رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يسري أبو القاسم يكتب: 30 صحابيا أنصفهم التاريخ.. أم عبد الله "المهاجرة"

يسري أبو القاسم
يسري أبو القاسم

الأب: الحديث عن فطنة أم معبد وفراستها عاد بى إلى الوراء وذكرنى بالصحابية الجليلة أم عبد الله
الأم: من هي أم عبد الله؟
الأب: هي ليلى بنت أبى حثمة، وهي واحدة من النسوة الأربع اللاتى هاجرن إلى الحبشة مع
زوجها عامر بن ربيعة.
نور: ماهى قصتها؟
الأب: حين اشتد تعذيب المشركين للمسلمين، أمر النبى _صلى الله عليه وسلم_ من آمنوا
بالهجرة إلى الحبشة؟
يارا: عفوا ساقاطعك يا ابى لماذا الحبشة بالتحديد؟
الأب: هو سؤال مهم يايارا. اختار النبى الحبشة دون غيرها لأسباب عدة، أولها عدل النجاشى
لذا قال النيى لأصحابه: اذهبوا إلى الحبشة فإن بها حاكم عادل لا يظلم عنده أحدا.
ثانيا. كان أهل الحبشة من المسيحيين، وهم أهل كتاب وأقرب للمسلمين من كفار قريش
وإن كانوا أهلهم. ثالثا. ثقة النبى في النجاشى فلو أرسل النبى أصحابه إلى القبائل العربية
في المدينة أو الطائف أو الشام أو العراق أو اليمن، لأعادوهم إلى مكة توقيرا لقريش، أهل
البيت الحرام، وهذا لن تفعله الحبشة لملكها بمكة، كما أن الحبشة كانت دولة
مستقلة ولها سيادتها وقوتها.
نور: ولكنها بلاد بعيدة.
الأب: يعتقد البعض أن هذا بعد المسافة بين مكة والحبشة يعد جانبا سلبيا، ولكنه كان
عكس ذلك، فبعد المسافة كان حائلا ومانعا بين الوصول إلى المهاجرين، لذا اضطرت
قريش إلى الحيلة في إعادة المسلمين، حين أرسلت عمرو بن العاص بعد الهجرة الثانية ولم
يفلح في مهمته. رغم علاقته القويه بالنجاشى.
نور: فهمت.
يارا: وانا أيضا فهمت.
الأم ولنعود إلى أم عبد الله والهجرة الأولى.
الأب: أم عبد الله من بنى عدى، وهي قريبة سيدنا عمر رضى الله عنه، وكان وقتها كافرا،
وكما ذكرت من قبل، وهو أول من اقترح على كبراء قريش في دار الندوة، أن تعذب كل
قبيلة من يسلم من ابنائها. وبينما كانت أم عبد الله تستعد للهجرة، تدارك عمر ذلك
بفطنته وذكائة فقال لها: إلى أين يا أم عبد الله؟ فقالت بشجاعة: لقد أذيتمونا
وقهرتمونا، فلنخرجن في بلاد الله، حتى يجعل الله لنا مخرجا.
فقال عمر: _ رضى الله عنه _ انه الانطلاق يا أم عبد الله. صحبكم الله.
فاندهشت أم عبد الله من قول عمر ولينه غير المعتاد فهو لأول مرة يدعو ولا يقسو،
الأم: كما أن قول عمر " إنه الانطلاق" يعنى أنه فهم وعرف أن الدين سينطلق إلى آفاق
بعيدة. انصرف عمر بينما أم عبد الله تقلب كلامه في رأسها، ورغم أنه كان من أشد
أعداء الإسلام إلا أنها رقت له وتمنت في قلبها أن يسلم، وبفراستها وذكائها شعرت أنه
سيسلم، فلما جاء زوجها عامر بن ربيعة، قالت له في لهفة: لو رأيت عمر جاءنا
وتحدث معنا برقة، وحزن على فراقنا، فقال عامربن ربيعة مندهشا: عمر؟
فقالت: نعم، فقال: طانك تطمعين في أن يسلم! فقالت أم عبد الله: نعم يا أبا عبد
الله، فقال عامر: يا أم عبد الله لا يسلم الذي رأيت حتى يسلم حمار الخطاب
الأم: لا حول ولا قوة الا بالله.
نور: كيف يقول ذلك على سيدنا عمر إنه.
الأب: مهلا تتعجلى فالرجل صحابى جليل، ومن المسلمين الأوائل، وممن هاجروا إلى الحبشة
وماقال ذلك الا لاعتقاده في استمرار عمر على الكفر، بينما زوجته كانت أكثر منه
فراسة.
يارا: ومن الذين هاجروا إلى الحبشة في الهجرة الأولى؟
الأب: أولهم عثمان بن عفان، وزوجته السيدة رقية بنت النبى صلى الله عليه وسلم.
نور: مهلا يا والدى تقول السيدة رقية؟
الاب: نعم.
نور: وهل وافق النبى أن ترحل عنه ابنته إلى تلك البلاد البعيدة في بلاد الحبشة؟
الأب: نعم فالقائد لا بدَّ وأن يبدأ بنفسه حتى يطيعه الناس، لقد هاجرت السيدة رقية مع
زوجها عثمان ابن عفان _رضى الله عنه_ وفي الهجرة الثانية هاجر جعفر بن أبى طالب
ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم.
الأم: صلى الله عليه وسلم
يارا: ومن غير سيدنا عثمان وعامر بن ربيعة وزوجته أم عبد الله
الأب: هاجر أيضا عبد الرحمن بن عوف وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة وزوجته سهلة بنت
سهيل بن عمر.
الأم: سبحان الله الذي يهدى إلى عبادته من يشاء، أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة، أبوه وأخوه
وأعمامه ألد أعداء الإسلام، يهاجر إلى بلاد الحبشة، تاركا مال أبيه وهيبته في قريش،
مصطحبا زوجته سهله بنت سهيل بن عمرو، خطيب قريش الذي كان يحرض على
النبى ولكن من الله عليه بالاسلام، بعد فتح مكة. وهو كما تذكرون من تعاهد مع النبى
نيابة عن قريش في صلح الحديبية
نور ويارا: نعم نتذكر ذلك.
الأب: وهاجر معهم كل من عبد الله بن مسعود، ومصعب بن عمير، وأبو سلمة وزوجته أم
سلمة، وسهل بن بيضاء، وحاطب بن عمرو، وأبو سبره بن رهم، وعثمان بن مظعون،
الذي جعله النبى قائدا لهم
نور: وكيف استقبلهم النجاشى
الأب: استقبله النجاشى استقبالا طيبا، فالنبى الكريم صلى الله عليه وسلم، لا ينطق عن
الهوى فقوله في النجاشى إنه ملك لا يظلم عنده أحد، كان على بينه من الله عز وجل
الأم: رحم الله أم عبد الله التي ذكرتنا بالهجرة الأولى للحبشة تلك المرأة الطيبة الصالحة
التقية النقية الطاهرة
الأب: آمين يارب العالمين

من كتاب "30 صحابيا أنصفهم التاريخ".