رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عندما أغلقت الخط في وجه نجيب محفوظ «1-3»


«إيه المشكلة لما أعمل حوار مع نجيب محفوظ»، سألت نفسى فشعرت برعشة مريض بالحمى..
مين؟.. نجيب محفوظ؟
نعم ليه لأ؟
وقتها كان عندى أزمة من الاقتراب من أشخاص أعجب بكتاباتهم وأعمالهم، كنت أخشى أن أصاب بصدمة، تشبه تلك الصدمة التى أصيبت بها فتاة كانت تعشق الفنان التشكيلى العالمى صلاح طاهر، وكانت تهاتفه يوميا وترد عليها زوجته وطلبت موعدا فحددت الزوجة موعدا فى الثامنة صباحا وقت استيقاظه، ووصلت قبل الموعد وجلست تسأل زوجته عن طريقته فى الكلام والمشى، فقالت لها زوجة طاهر إنه فنان مرهف الإحساس يهمس حتى لا يجرح مشاعرها، لتفاجأ الفتاة بصوت صلاح طاهر يهز الجدران وهو يسأل عن الفطار فين لتجرى الفتاة وهى تشاهده خارجا بالبيجاما.
وقتها كانت هناك مساحات أريد الاحتفاظ بها فى رأسى لأشخاص أهم من نجيب.. لكن حوار نجيب مهم فى حد ذاته لشاب تخرج قبل شهرين وقدم من الصعيد إلى القاهرة مباشرة.
قضيت الليل فى مونولوج داخلى بينى وبين نفسى وفى الصباح كنت أخدت القرار.
توجهت إلى محل البقالة صباحا، حيث التليفون « اللى ما بيفصلش»، نجيب محفوظ يستحق أن أدفع فى الدقيقتين نصف جنيه، لا يمكن أن يعامل معاملة فلان الذى هاتفته من تليفون عملة فى الشارع ولم أدفع فى مكالمته سوى عشرين قرشا..
استجمعت قواى وأنا أمسك بالسماعة، وطلبت الرقم.
رن الجرس ثلاث مرات كنت سألت نفسى فيها مليون سؤال.
هل يرد أحد العاملين فى بيته ويتحجج بأن الأستاذ نايم؟
هل ترد زوجته وتطلب منى عدم إزعاجهم؟
هل يتحجج من يرد على الهاتف ويطلب أن أتصل بالأستاذ زكى سالم - صديقى فيما بعد - ليحدد ما إذا كنت أستحق أن ألتقى الأستاذ أم لا؟
هل يرد شخص ويقول إن النمرة غلط؟
مع نهاية الجرس الثالث كان صوت أنثوى وقور يرد بهدوء: «أيوه مين؟» قدمت لها نفسى سريعا وقلت لها: «أنا عايز أعمل حوار مع الأستاذ نجيب».. خبط لزق كده حتى لا أتراجع..
بهدوء قالت لى: «لحظة يا ابنى.. يا نجيب يا نجيب تليفون».
لحظة واحدة كده.. دى تقريبا مراته.. ونجيب اللى هيرد على التليفون هو الأستاذ نجيب محفوظ.. بالبساطة دى
لحظات وكان الأستاذ يتحدث بصوت عالى فى التليفون «الوووووو..».
شعرت أن صوتى اختفى أنا بكلم نجيب محفوظ.
أحاول جاهدا أن أقول آلو.
صوتى لا يخرج أصلا لدرجة أننى لم أسمع نفسى فكيف يسمعنى الأستاذ نجيب وهو فى ظروفه الصحية؟!
الوووووووووووو
مرة تانية يتحدث الأستاذ.
لم أدرِ بنفسى إلا وأنا أغلق الخط.
ما الذى حدث؟.. لا أعرف.
نظرت إلى البقال وأنا شارد فسألنى خير؟.. هززت رأسى قائلا: لا مافيش هعمل مكالمة تانية.
نكمل غدًا