رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خالد الدسوقي: سجّلت فاشية الإخوان أمام «الإرشاد» (المصوراتي - 7)

خالد الدسوقي
خالد الدسوقي

«أنا صنايعي ومحترف في الشّغلانة دي، والمصور الصّحفي شخص منتج ومبدع كل يوم، مش ياخد جايزة أو صورة ينام عليها طول السنة، لازم يكون فيه إنتاج جديد ومتميز كمان» بهذه الآلية يعمل خالد الدسوقي، مدير التصوير في الوكالة الفرنسية بالقاهرة (AFP)، والذي يذاكر حتى الآن؛ ليواصل إبداعه مع اللّقطة الصحفية، ويكون على مستوى الحدث، خاصة وأنه ممثل لأهم وكالة أجنبية في مصر.

يتذكّر «الدسوقي» ضربة البداية مع الكاميرا: «الفكرة تكوّنت في إعدادي، أبويا كان بيحب الصحافة، والمجلات مش بتقطع من البيت وفي تالتة إعدادي أهداني صديق والدي أول كاميرا وهي «بلورايد» فورية وكنت بصوّر بيها أهلي وأسرتي في المنصورة ومن هنا جاء الارتباط بالفوتغرافيا».

وبعيون تلمع ببريق الاشتياق عندما يتحدث عن «ست الحبايب» التي رحلت في 2015:«كنت مرتبط بأمي جدًا، فهي ريحانة البيت، وفاكر لمّا جابتلي أوّل كاميرا «كونيكا» وكانت باهظة جدًا من السعودية، والتي كانت تطلب منه تصوير أفراد العائلة في المناسبة، متنهدًا الدسوقي بعطر الذكريات:«إيه.. كانت أيام والله».

يضحك: «في الثانوية اكتشفت حبي للكاميرا ورغبتي في أن أكون مصور صحفي، فقدّمت بعد الثانوية على المعهد العالي للسينما، لدراسة التصوير وفشلت في ذلك ليتواصل معي الموضوع أثناء دراستي في كلية الآداب خلال الرحلات ومصايف الجامعة، كل ده كان بيدفعني أكتر للارتباط بالمهنة اللي كنت حاببها».

البداية الفعلية لـ«الدسوقي» مع مهنة البحث عن المتاعب بالصورة كانت في 1998:«رحت جريدة الجيل وأخدت صورة شهيرة للحبيب الجفري وبعدين مشيت بعد 6 شهور إلى المدينة السعودية اللي قعدت فيها سنة تعلم فيها الكثير، لتستقبلني «الجمهورية» وبرضه 6 شهور ومشيت، لأتعين في وكالة أنباء الشرق الأوسط التي كان مسئوليها معجبين بي، وفي 2000 اشتعلت مظاهرات جامعة القاهرة لتختار لي مجلة كايرو تايمز صورة من هذه الأحداث غلاف وداخلي، وتكون المكافأة 700 جنيه وهو مبلغ كبير في ذلك التوقيت.

ذاعه صيته في الأوساط الصحفية بلقطة وبدأ التعرف على صحف ومجلات أجنبية في مصر: «في هذا التوقيت تلقيت عرضًا للعمل في (AFP)، لأبدأ مع الوكالة الفرنسية، رسميًا، 2002، فحلمي كان العمل مصوّرًا في وكالة أجنبية؛ لأنها تقدّر الصورة والمصور وتساندك وتفهمك، بل وتعلمك لتكون على أتم استعداد لأي طارئ:«بس للأمانة جتلهم وأنا شاطر ومتمكّن من أدواتي»، يقولها وعينيه تضحك، مشددًا على ثقته بنفسه وليس من باب الغرور.

«أقعد مع البوّاب زي ما بقعد مع الوزير»، بهذه الروح يؤكد مدير التصوير في (AFP) على بساطته مع المحيطين به:«بحب كل الزملا واحترامهم واجب عليّا، وفلسفتي لا أنا بقارن نفسي بحد ولا بحط نفسي جنب ولا فوق حد، عايز اقضي رحلتي في سلام بإنتاج متميز يبقالي بعد كده، فالمصور المحترف بيزهد في كل شئ، أما الضعيف فـ«بيحكرش» كتير.

مهنته تصيبه بالاكتئاب جرّاء ما يشاهده وتلتقطه عدسته من أحداث:«صوّرت حادث قطار العيّاط في 2002 وقفلتني ريحة الدم، وشاركت في 25 يناير و30 يونيو وكانت تغطية متميزة ومتعبة معًا، وفي هذه الأجواء نزع عن خالد ميوله السياسية ليعمل، فقط، بتجرّد مع الأحداث التي شهدتها مصر واللقطات المميزة ليناير:«صور 25 بعتبرها ولادي، ومفيش صورة أفضل من التانية، وفي 30 يونيو عاصر مدير الوكالة الفرنسية أحداثًا ساخنة للإخوان مع المصريين: قائلًا: «صحيح أنني لم أنتخب مرسي، لكن مشاهد الدم سجّلتها بعدستي أمام مكتب الإرشاد، ما أكد أن الفاشية الدينية مرعبة، خاصة أنها تبيح القتل باسم الدين، وكنت خايف بعد الممارسات العبثية على الأرض ومقتنع وقتها أن مصر يعد لها شئ في الخفاء، لأقول:«الناس دي مش هتكمل وانتهت فعليًا، فالجماعة وقتها كانت بالفعل تتميز بالغباء السياسي.

