رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«قَلْبُ الْمَلِكِ فِي يَدِ الرَّبِّ».. محبة الحكام وصية إلهية

بركة البابا للسيسي
بركة البابا للسيسي

لم تكن محبة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية للحكام والرؤساء، نوع من أنواع النفاق أو الاجتهاد الذاتي، بحسب ما يُروج البعض، بل هي وصية من وصايا الله.. تلك هي إيمانيات الأقباط في مصر الذين يستندون على الوصية الكتابية الواردة في الفصل الواحد والعشرين من سفر أمثال سليمان الوارد بالكتاب المقدس والتي تنص على أن «قَلْبُ الْمَلِكِ فِي يَدِ الرَّبِّ كَجَدَاوِلِ مِيَاهٍ، حَيْثُمَا شَاءَ يُمِيلُهُ»، وتعني أن محبتهم للحكام تدفعهم لطاعتهم والصلاة من أجلهم في كافة القداسات الإلهية التي تشهدها الكنائس القبطية الأرثوذكسية بشكل يومي.

وتنقسم طرق تعبير الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في التعبير عن محبة الرؤساء، ويأتي على رأسها «قبلات الباباوات على قلوب الحكام»

وتشهد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية واقعتين، هما الأشهر في علاقة الباباوات بالحكام، فقال القمص يؤانس كمال، راعي كنيسة رؤساء الملائكة ميخائيل وغبريال بأم المصريين بالجيزة، في لقاء له عبر القناة الرسمية الناطقة باسم كاتدرائية الأقباط الأرثوذكس الكُبرى العباسية، عن العلاقة الوطيدة التي جمعت بين البابا الأسبق كيرلس السادس، والزعيم الراحل جمال عبد الناصر، إن هناك قصة نادرة لم يعرفها الكثيرون على الرغم من انها حدثت بين البابا والزعيم المعاصران.

وأوضح «كمال» أن البابا كيرلس قام بزيارة الزعيم عبد الناصر بمنزله، وكان الأخير مُصابًا بالتعب الشديد، وأحس البابا كيرلس بحالة الإعياء التي كان يمر بها «عبد الناصر»، فقام بوضع يديه على قلبه وقام بـ«دعك» تلك المنطقة بشكل خفيف، ثم قبل يده، فاستعجب «عبد الناصر» من ذلك الفعل، وسأله عن سببه، فأجاب البابا إنه فعل ذلك ليحصل على البركة، فزاد عجب «عبد الناصر» وقال له: «أتحصل على البركة مني؟»، فقال له البابا كيرلس أنه يحصل على البركة من يد الله التي تحفظ قلب الرئيس بحسب تعاليم ونصوص الإنجيل.

يشير كتاب التاريخ الكنسي المعروف بـ«السنكسار» إلى أن تلك الواقعة ليست فريدة من نوعها فقبلها بمئات السنوات، قام البابا ديمتريوس الثاني بنفس الأمر، وقال القمص أنجيلوس جرجس راعي كنيسة المغارة الشهيرة بكنيسة أبى سرجة الأثرية، إنه في عام 1863، زار السلطان عبد العزيز مصر أيام حكم الخديوِ إسماعيل الذى دعا الوزراء وأهم الشخصيات في مصر لاستقباله، وكان منهم البابا ديمتريوس الثاني، مؤكدًا انه كانت العادة في ذلك العهد أن من يدعى للمثول أمام السلطان أن يقبل يديه أو طرف ثيابه، وحين جاء دور البابا تقدم وقبل صدر السلطان، فانزعج السلطان ودهش الحاضرين. فقال البابا: «لقد قبلت يد الرب لأن في الكتاب المقدس في سفر الأمثال آية تقول: «قلب الملك في يد الرب». فابتسم السلطان وقرر منح ألف فدان للمدارس القبطية.

