رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أوراق الخرباوى.. التحرش الجنسى «حلال» عند قيادات ‏‏«الإخوان»‏

 الخرباوى
الخرباوى

لم أكن أعرف أننى فريسة وقعت فى شباك الصياد، وأظن أننى لم أعرف ذلك إلا بعد سنين طويلة، فتلك الفريسة السهلة كانت على استعداد أن تقع فى المصيدة، ولا تتعجب من ‏ذلك فقد زينوا المصيدة بشعارات الدين وادعاءات التدين الصحيح وامتلاك الحقيقة والفرقة الناجية وما إلى ذلك، وبعد هذا العمر أيقنت أن الصياد الذى أوقعنى فى شباك تلك ‏الجماعة كان هو الآخر فى يوم من الأيام فريسة وقعت بمحض إرادتها فى شبكة صياد أشد فتكا.

كانت الخلافة آنذاك هى أول خيوط المصيدة، وامتدت هذه الخيوط لتشبك غزلها مع قضية فلسطين، ثم الحاكمية، ثم الإسلام المضطهد الذى يجب أن يعود لسابق قوته ولن يعود إلا بجيش الإسلام وهلم ‏جرا، لذلك فإننى وأصدقك القول فى هذا أشفق على أول من وضع لى قدما فى شبكة الإخوان، فقد تملكت منه تلك القيود الصدئة التى قاموا بطلائها بلون أصفر، فظن أنها الذهب الخالص، وانشغل بهذا ‏الاصفرار الزائف ولم يهتم بالقيود، فقد ظنها حبائل الأخوة لا قيود العبودية والاستعباد، وللأسف لم تكن هذه العبودية لله رب العالمين، ولكنها كانت للمرشد والجماعة!.‏
حينما التقيت القياديين الإخوانيين الحاج سعد لاشين والأستاذ محمد هلال، المحامى، على شاطئ العجمى تواعدنا على أن نلتقى فى اليوم التالى على نفس الشاطئ، وكم كنت سعيدا أن التقيت برجلٍ يعرف ‏أبى ويتحدث عنه بتقدير وإكبار، وكانت سعادتى بالغة عندما عرفت منه أنه كان صديقا لعمى، وأظن أن الصياد الإخوانى عندما يجلس إلى فريسته فإنه يبحث دائما عن مدخل يُمَكنه منه، وكانت مداخلى ‏كثيرة، منها عاطفتى الدينية، ومنها رغبتى فى معرفة كل شىء، ومنها احترامى الكبير لمن هم أكبر منى سنا خاصة من هم فى عُمر والدى، ومنها شخصيتى التى جُبِلَت منذ الطفولة الباكرة على طاعة ‏الأساتذة وأولياء أمرى فأصبحتُ شخصية سهلة القياد، ومداخل الصيادين إلى فرائسهم كثيرة، وأذكر أن مدخلهم لصديقى مختار نوح كان متعلقا أيضا بوالده، فمن بدأ دعوة مختار للانضمام للإخوان كان ‏مدرسا اسمه عبدالمتعال الجابرى، وكان هذا الرجل من القيادات التاريخية المقربة من المرشد عمر التلمسانى، وعندما قال الشيخ عبدالمتعال لمختار إنه كان صديقا لوالده انتهى الأمر بانضمام مختار للجماعة ‏بسلاسة!.‏
وفى اليوم التالى كان أصدقاء رحلتى للإسكندرية وعلى رأسهم صديقى عز عبدالخالق لا يرغبون فى الذهاب إلى شاطئ العجمى ثانية، إلا أننى صممت وألزمتهم بتكرار الذهاب، والتقيت هناك الرجلين، ‏وفى جلستنا أخبرنى الحاج سعد بأنه حصل على دبلوم الزراعة المتوسطة وأنه كان مدرسا رفقة عمى الأستاذ عبدالبصير الخرباوى أشهر مدرسى مركز بلبيس، الذى تخرَّج على يديه أجيال كثيرة، فى ‏مدرسة الشهيد هاشم الرفاعى بأنشاص، ثم فى مدرسة سامى فتحى ببلبيس، وأنه -أى سعد لاشين- سعى للنقل إلى وزارة الزراعة، وأنه مدين لأبى لأنه هو الذى ساعده على ذلك إذ كان أبى مهندسا فى ‏الإصلاح الزراعى بأنشاص، وسألنى سعد لاشين عن عمى عبدالبصير وأين هو الآن؟، فأخبرته بأنه يعمل الآن فى أبوظبى وأننا انتقلنا من أنشاص للقاهرة، لأن أبى أصبح يعمل فى ديوان الهيئة العامة ‏للإصلاح الزراعى، وظللنا نتحدث عن الأسرة والأقارب والأهل، وحينما اشترك الأستاذ محمد هلال فى الحوار أخذ يثير حديثا شبابيا، فقال لى ضاحكا عندما مرت فتاة ترتدى المايوه البكينى: عينك يا ثروت ‏بتبحلق فى البت كده ليه؟، فأقسمت له بعد أن أصبح وجهى فى حمرة شمس الغروب: لا والله يا عمى مش ببص خالص، فتدخل الأستاذ سعد لاشين، قائلا: سيبك منه يا ثروت دا هوَ اللى عمال يبص للرايحة ‏والجاية، فيرد عليه محمد هلال: أنا برضك يا سعد، دانت كنت هتاكل من البت حتة، والله لأقول للحاجة بطاطا، وأخذا يضحكان وأنا فى حيرة من تبسطهما معى فى الحديث. وعندما أزف الرحيل قال لى ‏سعد لاشين: طب اتفضل إنت لكنى سأعطيك عنوان جماعة الإخوان فى القاهرة، وفى أول ثلاثاء ستكون فيه فى القاهرة، بعد صلاة الظهر، تعال وقل لمن يقابلك إنك تريد مقابلة عمك سعد لاشين، وكان أن ‏بدأت رحلتى مع الغيوم.‏