رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اتحاد المصارعة عاد بها إلى السيرك!


مش حالعب رياضة تاني في مصر.

بتلك النهاية غير السعيدة، انتهى مقطع الفيديو الذي يشكو فيه شاب متزن وهادئ، من استبعاده من بعثة منتخب مصر للمصارعة، المشاركة في دورة ألعاب البحر المتوسط، التي يستعد لها منذ يناير الماضي. وقال إن الاستبعاد تم لصالح شاب آخر، تربط والده علاقة صداقة بالمهندس فرج عامر، رئيس نادي سموحة، رئيس لجنة الشباب والرياضة بمجلس النواب، الشهير بـ«فرج الله».

بسم الله الرحمن الرحيم.. أنا اللاعب الأوليمبي محمود فوزي رشاد، لاعب منتخب مصر للمصارعة، حاصل على ذهبية البطولة العربية في المغرب، ذهبية الأندية العربية، ذهبية بطولة الأمم الإفريقية كذا مرة، ميدالية فضية في الدورة التأهيلية للألعاب الأوليمبية و.... و.... وبعد أن أنهى تعريف نفسه وذكر بطولاته، تحدث عن مشكلته أو مأساته، وقال إنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها استبعاده، مؤكدًا أن الشيء نفسه حدث، العام الماضي، لصالح الشخص نفسه، في بطولة العالم ٢٠١٧، وكانت النتيجة (الطبيعية) هي خروج «غير المذكور» من أول مباراة وخسارته ١٠- صفر (لعدم التكافؤ).

ظننت أن ذلك الشاب يقول «أي كلام»، فذهبت إلى الموقع الرسمي لـ«الاتحاد المصري للمصارعة»، ووجدت أنه مقيد بالاتحاد فعلًا تحت رقم ٥٩١٦ وتاريخ ٢٠ يونيو ١٩٩٢، منطقة السويس للمصارعة، نادي المؤسسة الرياضية العسكرية، ووجدت أنه بالفعل حاصل على بطولة الجمهورية للمرحلة المفتوحة مرتين في ٢٠١٦ و٢٠١٧ مع عدد من البطولات الدولية: البطولة العربية (المغرب) ٢٠١٥، وبطولة ألمانيا الجائزة الكبرى (دورتموند) ٢٠١٦، وبطولة إسبانيا الجائزة الكبرى ٢٠١٦، وبطولة الأمم الإفريقية (المغرب) ٢٠١٧ وغيرها. ومن الموقع عرفت أيضًا أن رئيس مجلس إدارة الاتحاد هو العميد عصام محمد إسماعيل النوار.. وبين بقية أعضاء مجلس الإدارة سيلفت نظرك قطعًا وجود اسم الأستاذة نرمين عبدالعظيم!.

نحن الآن في الموقع الرسمي للاتحاد، الذي توجد به لوحة شرف، من المفترض أن تضم اللاعبين، المدربين، الحكام، والإداريين، طبقًا للخانات أو الفئات الموجودة بالموقع، والتي ستجدها كلها خالية باستثناء خانة اللاعبين والحكام. بما يعني أن الاتحاد لا يعترف بأن لدينا مدربين حققوا إنجازًا، وبعدم وجود إداريين أكفاء طوال تاريخ الاتحاد، الذي يقول الموقع إنه تم تأسيسه سنة ١٩٣٣ وربما تغتاظ (أي تتغاظ) لو قرأت في الموقع أن أول نشاط دولي رسمي شاركت مصر فيه، كان سنة ١٩٢٠ بلاعب واحد في وزن الخفيف (٦٧ كجم). وتوالى بعدها التمثيل في الدورات الأوليمبية والعالمية ثم الإقليمية والقارية، بالإضافة للمباريات الثنائية الدولية. وما قد يستحق غيظك (أو قرفك) هو أن الموقع تجاهل اسم أول لاعب مثّل مصر في بطولة دولية!.

