رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى ذكراه.. "معسكر الكلاب" مسلسل "سرور" الممنوع من الإذاعة

جريدة الدستور

لنجيب سرور الكثير من الأعمال الممنوعة من العرض، سواء كانت مجموعات شعرية أو أعمالا مسرحية، لكونه شاعرًا يساريًا متعدد المواهب غزير الإنتاج، وإن كانت يومياته هي أشهر ما منع له، فهناك أيضًا المسلسل الإذاعي "معسكر الكلاب"، والذي كتبه نجيب سرور عن رواية لسوريال عبدالملك تحمل نفس الاسم، وانتهى من كتابتها عام 1974، وإلى الآن لم تجد طريقها إلى آذان المستمعين.

البداية، حسب مقال نشره الروائي سوريال عبد الملك بمجلة "البيان الكويتية"، كانت قبل حرب أكتوبر بأيام قليلة، وكان قد انتهى من روايته "معسكر الكلاب"، مشيرًا إلى أنه بعد توقف الحرب بأيام، وبينما كان يحمل نسخًا من الرواية خارجا من مكتب الآلة الكاتبة، إذا به يلتقي بنجيب سرور، يسير في شوارع وسط البلد في خطوات ثقيلة عليلة، فأخذه معه في التاكسي حتى وصلا إلى كازينو على شاطئ النيل.

ويوضح عبد الملك أنه عندما جلسا انتبه سرور إلى ما معه، فسأله ما هذا؟ ليجيبه بدوره: "رواية"، وبعد أن سأله "سرور" عن مؤلفها وعرف أنه "عبد الملك"، لوى عنقه وصفق تصفيقات بطيئة عاتية التشنج، ثم قال: "ورحمة أمى "روحية" ما إنتو نافعين! لسه بتكتبوا روايات؟!".

وتابع سوريال: "وقبل أن ننهض من جلستنا وقعت عيناه على عنوان الرواية، ففوجئت به يحمل نسخة منها، ويعود بها إلى الفندق الذي كان يقيم فيه بشارع طلعت حرب، ومر أسبوع حتى التقينا بالصدفة فى ذلك المقهى الشهير الذي كان نجيب سرور يرتاده ويلعنه، وفوجئت به منزويًا بأوراقه بعيدا عن أبواق الثرثرة، ومنهمكًا في كتابة الحلقة الإذاعية العاشرة من "معسكر الكلاب"، وطلب مني يومها أن أعاونه بكتابة ما يمليه علي، فمرض السكر قد أنهك بصره وقواه".

ويشير سوريال إلى أن سرور انتهى من كتابة الحلقات وأغانيها بسرعة مذهلة، مؤكدًا اقتناعه بأن في داخل سرور ينابيع فنية فياضة بلا عدد، موضحًا أنهما سلما الحلقات للمخرج أمين بسيوني، "وكان وقتها مديرا لإذاعة صوت العرب"، الذي كان متحمسًا لها، واقتنع في ذلك اليوم برأي نجيب سرور فى أن يتولى محمود مرسي بطولة العمل.

ولكن المفاجأة هي ما أشار إليه الكاتب الصحفي ماجد حبته فى مقال له، أن نجيب سرور وسوريال عبدالملك فوجئا بأن جاءهما أمين بسيوني ذات يوم للاستوديو، ليؤكد أن المسلسل لن يتم تنفيذه لظروف رفض وقتها الإعلان عنها.

وعن الأسباب التي حالت دون إذاعة المسلسل يقول حبته: " الدلائل كلها تشير إلى أن السبب الرئيس في عدم تنفيذ المسلسل هو إظهاره للصهيانة على حقيقتهم، وتأكيده مدى كراهية الشعب المصرى لهم، وهو ما لم يكن ملائما للإذاعة في تلك الفترة التي كان يتم فيها التمهيد لاتفاقية كامب ديفيد".

ورغم منع المسلسل من العرض، فإن حبته يشير إلى مؤقف يؤكد مدى عشق صناعه لوطنهم، وذلك بأن حكى له الكاتب سوريال عبدالملك أن أحد أعضاء الملحقية الثقافية الليبية بالقاهرة (وكان صديقًا لنجيب سرور)، عرض عليهما أن يشتري المسلسل ليتم تنفيذه في ليبيا مقابل ستة آلاف جنيه لكل منهما، إلا أنهما اعتذرا عن عدم قبول العرض لعلمهما أن المسلسل قد يستغل سياسيًا بشكل سيئ، خاصة أن العلاقات المصرية الليبية وقتئذ كانت فى أسوأ حالاتها.

وفي مقاله، نشر سوريال بعضًا من الأشعار التي كتبها سرور للمسلسل، موضحًا أنه كان يكتب بعضها أمامه في دقائق معدودة، وجاء منها المقدمة الغنائية لكل حلقة والتي تقول:

يا ليل يا ليل يا ليل
غني يا رواي وقول
ع الناى وع الأرغول
شدة مسيرها تزول
ياما يا مصر الروس
دقت عليها طبول
عالية يا راس الشعب
مرفوعة طول عمرك
لا مستحيل ولا صعب
يقدر على صبرك
يا ليل يا عين يا ليل

وكذلك النهاية الغنائية لكل حلقة ومنها:
يا شعب يا أبو الشعوب
ياللي ترابك قلوب
حيرتني في أمرك
تصبر لحد الصبر
ما يقول يا مر المر
يا عيني على صبرك