس مختلف».
■ كيف التحقت بالإذاعة المصرية؟
- فى عام ١٩٧٩ تقدمت للقراءة بالإذاعة، واختبرنى الشيخ مرسى علم، ونجحت فى أول اختبار، وكان أعضاء اللجنة من الأزهر، من بينهم الشيخ خليل حبة، ومن الموسيقيين كان هناك محمود كامل، والملحن أحمد صدقى، وبعدها سجلت المصحف المرتل لمدة ٣١ ساعة، وأهديته كاملًا للإذاعة، كما سجلت المصحف المجود فى ٨٠ ساعة وأهديته لهم أيضا، ومازالت تسجيلاتى تذاع حتى الآن.
■ تذكر دائما علاقتك بالرئيس السادات.. فكيف بدأت هذه العلاقة؟
- سمعنى الرئيس الراحل أنور السادات أكثر من مرة، حين كنت مجندا فى البحرية آنذاك، برتبة ملازم أول، وكنت قارئا للقوات البحرية، وفى إحدى المناسبات حضر السادات إلى رصيف ٩، وافتتحت الحفل بالقرآن الكريم، فصافحنى بعدها وعبر عن إعجابه بصوتى، نظرا لأنه كان من محبى الشيخ مصطفى إسماعيل، لذا أعجبته قراءتى وأشاد بى، فى حضور كبار رجال الدولة.
ولما توفى الدكتور محمود صلاح الدين، مؤسس طب الإسكندرية، عام ١٩٧٨، أقامت الجامعة له حفل تأبين، فقرأت فى هذا الحفل، بحضور الدكتور حمدى السيد، نقيب الأطباء وقتها، الذى طلب منى الحضور للقراءة فى افتتاح عيد الطبيب، الذى سيقام بنقابة الأطباء بالقاهرة.
فعلت ذلك، وكان السادات حاضرا، وبعد انتهائى، كان الرئيس الراحل معجبا بى، وسلم على بحرارة وحضننى، وقال لى عن الآيات، التى كنت أقرأها: «كأنى أسمعها لأول مرة، وكأن القرآن كان مجسدا أمامى». واستبشر خيرا بهذه الآيات، خاصة أن هذا كان قبل معاهدة «كامب ديفيد»، وبعدها اختارنى السادات طبيبا خاصا، للعمل بالسكرتارية الخاصة برئاسة الجمهورية، وتوطدت علاقتى به أكثر، وكنت أسافر معه فى رحلاته.
وهذا الوجود إلى جوار الرئيس السادات، فتح لى باب الشهرة، فى فترة قليلة، خاصة أنه كان «راجل سميع»، وكان يحب قراءة الشيخ مصطفى إسماعيل جدًا، لذا أصبحت أنا قارئه المفضل بعد وفاة الشيخ، حتى إنه ذات مرة كان يستمع لى، بحضور المهندس عثمان أحمد عثمان، وقال له: «مصطفى إسماعيل قد بعثه الله، وهو يقرأ أمامنا الآن».
■ كيف رأيت السادات فى هذه الفترة؟
- بعد ضمى إلى السكرتارية الخاصة به، كنت أقرأ فى كل المناسبات التى يحضرها، وفى كل المساجد التى صلى فيها، وكان عادة يطلب منى قراءة آيات معينة، خاصة عندما كان يعتكف فى العشر الأواخر من رمضان فى وادى الراحة، بصحبة الكاتب أنيس منصور، والمهندس حسب الله الكفراوى، وزير الإسكان وقتها، وكنا نجلس جميعا على «الحصير».
وكان السادات يختار عادة الآيات التى تحكى قصة سيدنا موسى، وآيات من سورتى «النمل» و«طه»، وكان عطوفًا، وشديد الطيبة، وحازما فى قراراته، فصيحًا فى خطاباته، كما كان متدينًا ويواظب على الصلاة، وكان كما يقولون «ابن بلد».
■ كيف توطدت علاقتك بالرئيس مبارك بعد رحيل السادات؟
- بدأت علاقتى بالرئيس الأسبق حسنى مبارك فى نهاية عهد السادات، عندما كان نائبًا له، ولما تولى رئاسة الجمهورية توطدت العلاقة أكثر، فكنت أمارس مهنة الطب فى عملى بشركة «المقاولون العرب» صباحًا، ثم أذهب إلى الرئاسة لقراءة القرآن مساءً، إذ كنت القارئ المفضل لديه، طيلة ٣٠ عامًا، حتى رحيله عن الحكم.
■ هل مازلت تمارس مهنة الطب؟
- بالطبع، فأنا أمارس عملى كطبيب فى شركة «المقاولون العرب»، لكنى لم أفتح عيادة خاصة، وعملى بالقراءة يسير جنبا إلى جنب مع عملى بالطب، لأنى أحرص على تنظيم وقتى بينهما، حتى لا يؤثر أحدهما على الآخر.
■ هل قرأت أمام الرئيس السيسى؟
- بالفعل قرأت أمامه فى عدة مناسبات، عندما كان يشغل منصب وزير الدفاع، وفى يوم تنصيبه بشكل رسمى كرئيس قرأت أمامه مرتين فى نفس اليوم، أولاهما أثناء حلف اليمين فى المحكمة الدستورية العليا، والثانية مساء نفس اليوم، أثناء حفل تنصيبه فى القصر الرئاسى.
■ هل سعيت للقراءة أمام الرؤساء والملوك والمشاهير داخل مصر وخارجها؟
- موهبتى هى التى فرضتنى، وقدمتنى لأعلى مستوى، كما أن المولى عز وجل هو من أنعم علىّ بنعمة القبول، وكان الملوك والرؤساء - ولايزالون - يدعوننى للقراءة فى شتى أنحاء المعمورة، لا فى مصر وحدها.
■ من أشهر الحكام الذين قرأت أمامهم؟
- زرت تقريبا كل بلاد العالم، وسافرت إلى جميع الدول العربية والإسلامية فى رمضان، بالإضافة إلى الدول التى توجد بها أقليات إسلامية، لذا كونت صداقات مع عدد كبير من الزعماء والرؤساء العرب، على رأسهم الملك الحسن الثانى، ملك المغرب السابق رحمه الله، الذى كان مستمعًا جيدًا للقرآن الكريم، ودعانى أكثر من مرة للقراءة فى المغرب، وظللت أزوره بشكل منتظم لمدة ٦ سنوات، وبعدها زرت ابنه الملك محمد السادس، الذى كنت أقرأ أمامه لمدة نصف الساعة يوميًا.
كما كنت أقرأ أمام الملك حسين ملك الأردن، رحمه الله، وأخيه الأمير الحسن بن طلال، وكانا يدعياننى إلى الأردن كثيرًا، سواء فى رمضان أو غيره، كما دعانى يدعوانى حسن بلقيه، سلطان بروناى، وتلقيت دعوة خاصة من ملك ماليزيا لزيارته عام ١٩٩٥، وكذلك دعانى وزير الحج والأوقاف السعودى الأسبق، الشيخ عبدالوهاب عبدالواسع، فى الحج، وقرأت فى «منى» و«عرفات» عام ١٩٩٠، وفى مسجد «نمرة» والمدينة المنورة.