رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الكنافة البلدى".. أحد أهم مظاهر الاحتفال برمضان فى الغربية

صوره من الحدث
صوره من الحدث

تعد الكنافة البلدي أحد أشهر طقوس وعادات شهر رمضان الكريم بمحافظة الغربية خاصة، وفى جميع أنحاء مصر بصفة عامة، ورغم تراجع أعداد صانعيها أمام صانعى الكنافة الآلية، لكنها المُفضلة لدى العديد من ربات البيوت في صنع العديد من الأصناف والأشكال، وكذلك هى أحد الأشياء التى تُرجع الجميع إلى عادات زمن بعيد وأناس رحلوا عنا.

وتظل الكنافة بصفة عامة والبلدية منها على وجه الخصوص من علامات البهجة في شهر رمضان، والتي يُقبل عليها المواطنون رغم ارتفاع الأسعار عامًا بعد عام، ومع كثرة الأعباء المنزلية والمصروفات، فلا يخلو منزل منها خلال شهر رمضان.

والكنافة البلدى لها قوام مميز، تفضلها ربات المنازل، وتكون صحية أكثر، خاصة وأنها تتكون من دقيق ومياه، وخميرة، لا تدخل فيها مواد أخرى صناعية كـ"البيكنج باودر"، الذى تحتاجه الكنافة الآلية، لذلك لها زبون مخصوص يقبل عليها وعلى شرائها، ويتحمل الوقوف فى الزحام لشرائها، حيث أنها تأخذ وقتًا فى العجن، والصنع، والتسوية، وهى ليست كالكنافة الآلية، التى تتم فى أسرع وقت، ولا تأخذ وقتا على الصاج أكثر من دقيقة واحدة، ويكون قوامها ضعيفا، لا تساعد ربة المنزل فى صنع صينية مميزة من الكنافة، كما أنها تدخل البهجة على نفوس الناس.

"الدستور" تواجدت فى أسواق وشوارع محافظة الغربية، تبحث عن هذه الصناعة التى يخشى الجميع من أن تندثر، حبًا وعشقًا فى وجود هذا الشكل والرمز الرمضانى فى شوارع المحافظة، وحاورنا العديد من صانعى الكنافة اليدوية أو البلدية الذين أكدوا جميعًا أنهم يحافظون على استمرار صناعتها عشقا لمهنة آبائهم وأجدادهم، وقالوا إنهم تعلموا "رش الكنافة" منذ نعومة أظافرهم، وكذلك بناء هذه الأفران وصيانتها، وفى كل عام يحاولون أن يبدعوا فى تصميم الأشكال وإضافة الألوان إلا أن الشكل الإسطوانى للفرن شئ أساسي لا يمكن الغنى عنه إلا فى أحد أضلاعه بالكثير.

يقول أحمد غريب: "دي مهنة ورثتها من أبويا وجدي، بقالى 50 سنة بشتغل فيها وهي مصدر رزقي الوحيد، وكمان عيالي وبناتى بيشتغلوا معايا"، مشيرا إلى أنه أقدم بائع كنافة بلدى بالمحافظة، فعمره الآن 60 عامًا، وتوارث المهنة أبًا عن جد، وعلمها لأبنائه ليساعدوه حاليًا.

وأضاف عم غريب، كما يلقبه زبائنه، إن الكنافة البلدي لها زبائنها المداومين على شرائها، لكن شهر رمضان يكون مختلفًا عن أي شهر آخر حيث يتطلب جهدًا أكبر، لكثافة الإقبال على الشراء، وأن أصحاب المزاج فى أكل الحلويات لا تروق لهم إلا الكنافة البلدية، ومهما حاولوا هجرة الكنافة البلدى يعودون فورًا عند كل تجربة للكنافة الآلى.

