رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«القراطيين».. قرية يبحث أهلها عن رغيف عيش

صوره من الحدث
صوره من الحدث

في السابعة صباحًا تبدأ سيدة في العقد الثالث من عمرها، يومها بتقديم العلف للحيوانات، ثم تجهز وجبة الإفطار لأبنائها الثلاث، وتتوجه بعد ذلك مع ابنتيها إلي الشط الأخر من الجزيرة التي تعيش فيها -جزيرة القرطيين- بقارب صغير فوق مسطح مائي يفصل الجزيرة عن كافة دروب الحياة، وتقطع مسافة أخري بين ممرات الأراضي الزراعية، لتبدأ رحلة السير لمسافة كيلو متر لتصل إلى قرية برطس، أو أثنان كيلو متر لتصل إلى مركز المناشي، من أجل الحصول على رغيف العيش.

«احنا عايشين من غير عيش».. هكذا استهلت أحدي سيدات جزيرة القرطيين الحديث عن قلة الخبز، مؤكدة خلو الجزيرة من أي مخبز منذ أن تزوجت بها، وتتكبد كل يوم عناء الذهاب إلي مركز المناشي، والذي يبعد حوالي كيلومترين عن الجزيرة.


وتوضح أن لها ثلاث أبناء، عليها أن توفر لهم الخبز لأنه وجبة أساسية خاصة بعد غلاء الأسعار لا يمكنها استبداله بالأرز، وعند التفكير في شراء الدقيق لعمل عيش بلدي في البيت، تجد معاناة أكبر في نقل الدقيق من البلد المجاورة.

وتلتقط سيدة أخري اطراف الحديث، وتشير إلى طفل معها وتقول: «عيل صغير زي دا لما بيحتاج ياكل مش بعرف أعمله سندوتش لو كنت تعبانة ومقدرتش اروح اشتري عيش».. مؤكدة أنها تستقيظ كل يوم وتقوم بأعمال المنزل وتذهب إلى السوق في بلدة مجاورة؛ لتبيع بعض الخضروات ثم تتجه إلى المخبز لشراء الخبز والعودة إلى الجزيرة: «لو فيا حيل بعد شغل الغيط والسوق بجيب العيش.. لو مفيش فيا حيل بروح».


الحاجة صبحيه، أكبر سيدة في الجزيرة، لم يتبقي أحد من أسرتها، فمنذ توفاهم الله تعيش وحدها، وتقطع السيدة العجوز نفس المسافة مرتين في الأسبوع على الأقل، فتأخذ القارب وتسير بين دهاليز الزراعة ثم طريق طوله اثنان كليومتر: «لو معملتش كدا اموت من الجوع».

وتضيف أن أيام كثيرة تمر دون الذهاب لإحضار الخبز، ويرفض صاحب البقالة التموينية استبدال العيش بالسلع التموينية، ولا يصرف لها إلا مواد بحوالي خمسة عشر جنيه حتي لو كان لها من الخبز مبلغ أكثر من ذلك.

رجل في الثلاثينات من عمرة يدعي محمد ربيع، قال إنه حاول مرارًا التواصل مع المحافظة لإنشاء بقالة تموينية ومنفذ بيع العيش المدعم، إلا أن جميع محاولته باءت بالفشل بسبب شروط تعجيزية وضعتها المحافظة ووزارة التموين كان أخرها سداد رسوم قبل البدء في افتتاح البقالة، تقدر بنحو مائة ألف جنية.

وأن كل محافظ يأتي لزيارة المكان ويقدم وعود لم تنفذ، والجزيرة لم يطرأ عليها أي تغيرات منذ حوالي 300 سنة، وأيضا وعود يقدمها أعضاء مجلس النواب قبل الانتخابات طمعًا في أربعة ألاف صوت هى عدد أصوات أهالى الجزيرة.