وأكد القمص انجيلوس، في مقال له، أن ما فعله البابا لم يكن اقتباس آية من الكتاب المقدس للخروج من مأزق تقبيل يد أو ثوب السلطان، ولكنه إيمان الأقباط العميق والحقيقي أن قلب الملك في يد الرب.

«الرئيس في القداس»
خصصت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، أحد «أوشياتها» صلواتها، للصلاة والتضرع إلى الله من أجل رئيس الجمهورية، لتحمل بذلك تلك الصلوة التي تُتلى في القداس «الكيرلسي»- الذي وضعه مارمرقس الرسول، تلميذ المسيح ومؤسس الكنيسة المصرية- اسم أوشية الرئيس.

وتبدأ تلك الصلوات بجملة يرفعها القس إلى الله قائلا أذكر يارب رئيس أرضنا عبدك، ليرد عليه الشماس موجهًا حديثه للشعب القبطي المشارك بالحضور في القداس: «أطلبوا لكي يعطينا المسيح إلهنا رحمة ورأفة أمام السلاطين الأعزاء ويعطف قلوبهم علينا بالصلاح في كل حين ويغفر لنا خطايانا»، ليعقب الشعب بصوت واحد منظم قائلين «يا رب ارحم».

ويعود القس ليرتل تلك الصلوة بصوت جهوري: «احفظه بسلام وعدل وجبروت ولتخضع له كل البربر الأمم الذين يريدون الحروب في جميع ما لنا الخصب تكلم في قلبه من أجل سلامة كنيستك الواحدة الوحيدة المقدسة الجامعة الرسولية اعطه أن يفكر بالسلام فينا وفي إسمك القدوس لكي نعيش نحن أيضًا في سيرة هادئة ساكنة ونوجد كائنين في كل تقوي وكل عفاف بك»، ليرد عليه الشعب بصوت واحد منظم قائلين «يا رب ارحم».

«بركة البابا للسيسي»
وجه البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، رسالة خاصة للرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، في مقاله من مجلة الكرازة الناطقة باسم كاتدرائية الأقباط الأرثوذكس الكبرى بالعباسية، والتي صدرت عقب أيام قليلة من إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي ترشحه للدورة الثانية له كرئيسًا لجمهورية مصر العربية.

قال البابا في رسالته:«إذ نشهد أعمال وليس أقوالك فقط، وكافة الإنجازات التي لا تخطئها عين أي إنسان منصف يرى ما تم وما سوف يتم بنعمة الله، وإن حدثت بعض المعوقات في الطريق من مشكلات أو جرائن عنف أو إرهاب أو غير ذلك، لكننا نراك تعمل ليلًا ونهارًا بكل أمانة وكلك أمل في مستقبل مشرق لكل أجيال المصريين».

نحن نعلم أن الحمل ثقيل للغاية ولكن يد الله التي ترافق طريقك سوف تعينك وتساعدك لتكون موفقًا وناجحًا في كل شئ، ونجحن إذ نُصلي في كنائسنا: «أذكر يارب عبدك رئيس أرضنا، نرجو من الله أن يبارك خطواتك وأن يعوضك بالآخير عن كل المشروعات التي تتم بتعليماتك وبالسواعد المصرية ويمنح الجميع السلام والحكمة والمحبة لله وللوطن والانسان».

كما أثنى البابا تواضروس على دور الرئيس عبد الفتاح السيسي في بناء كاتدرائية ميلاد المسيح الكبرى بالعاصمة الإدارية الجديدة، موضحًا أنه كان أول من تقدم للتبرع ماديًا لصندوق الدعم الذي تم الاعلان عنه لبناء الكنيسة.

و قال البابا تواضروس الثاني، إن الرئيس، دائمًا يقول: «أنا رئيس مصري لكل المصريين»، كما أنَّه يؤكد باستمرار أنَّه مصري أولًا وأخيرًا، وهناك مقولة شهيرة له ومعبرة «طول ما احنا واحد هنقدر نهزم الإرهاب».