وأشار صانع الكنافة البلدى إلى أن مهنة الكنافة البلدي بسيطة جدًّا، يقوم بلف "الكوز" على الصينية، وصنع حلقات ودوائر منتظمة، من أجل عمل كربال، وهو الذي يتحول من اللون الأبيض الفاتح إلى الذهبي الفاتح، عند نضج الكنافة، مؤكدًا على تميز الكنافة البلدي بأنها مرنة، ولا تشرب الزيوت مقارنة بالكنافة الآلي، التي احتلت أسواق مصر بصفة عامة والغربية بصفة خاصة، مؤكدًا أن زبائنه من كافة أنحاء المحافظة ومن خارجها أيضًا.

وأشار إلى أن ارتفاع أسعار الكنافة ووصول الكيلو إلى 13 جنيها، رغم أنه كان بـ 8 فى العام الماضى، سببها ارتفاع أسعار الغاز والدقيق والمستلزمات الأخرى، لافتًا إلى أنه بالرغم من ارتفاع الأسعار إلا أن الكثير من المواطنين المسلمين والأقباط يُقبلون على شرائها خاصة في شهر رمضان.

مع ساعات الفجر الأولى وبداية صيام يوم جديد حافل بالعمل، يقوم محمد فودة (33 سنة) ببدء يومه الشاق، الذى يبدأ بعجن عجينة الكنافة اليدوية والتى تتطلب مواصفات خاصة، غير مواصفات الكنافة الآلية، ويقول "كل سنة أفتح فى نفس المكان بمدينة زفتى".

وتابع أنه يحصل على رخصة من مجلس المدينة، لعمل الفرن بالشارع، بمواصفات صحية وآمنة، لبدء بيع الكنافة البلدى فى شهر رمضان، والتى تعد من أهم مظاهر الاحتفال بشهر رمضان، وهو الشهر الوحيد من العام الذى أعمل فيه بهذه المهنة.

ويضيف فودة أن الإقبال هذا العام ليس بالشكل المطلوب والناس لا تستطيع أن تشترى كميات كبيرة من الكنافة، فالموضوع ليس سعر كيلو الكنافة فقط، هناك احتياجات أخرى، مثل السكر، الكريمة، المكسرات، الغاز للتسوية، فصينية الكنافة ممكن أن تصل لتكلفة 40 جنيها مثلًا على الأقل، وهناك احتياجات أخرى تكون أهم ولكن الناس يريدون أن يفرحوا بالكنافة، والاحتفال باعتباره مظهرا من أهم مظاهر الاحتفال برمضان، ومن المأكولات التى تدخل البهجة على نفوس الناس، فيحرصون على الشراء ولو مرات بسيطة.

وتقول علا محمد، موظفة بالشباب والرياضة، 34 سنة: "اشتريت الكنافة أكثر من مرة هذا العام، وهذه هى رابع مرة أشترى فيها منذ بداية شهر رمضان، يعنى صنعت لأهل بيتى كنافة هذا العام كل ثلاث أو أربع ايام، وسنكررها هذا الأسبوع، ولكنى أقوم بعمل صينية صغيرة على أن يحصل كل فرد على نصيبه، لأن الأسعار مرتفعة جدًا"، مضيفة أن أفضل احتفال برمضان بعد الصلاة بالمسجد هو الكنافة، والقطايف والحلويات التى يقبل عليها الجميع، وتتجمع الأسرة حولها فى المنزل.

وتقول الزهراء محمد، ربة منزل، من مدينة طنطا: "أسرتى مكونة من 5 أفراد، أشترى الكنافة، ومعها أشترى كيلو سكر، وفول سوداني وجوز هند وقرفة، واحتياجات أخرى مُكلفة، ولكن فى رمضان عمل الكنافة شئ أساسي، فأولادى يصرون عليها ويقولون بدون كنافة لم نشاهد رمضان، وإن كنت أفضل شراء الكنافة الجاهزة بالقطعة للأولاد، خاصة وأن الأسعار مرتفعة هذا العام عن العام الماضى وتقترب من الضعف، ولكن لابد من عمل الكنافة لأولادى، وأٌقدمها أيضًا لأى ضيف يأتى لنا وأحرص عند عمل الكنافة المنزلية أن تتذوقها جارتى المسيحية لأنها بتشعرنا برمضان".