رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أمين فهيم.. خدمة الإنسانية لا تتجزأ


وُلد أمين فهيم بالقاهرة فى ٨ أبريل ١٩٢٥، وتلقى تعليمه بالمرحلة الابتدائية إلى نهاية المرحلة الثانوية بمدرسة الآباء اليسوعيين (الجيزويت) بالقاهرة. بعد ذلك درس الحقوق فحصل على ليسانس الحقوق من المدرسة الفرنسية للقانون بالقاهرة التابعة لكلية الحقوق بجامعة باريس، معادلة الشهادة السابقة من كلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليًا). طوال فترة دراسته أتقن اللغات العربية والفرنسية والإنجليزية وبعض الإيطالية.
فى الفترة ١٩٤٦ – ١٩٥٦ عمل صحفيًا بجريدة La Bourse Egyptienne إحدى الجرائد الخمس ملك «شركة الإعلانات الشرقية»، والمسئول عن قسم مصر والشرق الأوسط. وفى الفترة ١٩٥٣-١٩٥٦ عمل رئيسًا لنقابة عمال ومستخدمى شركة الإعلانات الشرقية بعد انتقالها إلى أسرة أبوالفتوح ثم إلى أنور السادات عضو مجلس قيادة الثورة. وفى الفترة ١٩٥٦- ١٩٦٦ عمل محاميًا فى مكتب «مجدى دوس وأمين فهيم» المحاميين، وفى تلك الفترة عمل سكرتيرًا للجنة الدولية للدفاع عن «أنطوان جيزنجا» الذى خلف الرئيس «باتريس لومومبا» أول رئيس لجمهورية «كونغو كنشاسا».
فى عام ١٩٤٠ تأسست «جمعية الصعيد للتربية والتنمية» لتعمل فى منطقة الصعيد، وهى واحدة من أوائل الجمعيات التى بدأت العمل فى مصر، وقد أسسها الأب «هنرى عيروط» اليسوعى (١٩٠٧- ١٩٦٩) بغرض تنمية الريف فى صعيد مصر وتحسين أحوال الفلاح، من خلال تعريف سكان العاصمة والمدن إلى أى مدى الأحوال المعيشية والتعليمية متدنية لأهل الصعيد، وتحريكهم لدعم القرى الفقيرة والمُهمشة هناك، وإيمانًا منه بأن تحسين أحوال الفلاحين لن يتحقق إلا من خلال التعليم بوسائل وأساليب تتلاءم مع حياة الفلاح، وهذه المبادئ جميعًا تبلورت فى رسالة الدكتوراه فى «علم الاجتماع» من جامعة «ليون» الفرنسية التى قام بها الأب هنرى عيروط، والرسالة تُعد من أهم الأدبيات الاجتماعية عن تلك الفترة من تاريخ مصر.
فى عام ١٩٦٤ كان له الدور الرئيسى فى عدم حل جمعية الصعيد للتربية والتنمية. وقصة هذا الموضوع أنه فى شهر مايو ١٩٦٤ التقت الأستاذة «سيمون تاجر» بالأستاذ أمين فهيم فى مدرسة الآباء اليسوعيين بالفجالة، وكانت من أبرز المتطوعات فى جمعية الصعيد للتربية والتنمية، وأخبرته أن الأب «جلازر» مدير الجمعية أبلغها أنه دعا لجمعية عمومية غير عادية بغرض حل الجمعية!!، وسوف يجتمع مع المتطوعات من أجل أخذ تأييدهن لقرار الحل. وطلبت الأستاذة «سيمون تاجر» من الأستاذ أمين فهيم ضرورة مساعدتهم لمنع هذا الحل. انزعج الأستاذ أمين فهيم لهذا الموضوع الخطير، وطلب أن يكون عضوًا بالجمعية ليتمكن من حضور الجمعية العمومية. وفعلًا سدد اشتراك الجمعية وصار عضوًا. وفى يوم الجمعية العمومية أعلن الأب «جلازر» قرار حل الجمعية، فثار الحاضرون وطلب الأستاذ أمين فهيم الكلمة، وقال: (أقترح قبل الحل أن تُكوّن لجنة من أعضاء الجمعية الموجودين، ويكون عليها أن تزور الصعيد لترى المشكلة على الطبيعة، وتقابل السادة المطارنة الأقباط الكاثوليك الثلاثة المسئولين عن الصعيد، وتقدم اللجنة تقريرها للجمعية العمومية بعد شهر). وجد هذا الاقتراح الموافقة بالإجماع برفع الأيدى والتصفيق. فقدم الأب «جلازر» استقالته وترك الاجتماع. حدث بعد ذلك أن سافرت الأستاذة «سيمون تاجر» ومعها الأستاذ ألفونس عبدالملك-عضو مجلس الإدارة- والأستاذ أمين فهيم، والتقوا بالآباء المطارنة. وفى الموعد المقرر بعد ثلاثة أسابيع استأنفت الجمعية العمومية اجتماعها، وقد استقال رئيسها فتولى الأستاذ ألفونس عبدالملك رئاسة الجلسة وطُلب من الأستاذ أمين فهيم تقديم تقرير اللجنة، وجاء فى التقرير أن الآباء المطارنة يعتمدون على الجمعية لدفع مرتبات المدرسين ولا داعى لإلغاء المجانية من المدارس، كما أن أمين الصندوق أكد أن لدى الجمعية ما يكفى لاستمرارها لمدة عام. وبناءً عليه رفضت الجمعية بالإجماع الاقتراح بحل الجمعية، واعتبر أمين فهيم أن مهمته فد انتهت. وفى الاجتماع قام أعضاء الجمعية العمومية بانتخاب الأستاذ أمين فهيم سكرتيرًا لمجلس الإدارة وعاد الأب «هنرى عيروط» مرشدًا روحيًا للجمعية وعضوًا بمجلس الإدارة بناء على اقتراح من الأستاذ أمين فهيم. وابتداءً من عام ١٩٦٥ أصبح أمين فهيم هو المؤسس الثانى للجمعية، وأعيد انتخابه سنويًا رئيسًا لها مدة ٣٥ سنة، وكانت الجمعية تعمل فى أكثر من ٧٠ قرية بمحافظات الصعيد دون تمييز من أى نوع- إذ إن الإنسانية لا تتجزأ- من أجل ارتقاء مستوى أهاليها.

تولى العديد من المسئوليات منها: فى فبراير ١٩٦٥ كان عضو اللجنة الشرفية لمرافقة البطريرك أسطفانوس الأول سيداروس إلى الفاتيكان بمناسبة منح رتبة «الكاردينال» إلى البطريرك أسطفانوس، فى يونيو ١٩٦٧ كان عضو الوفد الرسمى المُرسل من بطريرك الأقباط الكاثوليك بتكليف من وزارة الخارجية المصرية لقداسة البابا بولس السادس حتى يتدخل لدى إسرائيل من أجل إنقاذ جنودنا بعد هزيمة النكسة، فى الفترة ١٩٨٨- ١٩٩٥ رأس المكتب الكاثوليكى الدولى للطفولة، ١٩٩٥ – ٢٠٠٠ عضو مؤسس للجمعية المصرية لتدعيم الوحدة الوطنية والمكونة من مثقفين مسلمين ومسيحيين من المجتمع المدنى.
وكان للمحارب أن يستريح من متاعبه، فغادر أرضنا بسلام فى ٣ مارس ٢٠١٨، عن ٩٣ عامًا.