قرن تقريبًا مضى، بالضبط ٩٨ سنة على مشاركة مصر في أول نشاط دولي. ومع ذلك لا يوجد في قائمة الشرف (على موقع الاتحاد) إلا لاعبان اثنان: محمد إبراهيم عبدالفتاح الشهير بـ(بوجي)، وكرم محمد جابر. والاثنان من مواليد ١٩٧٩ ويلعبان حاليًا، طبقًا للموقع، باسم نادي اتحاد الشرطة الرياضي. الأول حاصل على برونزية بطولة العالم للشباب بالقاهرة سنة ١٩٩٨، فضية بطولة العالم للكبار بموسكو سنة ٢٠٠٢، فضية بطولة العالم للكبار بفرنسا سنة ٢٠٠٣، وذهبية أوليمبياد أثينا عام ٢٠٠٤، وكأس أحسن مصارع بالدورة. أما الثاني، كرم جابر، فحصل على فضية بطولة العالم للشباب بالقاهرة سنة ١٩٩٨، برونزية بطولة العالم للكبار بموسكو سنة ٢٠٠٢، وذهبية بطولة العالم للكبار بالصين سنة ٢٠٠٧، وكأس أحسن مصارع في البطولة.

لم يذكر الموقع أن «بوجي» غادر إلى البحرين وحصل على جنسيتها ويلعب باسمها في البطولات الدولية. كما لم يذكر أن الاتحاد المصري للمصارعة أضاع مستقبل كرم جابر بسبب أخطاء في تسجيل أماكن تواجده خلال سنة ٢٠١٥، الأمر الذي تسبب في قيام الاتحاد الدولي بإيقافه لمدة سنتين، ولم يتمكن من المشاركة في أوليمبياد ٢٠١٦، بعد رفض المحكمة الرياضية الدولية الاستئناف الذي تقدم به اللاعب لرفع العقوبة أو تخفيفها. وانتهت فترة الإيقاف في ٢٦ أغسطس الماضي، لكنه لم يسجل حتى الآن على برنامج where you، وبالتالي لم يعد مرة أخرى لممارسة المصارعة. ومع ذلك، قرأت خبرًا يقول إنه يستعد للعودة مرة أخرى إلى ساحة المصارعة، تمهيدًا للمشاركة في أوليمبياد طوكيو.

المقدمات أو السوابق تجعلنا نصدق كلام محمود فوزي، أو على الأقل نتوقف عند ما قاله في مقطع الفيديو ولا نتجاهله. وقد تتفق معي لو أضفت إلى ما سبق أو إلى «السوابق» أنه كان من المفترض أن تقام البطولة الإفريقية تحت ٢٣ سنة، خلال الفترة من ١١ وحتى ١٤ مايو الجاري بالإسكندرية، لكن الاتحاد اعتذر عن عدم تنظيمها لعدم اكتمال النصاب القانوني للدول المشاركة، والمحدد بخمس دول. وبالتالي تم رفع البطولة من الأجندة الدولية، الأمر الذي أرجعه البعض إلى إبعاد رئيس الاتحاد لأعضاء مجلس الإدارة ذوي الخبرة واعتماده على الأعضاء الذين لا يجيدون غير الموافقة على قراراته مقابل سفرهم لرئاسة البعثات، بينهم الدكتور أحمد عمارة، الذي اختاره رئيس الاتحاد لتولي رئاسة بعثة المصارعة في دورة ألعاب البحر المتوسط التي تقام يونيو المقبل في إسبانيا، وتلك هي البعثة التي لن يكون فيها اللاعب محمود فوزي رشاد، بعدما تم استبعاده- كما قال- لصالح ابن صديق المهندس فرج عامر!.

المصارعة المصرية، إذن، في أزمة والعرض مستمر. وإلى أن ينتهي العرض نشير إلى أن اللعبة بدأت في مصر، سنة ١٩٠٤، بمباريات تقام في السيرك بين لاعب محترف ومواطنين يقبلون تحدّيه، وكان الفوز عادة من نصيب المحترف. وربما لهذا السبب، قرر الأساتذة رئيس ونائب وأعضاء مجلس إدارة الاتحاد أن يرفعوا شعار: في السيرك بدأنا.. وإلى السيرك نعود!.