رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحل العربى لأزمة سوريا


كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية عن خطة تُعدها إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لإحلال قوات عسكرية عربية مكان القوات الأمريكية المنتشرة فى سوريا. وعلى ذلك قام فريق من النواب والساسة والعسكريين الأمريكيين بتحذير الرئيس ترامب من الانسحاب من سوريا، معتبرين أن الانسحاب سيكون خطأ، وقد يؤثر فى استقرار المنطقة، ويخلق فراغًا يمهد للسيطرة الإيرانية أو عودة تنظيم داعش الإرهابى فى شمال سوريا.
وعندما صرح الأمير محمد بن سلمان، فى حديثه مع مجلة «التايم» الأمريكية، بأنه يؤيد بقاء القوات الأمريكية فى المناطق السورية، جاء ذلك فى أعقاب ذلك تصريح الرئيس الأمريكى الشهير بأنه على المملكة العربية السعودية تحمل جميع تكاليف تواجد القوات الأمريكية فى سوريا.
ومما لا شك فيه أن الرئيس الأمريكى لا يريد مزيدًا من التورط فى سوريا، ويريد من الدول العربية أن تتحمل مسئولياتها فى الأزمة السورية، وكان الرئيس الأمريكى يقصد جيوش السعودية ومصر والإمارات وقطر. وهى الجيوش العربية الجاهزة لمثل هذا الأمر.
الغريب أن هناك اتفاقية للدفاع العربى المشترك وافق عليها مجلس الجامعة العربية بجلسته المنعقدة فى ١٣ أبريل ١٩٥٠. والتى وقعتها مصر والسعودية وسوريا ولبنان ثم وقعت عليها الأردن والعراق فيما بعد.
وقد فشلت فكرة العمل العسكرى المشترك فى مواجهة العدوان الإسرائيلى عام ١٩٦٧، وكانت هناك اتفاقيات بين الأردن ومصر وسوريا والعراق، ولكن أثبتت التجارب القتالية عدم جدواها.
غير أن اتفاقية الدفاع المشترك التى أبرمتها جامعة الدول العربية عام ١٩٥٠ تحطمت عندما قام صدام حسين بغزو الكويت فى ١٩٩٠ وعلى ذلك ظلت الأزمات العربية الحديثة وتداعياتها فى ليبيا وسوريا واليمن تتفاقم بسبب عدم وجود آلية عربية تمكنها من التدخل فى تلك الأزمات لحلها، مع أن الولايات المتحدة الأمريكية فعلت ذلك فى عام ١٩٩٠، إبان أزمة احتلال صدام للكويت، وقامت بتكوين ائتلاف دولى سريع ضم معظم الدول العربية.
وقد حاولت الولايات الأمريكية تكوين ائتلاف للتدخل عام ٢٠١٣ لمواجهة التدخل الإيرانى، ولكن مصر رفضت المجازفة بإرسال قوات برية لليمن. وكان من رأى مصر أن اقتراح تشكيل قوة عربية يعد من الخيال، لأن بعض الدول فى الجزيرة العربية والخليج لديها بالفعل تحالفات وقوات مشتركة تحت اسم درع الخليج، تدخلت فى البحرين عام ٢٠١٢، عندما حاولت بعض الميليشيات الإيرانية التدخل فى البحرين مع الوضع فى الاعتبار أيضًا أن جيوش سوريا والعراق واليمن وليبيا وتونس والسودان لديها اهتماماتها الداخلية التى يتعذر معها المشاركة بقوات خارج أراضيها.
وقد كانت هناك منظمات إقليمية حاولت تكوين قوات للتدخل، مثل الاتحاد الأوروبى وتجربة حلف شمال الأطلنطى، التى لم تتمكن من التدخل فى الكونغو عام ٢٠٠٨ والاتحاد الإفريقى، حددت مادة فيه بروتوكولًا لقوات التدخل السريع بين أعضائه.
وقد حاول مؤتمر قمة الدول العربية إضافة توصية مشروع قوة عربية مشتركة، فأكلها مؤتمر القمة التالى فى نواكشوط عام ٢٠١٦حين أقر بأنه على الأمين العام للجامعة العربية مواصلة التوصيات بين الأعضاء لإنشاء تلك القوات. غير أن المطلوب من تلك القوات أن تجتمع وتتكون لوقاية الدول العربية من الإرهاب الذى يهاجمها فى عقر دارها. وربما كانت الدول العربية غير مؤهلة فى الوقت الحاضر لفكرة التدخل العسكرى ضد الإرهاب لأسباب عقائدية وطائفية. وهو ما أهل سوريا لتلجأ منفردة إلى روسيا، كدولة عظمى لحمايتها من الإرهاب، بينما كانت للولايات المتحدة حساباتها الأخرى، وهو ما يحاول الآن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تطبيقه بعقيدة أمريكية غربية.