رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ضمير «الأخت كوثر»


تجددت فى الفترة الأخيرة، الدعاوى الخائبة للصلح مع جماعة الإخوان الإرهابية، وبمبررات ساذجة لا تقنع حتى طفلًا!.. وكان عرّاب هذه الدعوة المشبوهة، كالعادة، الدكتور «سعد الدين إبراهيم»، بكل تاريخه التطبيعى، وبعلاقاته الوطيدة التى لا ينفيها، بل يتباهى بها دائمًا، مع الطرف الصهيوـ أمريكى، وأيضًا مع الجماعات التكفيرية والظلامية.

غير أن ما أثار الشكوك وكرّس الهواجس، فى هذه الدعوات المتجددة، أنها ترددت على ألسنة، وبأقلام، عناصر أخرى، معلوم انتماءاتها ومواقفها وعلاقاتها، مثل الكاتب الصحفى «عماد أديب» وغيره!.

وبهذه المناسبة الرديئة، التى تخذل الدم الوطنى، حتى لا أقول تتنكر له، وتراهن على وَهَن إرادة الناس الرافضة للإرهاب، أنقل للقارئ الذكى ما شاهدته على «اليوتيوب»، ولفت انتباهى بقوة، من وقائع «اعترافات» صريحة، صدرت عن صحفية وإعلامية تونسية، اسمها «كوثر البشراوى»، تحدثت فيها ببلاغة ووضوح، وبساطة ومرارة، عن تجربتها مع «حركة النهضة» التونسية، التى يتزعمها «راشد الغنوشى»، وعموم جماعة الإخوان المسلمين.
الحديث ينضح بالغضب والألم، فالأخت «كوثر»، اقتربت اقترابًا حميمًا منهم، واعتبرت نفسها واحدة من غلاة المؤمنين بمبادئهم، حتى إذا ما وصلوا لمواقع السلطة، زورًا وبهتانًا، انقلبوا على الجميع وعليها!.
لقد اكتشفت، بالتجربة العملية، ما سبق أن اكتشفه المصريون، وتمردوا على نتائجه الكارثية، وتعرفت على جوهرهم وكأنها لم تعرفهم أبدًا، ولم تلتق بهم من قبل، ففاض بها الكيل، وراحت تفضح سرائرهم، وتكشف حقيقة نواياهم، وتُعَرِّى بواطنهم، من موقع المحب المفجوع، أو الصديق المخدوع. وها هنا قسم من حديثها، سجَّلتَهُ نصًا: «هؤلاء الناس يحبون ويرحبون بكل من ناصرهم وينصرهم وهم فى المعارضة. حين كانوا مقموعين رحبوا بنا، وحين جلسوا على الكرسى فلا صديق لهم، ولا صاحب، فهم لا يعترفون بالبارحة ولا ذاكرة لهم، ولا يعترفون بقريب أو بعيد!.
أنا أتساءل: هل كانوا، وهم معارضون، يقولون الصدق، أم هم الآن فى لحظة صدق، وكل ما سبق هو زيف ونصب واحتيال؟!.. هم يُحبون الأجنبى حين يناصرهم، لكنهم، فى نفس الوقت، يرونه كافرًا يستحق جز الرقبة!.
ناس لا صاحب لهم: حين أخذوا الحكم لا شريك لهم، لا يعترفون بأحد، حتى لو كان إسلاميًا آخر!.
كنا نقول إن هناك تباينًا بين الحركات الإسلامية فى الفكر، وهناك فرقًا بين النَفَس المعتدل، و«الخط الأردوغانى»، و«النهضة»، التى كانوا يقولون عنها فى الخليج أنها تمثل «العلمانية الإسلامية» فى الفكر، واليوم اكتشفت أن كل هذه الجماعات، أو معظمها، حين يلمسون الحكم هم «وهابيون»، فكرًا وسلوكًا. فى ماضيهم ومستقبلهم هم «وهابيون»!.
اكتشفت أنى ضيّعت عمرى فى غبائى، وأننى ذات صباح وجدتنى لم أعرفهم، وساعدنا فى نصرة الوهم، متصورين أننا نُرجع الحق لمظلومين، لكننا اكتشفنا أنهم لا يخافون الله، وأننا لم نعرفهم، وإذا سألتنى: مَن هم الإسلاميون؟!. أقول لك لا أعرف مَن هم!.
جريت معهم، وسهرت معهم، وصليت معهم، ولكنهم لا يعرفون أحدًا ولا يعترفون بأحد... إنهم سُرّاق: نعم سرقوا كل شىء!.
الذى يحكى بالله ومحمد لا يخاف من الله ومحمد!.. والذى يقطع رزقك وعنقك ورِجْلك فى بلدك، باسم رسول الله.. فهو نصّاب ومجرم، وإذا قدر يكذب على الله، يبقى ما يقدرش يكذب على الناس!!».
هكذا تحدثت الأخت السابقة «كوثر البشراوى»، فَعَرَّت التكوين السيكولوجى لهؤلاء المتحولين، المتلونين، القادرين على الكذب والخداع والتضليل، حتى بلوغ مآربهم، وتحقيق غرضهم، وبعدها يكون لكل مقام مقال، ولكل حدث حديث!.. فعن أى صلح، ومع مَن يدعوننا للصلح، على دم الشهداء والضحايا، ولأجل ماذا بعد أن خبرنا معدنهم، واصطلينا بنيرانهم؟!.