«يا تبطّل أنت صحافة، يا أبطّل أنا تصوير»، مشهد قديم لعبدالسلام النابلسي ومحمود المليجي في يوم من عمري، يراه «الدسوقي» ظالمًا لدور المصوّر الصحفي في الدراما التلفزيونية، خاصة مع المعالجات التي تتناول المهنة بشكل مهين:«مش معقول يعني تطلّع المصوّر والصحفي بالشكل ده وعايزني أصدقك.. عيب المهنة فيه أسطوات وحريفة على مدار تاريخها».

وعدّد مدير قسم التصوير في الوكالة الفرنسية مجموعة من الأزمات يلاقيها في المهنة داخل مصر وليس لها وجود في دول العالم:«كلمة ممنوع التصوير بتعصبني، اللي هو إزاي يعني؟ أتفهم المناطق العسكرية والمهمة في البلاد، لكن أن يقابلك أمين شرطة او حتى مواطن ويقولك ممنوع التصوير هنا يا أستاذ؟!، مدللًا على ذلك بالعديد من المواقف داخل مصر، وغارقًا في نوبة ضحك عما يواجهه أثناء تغطية الأحداث: «أيام مظاهرات حركة كفاية في 2007 لموا 20 متظاهر، وأنا واقف بصوّر لقيت أمين شرطة مسكني من القميص وسحبني معاه، وفجأة طلب ضابط على الناحية التانية من الرصيف الأمين اللي جري وسابني ومركبتش البوكس، مطالبًا بضرورة احترام مهنة المصورين الصحفيين:«لا أشك لحظة أن مصور صحفي يحمل مبادئنا يتورّط في أي أعمال عنف»، في إشارة إلى المصور محمود أبو زيد المعروف بـ"شوكان"،مطالبًا بتغيير هذه الطريقة في التعامل التي تظهر مصر على أنها تناصب الصحافة والمصورين العداء.

تعلّم خالد الدسوقي في بداية مشواره مع الكاميرا أن الجوائز الصحفيّة ليست هي كل شئ للمصوّر الصحفي:«أنا بشتغل عند الجمهور وبس، وما يشغلني هو توصيل الصورة إليهم بشكل جيد، عشان كده تلاقيني مش بشترك في جوائز محلية أو دولية، وده تعلمته في الوكالة من مصوّرين أجانب لهم اسم في المهنة، فانتشار الصورة وتسليط الضوء عليها هي بمثابة الجائزة التي ينتظرها المصوّر الصحفي».

بالرغم من سنواته في مجال التصوير الصحفي وشهرته الذائعة، إلاّ أن مدير التصوير في وكالة الصحافة الفرنسية يشارك في الأحداث الكبيرة والصغيرة على حد سواء:«كل الأحداث أنا بتعلّم منها، فمثلًا زفاف الأمير هاري والممثلة الأمريكية ميجان ماركل تعلمت من بساطة الصورة الكثير التي جاءت بعيدة عن عدم التّكلف، وهو ما ساعد في انتشارها سريعًا على منصّات التواصل الاجتماعي.

وثمّن الدسوقي دور شعبة المصورين الصحفيين في خدمة زملاء المجال:«حسام دياب ومعه عمرو نبيل وضعوا أسس في الشعبة قائمة على الاحترام والتدريب وتبادل المعرفة والتعاون وده ساهم كبير في خلق حالة من الحب بين الزملاء، إضافة إلى دور الشعبة في تقديم كل جديد للمصورين الصحفيين بفضل مؤسسيها الذين سعوا لتدشينها في 2007، لتكون منفذًا ومتنفسًا لزملاء الشعبة لتأدية رسالتهم بنجاح وتميّز».

وأشاد مصور AFP بدور الوكالة الفرنسية فيما تقدمه من خدمات لأفرادها:«اتعلمت منها إزاي تكون في منطقة الأمان من خلال تتبع التعليمات وأن الممنوع ممنوع، إضافة لأمنك الشخصي ودي أهم حاجة تحرص عليها الوكالة هنا منذ الالتحاق بها وحتى الآن»، مؤكدًا أن المولى عز وجل هو أول مَن يلجأ له:«فاكر اني واجهت صعوبات في الجيش لما كنت بقعد بـ12 ساعة خدمة وكنت بقول لنفسي اجمد يا خلّود، الحياة فيها أصعب من اللي انت فيه، واتعلمت من أبويا إن الصبر بيداوي».